الثورةُ لحظةُ انبثاقٍ مثل تجربة جمنة. ولا
يمكن لانبثاقٍ أن يشبهَ انبثاقًا سبقه أو لحقه أو سيلحقه. ومَن رفضَ الثورةَ فهو
شخصٌ كبّله وعيُه الإيديولوجيُّ، وكلما ارتفعَ هذا الوعيُ غير النقديِّ عند الفرد
كلما قَلَّ فعلُه وسَجَنَ حاملَه داخل براديڤمٍ ثوريٍّ مَحَنَّطٍ. حاملُه، الإنسانُ
المؤدلَجُ، رفضَ المولودَ (الثورة) وهو عَمُّ الوَلَدِ أو الوالِدُ نفسُه، وكأني
به كان ينتظرُ أن يكون الولدُ نسخةً من أبيه، متناسيًا أن كل ما يأتي بعد الثورة
فالثورة ليست مسئولةً عنه.
الثورةُ وضعتْ ويكفيها شرفًا أنها وضعتْ. وهل الوضعُ
مهمةٌ سهلةٌ؟ وهل يرجعُ المولودُ إلى رحمِ أمِّهِ حتى ولو أنكرهُ الناسُ جميعًا؟
ماذا وضعتِ
الثورةُ؟
وضعتْ الحريةَ، وما أدراك ما الحريةُ، كلية من كليات الفلسفة
والفكر الإسلامي. الحريةُ كالماءِ تجعلُ مِن كل فردٍ منا بشرًا حرًّا... حرًّا غير
مقيَّدٍ من الداخلِ. أما إزالةُ قيودِ الخارجِ، فتلك هي مهمةُ الفردِ الحرِّ وليست
مهمةَ الثورةِ. الثورةُ أنْجَزَتْ
مهمتَها، فانْجِزْ أنتَ مهمتَكَ. ولو كانت الحريةُ تُقايَضُ بالتنمية
الاقتصاديةِ، لَمُجِّدَ ستالين، صاحب أعظم إنجازاتِ مادية في تاريخ الاتحاد
السوفياتي.
إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ"
جبران
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 18 أفريل 2018.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire