vendredi 20 avril 2018

أيها الموظفون العموميون، ها هو عدوّكم السياسي.. الشاهد! مواطن العالَم



حكومةٌ تخلطُ خلطًا كبيرًا بين ربحيةٍ (Rentabilité) تخدمُ جشعَ وأنانيةَ بعض رجال الأعمال وفعاليةٍ (Efficacité) تخدم كل الشعب.
حكومةٌ تريد نزع شرعية الدولة الاجتماعية أكثر فأكثر (L`État social). الدولة التي كانت بمثابة طوق النجاة لعدة أجيال منذ الاستقلال إلى يومنا هذا. وفّرت لها مِصعدًا اجتماعيًّا (Ascenseur social)، مِصعدٌ شبه سحريٍّ مكّن الملايين من التونسيين من الارتقاء اجتماعيًّا من طبقةٍ إلى طبقةٍ أفضل ماديًّا.
ماذا فعلت حكومة الشاهد؟
 حكومةٌ كريمةٌ مع الأغنياء: أعفتهم من الضرائب والديون وقضايا الفساد المتخلدة بذمتهم، طبّقت قانون المصالحة وأعفت أصحاب النزل من ديونهم في خلاص الماء والضو.
حكومةٌ بخيلةٌ مع الأساتذة: رفضت الدخول معهم في مفاوضات إلا بشرطٍ. لو فرضنا جدلاً أن الجامعة العامة للتعليم الثانوي (اليعقوبي) تدافع عن منظوريها الأساتذة فقط فهذا دورها التي انتُخِبت من أجله، والمفروض أن تكون الحكومة أكبر مدافعٍ عن المصلحة العامة التي تضم مصلحة الأساتذة والتلامذة والأولياء في آن.
حكومةٌ تحاول صرف الانتباه عن دور الأساتذة النبيل وتسعى لشيطنتهم عوض أن تسعى لشيطنة الفاسدين في رجال الأعمال ورجال السياسة.
حكومةٌ تشجع المدرسين الأكفاء على التقاعد المبكر لتعوّضهم بنوابٍ وقتيينَ بعقدٍ مُهينٍ ماديًّا ومعنويًّا.
حكومةٌ تلعبُ بالنار أي بمستقبل أبنائنا وأبناء أبنائنا.
حكومةٌ تبشر بانتهاء زمن الكفاءة وقدوم زمن الرداءة في كل المجالات (التلفزة، الفن، الإدارة، إلخ.).
حكومةٌ تشن حربًا صليبيةً ضد كل موظفي القطاعات العمومية (التعليم، الصحة، الصناديق الاجتماعية، السكك الحديدية، الفوسفاط، البنوك العمومية، وكالة التبغ والوقيد، إلخ.).
يبدو أن الشاهد "مزروب"   أكثر من محسن (Il veut aller plus vite)!
يبدو أن الشاهد أخذ تفويضًا من البنك العالمي، صندوق النقد الدولي، الدوائر المالية المحلية والخارجية، السمينة منها والغثة، الدساترة المذنبين في حق الشعب التونسي، المتملقين من الإعلاميين، وأخيرًا وليس آخرًا،  المتسلقين في مجال الأعمال، قَدَرُهُ لا مهرب له منه، بيئتُه التي تربّى وترعرع فيها. مفوضوه-مرشحوه-مساندوه يعرِفونه جيدًا ويعرِفهم جيدًا لذلك يثقون فيه. نحنُ الموظفون العموميون، لمْ نرشّحه، لمْ ننتخبه، لمْ نفوّضه، لمْ.. لا ولن نساندَه (الشعب وخاصة الأساتذة)، لا نعرِفه ولا يعرِفنا لذلك لا نثق فيه.

ملاحظة 1: للأمانة العلمية، مقالي هذا مستوحَى من مقالٍ نُشِرَ في لوموند ديبلوماتيك أفريل 2018، تحت عنوان "أيها الموظفون، ها هو عدوكم". كُتِبَ حول حكومة ماكرون الفرنسية، وداعمُ الحكومتين  -الفرنسية والتونسية  - واحدٌ، الموجِّه واحدٌ والمستفيدُ الوحيدُ واحدٌ، هو أو هي "الدوائر المالية الرأسمالية العالمية" التي لا يهمها إلا مصلحتها الربحية الجشعة الأنانية حتى ولو تمت على تهميشِ مصلحةِ ملايين العمال والموظفين الفقراء في القطاع العمومي والقطاع الخاص.
ملاحظة 2: للأمانة الأخلاقية، خلال حياتي المهنية كأستاذ في المعاهد التونسية (30 عام) أشرفتُ على جميع الإضرابات التي وقعت في المعاهد التي درّستُ بها، بوصفي على التوالي: مندوب نقابي، عضو نقابة جهوية، كاتب عام نقابة أساسية، نقابي قاعدي. بعد التقاعد غيّرتُ موقفي من الإضراب 180 درجة وأصبحتُ أحرّمه نظريًّا في كل القطاعات العمومية - بما فيها التعليم - خوفًا على المصلحة العامة، لكنني وفي نفس الوقت لا أحرّم كل الاحتجاجات النضالية الأخري: موقفٌ أعتبره فكريًّا موقفًا سليمًا. المفارقة الكبرى أنني لو كنت اليوم أستاذًا مباشرًا لأضربتُ - ودون ترددٍ ولو لِلَحظةٍ - مع زملائي ضد الشاهد عدو القطاع العمومي نصرةً للقطاع العمومي، قضيةٌ أكبر بكثير من مصلحة الأساتذة وأكبر بكثير أيضًا من مصلحة التلامذة، مصلحةُ شعبٍ بأكمله بأجيالِه المعاصِرة وأجيالِ المستقبلِ، و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" (جبران).

ملاحظة 3: ابني، تلميذ مرسّم بالسنة أولى ثانوي، سنة التوجيه التمهيدي.

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، السبت 21 أفريل 2018.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire