كالعادة،
القواعدُ تزرعُ والبيروقراطيةُ تحصدُ!
ماذا زرعت
القواعد الأستاذية؟
زرعت أملاً في
مناهضة الخوصصة حفاظًا على القطاع العام؟
ماذا حصدت
بيروقرطية الاتحاد المركزية والجهوية (المكتب التنفيذي الوطني والهيئة الإدارية)؟
-
حصدت تعزيز موقفها داخل الاتحاد بفرض سيطرتها
على أقوى نقابة في الاتحاد (نقابة الثانوي): سياسة "اضربْ الكبيرْ يستحي
الصغيرْ".
-
عززته أيضًا في وثيقة قرطاج وكأنها تقول
للسبسي:
·
أنا خادمٌ مطيعٌ، إذن أنا شريكٌ جيدٌ، ولن
تستطيع تمريرَ سياسَتِك اللاشعبية دون دونِيّتي مسنودةً بِـ"بونِيَّتِي".
·
أنا المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد
"أكبرُ عميلٍ في البلاد".
·
أنا جيشُك الاحتياطي.
·
أنا مدرسةٌ عريقةٌ في تخريج الإطارات
الحكومية العليا من وزراء، قناصل ومديرين في شتى الميادين.
·
أنا اليدُ الحديديةُ الوحيدةُ القادرةُ على إذلال وإخضاع القطاعات المتمردة وكسرِ إرادتها
النضالية وكبحِ جماحِها الثوري (أعني بها القطاعات المناضلة المعارضة والمتضررة
حقًّا من إملاءات الدوائر المالية العالمية كقطاعات الثانوي، الابتدائي، الصحة،
المناجم، النقل، البريد، إلخ).
-
نفاقًا للأساتذة،
قال لهم الطبوبي بعدما ألغَى إضرابهم: "لو لم تحصلوا على حقوقكم، أنا مستعد
لإسنادكم بإضرابات قطاعية مسانِدة". أقول له مدلِّلاً على نفاقه: لو كنتً
صادقًا فلماذا لم تفعلها وتسندهم خلال إضرابهم؟
-
يبدو اليوم واضحًا للعيان
أن الطبوبي كان، خلال إضرابنا، يطوف الجهات هو وزبانيته، ليس لمساندة الأساتذة بل
لذبحهم بسكينٍ كليلةٍ. كان في جولاته ينسّق مع المكاتب التنفيذية الجهوية، ويهيئها
لتقبّلِ قرار الهيئة الإدارية الوطنية المتمثل في إلغاء إضراب الأساتذة. رَبَّتَ الخبيثُ على كتفِنا وصفعنا صفعةً
أرجعتنا إلى نقطة الانطلاق أو قبلها قليلاً، ووَصَلَ به الصلفُ إلى تهديد أعضاء
نقابتنا الوطنية بالتجميدِ لو لم يلغوا قرار حجب الأعداد. يا له من داهيةٍ انتهازيٍّ!
ماذا جَنَى الأساتذة من إضرابِهم؟
-
جَنَوْا خيبة الأمل
ومرارة الخيانة المتكررة من المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد. لذلك أقول لهم: "لو
لدغني الجحر مرة، فتبًّا له، ولو لدغني مرات فتبًّا لي وألف تبّ".
-
لم يُضِف الإضرابُ المفتوحُ إلى حركتِهم
شيئًا، دخلوه حاجبين الأعداد وخرجوا منه مثلما دخلوه أول مرة أو أضعف والوزارة
ثابتة على موقفها (لا تفاوض قبل إرجاع الأعداد).
-
أثبت الإضراب أن
قرار نقابة الثانوي لا تملكه هياكلها القطاعية المنتخبة بل يملكه المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد، والدليل
القاطع أن هذا الأخير هو الذي قرر استئناف الدروس وإرجاع الأعداد دون استشارة
الجامعة العامة للتعليم الثانوي. فعلٌ مُهينٌ وجرمٌ مُشينٌ أتاه الميم تاء الوطني في
حق 70 ألف أستاذ: خاننا، ذلّنا، حطّم كِبرياءَنا، كسر طموحَنا، صَغَّرَنا في عيون
تلامذتنا وعيون الشعب، دفن آمالَنا في غدٍ أفضلَ، شَمَّتَ فينا "اللِّيَسْوَى
واللِّمايَسْواشْ".
ملاحظة للتاريخ: موقفي المناهض لِبيروقراطية
الاتحاد (أعضاء المكتب التنفيذي الوطني وجميع أعضاء المكاتب التنفيذية الجهوية)
ليس موقفًا وليد الأزمة الأخيرة، بل هو موقفٌ نضاليٌّ مبدئيٌّ ثابتٌ منذ انخراطي
في النقابة سنة 1976 بغار الدماء، موقفٌ مارستُه علنًا، وإن لم تصدقوني اسألوا عني
قاعة الأساتذة بمعهد برج السدرية وقاعة الاجتماعات بمقر الاتحاد الجهوي ببنعروس من
عام 1990 إلى حدود إحالتي على التقاعد سنة 2012. موقفٌ لا أعممه على كل أعضاء
الميم تاء الوطني الحالي، ولي فيه أربعةُ أصدقاء أستثنيهم من الخيانة والعمالة، أبادلهم
الاحترام لأشخاصهم وليس لصفاتهم. موقفٌ لا يمس في شيء من نضالية النقابيين
الصادقين في القواعد والنقابات الأساسية والجهوية والوطنية، وهم عماد الاتحاد وبهم
أصبح وعن جدارة أكبرُ قوّةٍ في البلاد، وهم الأساس والأكثرية طبعًا.
خاتمة: قال أحدهم (والله لا
أعرف اسمه ولو عرفته لأضفته): "ضحّوا بالجنين لإنقاذ الأم" (الجنين:
نقابة الثانوي، الأم: الميم تاء الوطني. الطبيب، أجنبي: BCE).
طُرفةٌ وقعتْ، والله العظيم
وقعتْ: حُلُمْتُ البارحةَ أنني واقفٌ أمام معهدي السابق وأنا مُجَرَّدٌ من ثيابي،
ما عدى الداخلية منها. عشتُ كابوسًا فضيعًا.
الله يهلكك يا طبوبي حشمتني
وفضحتني أمام تلامذتي وزملائي القُدامَى!
إمضائي
"إذا كانت
كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 25 أفريل
2018.