samedi 9 décembre 2017

استشهادات بسيطة لكنها معبّرة، أقتبستُها من التراث الإسلامي القديم والمعاصر، وقلتها اليوم صباحًا في مقهى الشيحي بحمام الشط، رويتها كما أفهمها كيساري غير ماركسي وغير منتمٍ حزبيًّا ولا متعصِّبًا إيديولوجيًّا. مواطن العالَم

أبدأ بِخاتَم الأنبياء صلى الله عليه وسلم:
- "دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض"، أي أن أسباب دخول الجنة أو النار علمها عند الله، ولا تُقاسُ بمقياس المنطق البشري المحدود ولا بمقياس تجار الدين أو دعاته المسلمين الأغبياء. 
- محمد الشعراوي: "حديث رسول الله لمّا مرّت جنازة يهودي، أخذ الرسول يبكي، فقالوا ما يبكيك يا رسول الله، قال نفسٌ أفلتت منّي إلى النار". لاحِظ أن الرسول لم يستشرف مسبقًا ساعة اليهودي، ولم ييأس من هدايته إلا بعد وفاته، فَرَقّ قلبه وبكى أسفًا لأنه لم يقدر، حسب عقيدته، على إنقاذ نفسٍ بشريةٍ من النار.

استشهادات أخرى:
- الفيلسوف الفرنسي، المرحوم روجيه ڤارودي، أسلم وعمره 69 عامًا بعد ما كان شيوعيًّا قياديًّا، أي بابُ الرب واسعٌ ومفتوحٌ على مصراعيه، واعَجَبِي من جل إسلاميِّ تونس الذين يجتهدون في تكفير يساريِّ تونس وعَلمانِيّيها وتنفيرهم من دينهم، الإسلامُ غير السياسي. يبدو لي أنه لا يحق للإسلاميين التونسيين أو غيرهم فعل ذلك، ولا عذرَ لهم حتى ولو كان ردُّ فعلٍ وليس فعلاً، والبادئُ اليساريُّ، لو تهجّم عليك في عقيدتك، طبعًا أظلمُ، لكن المُجيبَ الإسلاميَّ، في هذه الحالة، أظلمُ هو أيضًا. فهل يصحّ أو يحق لهم، الإسلاميون التونسيون، أن يكفّروا تونسيًّا اعتنق سياسيًّا الماركسية أو شَرِبَ حارة بيرّة في حانةٍ؟
- تراثٌ مشتركٌ بين المسيحية والإسلام، حكمةٌ سمعتها مرة من قِسّ ومرة من إمام: سيدنا إبراهيم الخليل أطرَد مرة من بيته ضيفًا شيخًا من عَبَدةِ النار فهاتفه الله مربِّيًا: صبرتُ عليه، وهو مشرِكٌ، سبعون عامًا ولو أردتُ لَقبضتُ روحه في أي لحظةٍ من حياته، وأنت يا عبدي لم تستحمله لليلة واحدة في بيتك، بيت الرحمان يقيه من برد الصحراء القارس.

- صديقي بكار عزوز، أجمَلُ النهضاويين روحًا على الإطلاقِ، قال لي مرة في مقهى الويفي بحمام الشط: أفضلُ هديةٍ عندي أقدمها للعالمين، غير المسلمين قبل المسلمين، هي الإسلامُ. وهل أستطيع أن أهادي مَن أكره؟ أجبته: طبعًا لا. أضافَ: قَدَرُ المسلمِ إذن أن يحبَّ الناس جميعًا، يهود، مسيحيين، ملحدين، عَلمانيين، شيوعيين، بوذيين، لاأدريين، بهائيين، عاصين، مثليين، إلخ. أي تسامحٍ وأي تفتحٍ هذا الذي أسمعُ... الله أكبر والحوت على صديقي الغالي!

- نفس الصديق، وهو أستاذ قرآن في باريس، قال لتلامذته، وهم من مختلف الأعراق: واجبٌ على كل مسلِمٍ أن يَبِرَّ بأمه حتى الممات ويخفض لها جناح الذل من الرحمة حتى ولو كانت أمه هذه مومسًا عاهرةً تبيع الهوى على أرصفة طرقات باريس ليلاً، وابنها ليس مطالبَا شرعًا بإدانتها أو حتى محاسبتها. أي دينٍ هذا التي تدرّسه لطلبتك وأي جرأة في الحق... لله درّك يا رفيقي في التنوير! كم أنا منبهرٌ بمواقفك لكن أوصيكَ وصية محبّ: لا تنسى أنني يساريُّ الهوى ولستُ نهضاويًّا مثلك، احذر حسّي النقدي ولا تركن إلى انبهاري المشروط والمؤقت دومًا بفعل الإبستمولوجيا التي درَستها في اختصاصي، وبفعل الأنتروبولوجيا التي تعلمتها أخيرًا من المفكرين الفرنسيين
، المتوفرةُ محاضراتُهم مجانًا في اليوتوب، وبفعل الفلسفة المتمردة التي قرأتها حديثًا عند ميشيل أونفري، الذي بعثتَ لي أنتَ كتبَه هديةً بطلبٍ مني ، الفيلسوف اليساري، التحرري غير الماركسي، الأناركي، البرودوني، النيتشوي، الملحد، هدّام الحضارة اليهودية-المسيحية ومُحطِّمُ أصنامِها من روبسبيار إلى ماركس، فرويد، لينين، سارتر، بوفوار، ميتران، ماكرون، ترامب، إلخ.

- سألته مرة: لنفرض جدلا أن الخلافة الإسلامية رجعت يومًا قويةً، فهل ستواصلون الفتوحات بالقوة؟ أجاب وهو "مبتسمٌ مذ عرفته": لن نفتح البلدانَ تبشيرًا بالإسلام، بل سنفعل ما تدّعي أمريكا أنها تفعله (نصرة الحق في كل أنحاء العالم) وهي في الواقع تفعل عكس ما تقول (تقتيل وتشريد في كل أنحاء العالم نصرة للباطل). ألم أقل لكم أن صديقي كائنٌ جميلٌ وفريدٌ من نوعِه؟

إمضائي
"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
"على كل مقال سيء نرد بمقال جيد" مواطن العالَم

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، السبت 9 ديسمبر 2017.
Haut du formulaire
Bas du formulaire


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire