هديةٌ إلى صديقي حُولَى النفطي، القَومِي الصادق والمخلص، بمناسبة عُرسِه الروحي "مظاهرة نُصرة القدس، اليوم بتونس العاصمة": الوحدة العربية، أملٌ ما زال ممكنًا، بل أصبح اليوم ضروريًّا ومُلِحًّا. مختارات من مقال لِـهشام علوي، باحث بجامعة هارفارد، ترجمة مواطن العالَم بِشيءٍ من التصرّفِ

إليكم بعض نقاطِ القوة التي أوردها الباحث في مقاله (احترامًا للمناسبة الطيبة، تركتُ قصدًا نقاط الضعف التي ذكرها نفسُ الباحثِ في نفس المقال):

أبدأ بِخمسِ ميزاتٍ مقارنةٍ متفرقةٍ ومتناثرةٍ في بعض الدول العربية:

1.     مائة مليون نسمة في مصر مقابل مليون ونصف في البحرين.

2.     السعودية، قطر، الكويت، العراق، الجزائر، ليبيا وعُمان، دولٌ سبعٌ تقع فوق بحرٍ من النفط والغاز، مقابل دولٍ في أشدِّ الحاجةِ للنفط والغاز مثل مصر، تونس، المغرب والأردن.

3.     دولٌ تشتكي من بطالة مئات الآلاف من حملة الشهائد الجامعية مثل مصر، تونس، المغرب والأردن، مقابل دولٍ تفتقد لمثل هذه العقول، مثل السعودية، قطر، الكويت، ليبيا وعُمان.

4.     دولٌ تنتج الغذاءَ وتصدّره للغرب مثل تونس المنتجة للزيت، الدڤلة والبرتقال، مقابل دولٍ تستورده من الغرب مثل دول الخليج.

5.     دولٌ تملك تجربةً كبيرةً في مجال السياحة مثل مصر، تونس والأردن، تجربةٌ قد تستفيد منها دولٌ ذات تراث سياحي غني ومتنوع لكنه غير مستغَل حاليًّا لعدة أسباب مثل السعودية، الجزائر، اليمن وعُمان.

استنتاج: يبدو لي أنه لو اجتمعت هذه المؤهلات الإيجابية الخمسة المذكورةِ أعلاه في اتحاد عربي (كالاتحاد الأوروبي) فقد تحثنا على إقامة سوق عربية مشتركة، وقد تساعدنا على الحدِّ من التبعية الاقتصادية للغرب - تبعيةٌ ذات شروطٌ مجحفةٌ، ظالمةٌ، مُذِلّةٌ ومُهينةٌ -، وقد تشجّعُ الاستثمار العربي في الدول العربية، وقد تُنمّي التجارة الأفقية البَينِية، مما قد يفتح أمامنا، نحن العرب، عصرًا من السلم الاجتماعي العربي، عصرٌ قد يُجبِر حكوماتنا الإقليمية على مزيدٍ من توخي الديبلوماسية لحل مشاكلنا الحدودية العالقة منذ عقود، ويجنّبنا الالتجاءَ المتسرّعَ والمُفرِطَ إلى استعمال العنف المسلح الذي لم يحلها بل زادها تعقيدًا مثل ما هو الحال البائس بين الجزائر والمغرب أو بين السعودية واليمن. وحدةٌ قد تفتح "بابًا للتعاون كان موصدًا" في مجال التزوّدِ بالماء الصالح للشراب والرّي، وفي مجال تلافي آثار الكوارث البيئية كالجفاف والتصحّر والجراد، وفي مجال استقبال اللاجئين العرب تفاديًا لتشردهم في الدول الغربية البعيدة عن أوطانهم.

يبدو لي أن فكرة الوحدة العربية هي فكرةٌ حُبْلَى بِطاقةٍ فوق عادية، قوةٌ تدفعنا إلى نشر مكتسباتنا الثقافية المشتركة، منها اللغة والتراث والدين والعادات الحسنة والتقاليد الموروثة القِيمية والقَيمة، ننشرها رغم أنف حكّامنا الانعزاليين، خاصة وقد أثبتت تجربة القومية العربية في عصرها الذهبي أيام عبد الناصر في أواسط القرن العشرين، حيث انتشرت في العالم العربي كالأوكسجين في الرئتين (وليس كالنار في الهشيم كما يُقال عادة)، انتشارُ، سريعٌ ومفيدٌ، للإيديولوجية القومية الوحدوية الناصرية - رغم هِناتها - ورغم الحدود المحميّة بالحديد والنار في زمنٍ لم تظهر فيه بعدُ الأنترنات ولا شبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر). بعد القومية جاءت ما يُسَمَّى خطأً بـ"الصحوة الإسلامية" أو "الإسلام السياسي"، انتشرت في العالم الإسلامي بنفس الطريقة الناجعة، أزاحت الحلمَ القومي، وحاولت أن تُرسِي مكانه - بلا جدوى والحمد لله - الكابوسَ الإسلاموي على أيدي السعودية السلفية الوهابية وعلى أيدي حلفاء الشيطان، حلفاؤها من الحركات الإسلامية المتطرفة المتعصبة والمسلحة مثل القاعدة، داعش، النصرة، أنصار الشريعة وبوكو حرام.

إنها الوحدة العربية المستقبلية والمحتملة جدًّا، إنها لَقادرةٌ على أن تستفيد من هذه التجارب السابقة بِغثها وسمينها، نَنقدها نقدًا ذاتيًّا شفّافًا وعلنيًّا، نُغربلها، نُصفّيها، ونُراوغ الحدودَ الغبيةَ المصطنعةَ، ونَصنعُ لأنفسِنا أمةً عربيةً موحدةً، وطنٌ عربيٌّ واحدٌ يطيبُ فيه العيش، وطنٌ ترجع إليه الأمخاخُ العربية المهاجرة قسرًا وهي تُقَدَّرُ بمئات الآلاف أو أكثر، وطنٌ تكون القدسُ عروسته-عاصمته.

رسالة خاصة: نلتقي يا عزيزي اليوم وبالأحضان أمام المسرح البلدي على الساعة الثالثة مساءً.

 إمضائي

"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو

"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

"على كل مقال سيء نرد بمقال جيد" مواطن العالَم

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الجمعة 8 ديسمبر 2017.

Source: Le Monde diplomatique, novembre 2017, « Urgence économique Impasse idéologique  L`espérance toujours vivante d`une unité arabe », par Hicham Alaoui, chercheur à l`Université Harvard, p. 22 et 23