jeudi 5 avril 2018

غيرُ مختصٍّ في الفلسفة، سأحاول تناولَ موضوعٍ فلسفيٍّ، أعتبره سمّاعةَ طبيبٍ لا تخطئ قيسَ نَبْضِ واقِعِنا العالَمي اللائنساني. مواطن العالَم


(La relation entre l`Être et l`Avoir)
كل السر يكمنُ في هذين المفهومَينِ، أصِرّ على كِتابتِهما باللغةِ الفرنسيةِ، استلفتهما من فيلسوف حمام الشط حبيب بن حميدة وأثثتهما بمعرفتي المتواضعة جدًّا بالفلسفةِ: أكونُ أو الوجودُ (l`Être) أو يكون رأس المال، الرأسمالية، إنجازاتُها الماديةُ والثقافيةُ، بنوكُها، مُضارَباتُها في البورصة، مِلكيتُها المبنيةُ على استغلالِ العمالِ، بالمختصر كل الـ (l`Avoir) الذي يخصها. كلما كَبَحنا الثاني ازدهرَ الأول، مدّ ساقَيه، وحقق ذاتَه.


للأسف لا نجدُ في لغتِنا العربيةِ ترجمةً قصيرةً وبليغةً لهذين الفِعليْن (Être et Avoir). يبدو لي أنه من السهلِ عليَّ تعليلُ عدمِ وجودِ ترجمةٍ للأول (Être): لا وجودَ للفردانيةِ (L`Individualisme) في ثقافتِنا العربيةِ-الإسلاميةِ، شيءٌ قد يكون سلبيًّا (لا نولِي اهتمامًا كبيرًا لعِلمِ النفسِ) كما قد يكون إيجابيًّا (قبل مصلحةِ الفرد نُقدِّمُ افتراضيًّا مصلحةَ العائلةِ الموسعةِ، القبيلةِ، الجماعةِ، والأمةِ العربيةِ والإسلاميةِ).


يبدو لي أن (l`Avoir) ليس كله شرًّا في حدِّ ذاته بل هو الخيرُ كله لو وُظِّفَ لفائدةِ (les Êtres, tous les Êtres ). لكن للأسف الشديد نحن نرى اليوم وفي العالَم أجمع (للأسف كله اليوم رأسمالي) أن (l`Être) أصبحَ في خدمةِ (l`Avoir)، أي أصبح تابعًا له (l`Être est totalement aliéné à l`Avoir)، رغم أن إعادةَ أنسنةِ الإنسانيةَ (Edgar Morin: Il faut réhumaniser l`Humanité) تقتضي العكس، أي أن يكون (l`Avoir) في خدمةِ (l`Être) أو لا جدوى من وراءِ اكتسابِه وتطويرِه.


وللتدليلِ على وجاهةِ استنتاجي الأخير (Non seulement, l`Avoir n`est plus au service de l`Être, mais il est devenu nuisible à l` Être lui-même, à son bien-être, et à la nature, matrice et utérus de l` Être )، سأستشهدُ ببعض الأمثلة المُسْتَمَدَّةِ من الواقعِ التونسيِّ والعربيِّ:
1. معمل الصناعات الكيميائية بڤابس (l`Avoir du capitalisme international par excellence)، يبدو لأول وهلةٍ أنه مشروعٌ رائدٌ: حداثةٌ، تصنيعٌ، تنميةٌ، تشغيلٌ، تصديرٌ، ونهضةٌ. لكن لو دققنا في تداعياتِه بعد مرورِ عقودٍ على تشغيله، فسنرى وبالعينِ المجردةِ أن سلبياتَه تفوقُ بكثيرٍ إيجابياتَه: تلويثٌ شاملٌ وقاتلٌ، للثروة السمكية بخليج ڤابس بسبب الفوسفوجيبس المَرمي في البحرِ، للواحة وصحة المواطنين بسبب فضلاته الغازية الكبريتية وغيرها المبثوثةِ في الجو دون تصفيةٍ. الحصيلةُ: (l`Avoir) هنا، كادَ أن يقتلَ (l`Être).
2. ثروةُ السعودية (عائدات النفطٌ والعمرة والحج)، أخذه أكبرُ إرهابيٍّ في العالم، اسمه ترامب. لو وُظِّفت هذه الثروة لتنميةِ العالَم العربي-الإسلامي لأصبح جنةً فوق الأرض. انظر ماذا فعلت دولة النورفاج بعائدات نفطها المكتشَفِ حديثًا (سنة 1975): لم تكتفِ فقط بتطوير بلدها، بل خصصت عُشرَ هذه العائدات وادخرتها في صندوقٍ من أجل الأجيالِ القادمة التي ستأتي بعد نفاذِ البترول النورفيجي.
3. مثالٌ عكسيٌّ وواعدٌ، تجربةُ جمنة (مسقط رأسي) في الاقتصاد الاجتماعي-التضامني: (l`Avoir public) في هذه الحالة كان ولا يزالُ على ملك الدولة التونسية، أقيمَ على أرضٍ جمنيةٍ اغتصبها معمِّرٌ بلجيكيٌ سنة 1912، ويتمثل في واحةٍ تحوي اليوم عشرة آلاف نخلة منتجة لِدڤلة نور. قبل الثورة كان هذا (l`Avoir public) يُنهَبُ من قِبل مستثمرٍ رأسمالي واحدٍ فاسدٍ عن طريق عقدِ كراءٍ فاسدٍ. بعد الثورة، استرجعه الأهالي ووظفوا عائداتَه لخدمة الصالح العام (سوق بلدية مغطاة، قاعات دروس ووحدات صحية في مدرستين، قاعة رياضة مغطاة بالمعهد، سيارة إسعاف شبه مجانية للبلاد وأحوازها، إلخ.). نجح الجمنيون في تصحيح دور (l`Avoir public) في المجتمع، وحوّلوه من دورٍ سلبيٍّ (l`Avoir public au service d`un seul Être, la définition même de la corruption) إلى دورٍ إيجابيٍّ (l`Avoir public au service de la communauté, la définition même de l`économie sociale et solidaire ).


إمضائي
"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
"لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين، بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد" مواطن العالَم
"وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا" (قرآن)
Les vices privés des capitalistes décideurs ne feront jamais la vertu publique du peuple gouverné


تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الجمعة 6 أفريل 2018.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire