"أن تحترموني" فهذا
ليس منّة منكم ولا مزية، بل هو واجب المعاملة بالمثل، لا أكثر ولا أقل. أنا أحترم
كل البشر، دون أفضلية أو تمييز، مهما اختلفت أفكارهم مع أفكاري، لكنني لا أحترم
أفكار البعض منهم، فالفكر ليس ملكية خاصة، بل ملكية عالمية عامة ومن حق أي كان أن
ينقده وينتقده.
هل تختلفون مع شخصي أو مع
الأفكار التي أكتبها وأنشرها وأغلبها مخالفٌ للسائد ومنقولٌ عن فلاسفة فرنسيين عِظام،
يساريين غير ماركسيين وغير معادين للإسلام؟ هم غير مسلمين ولم يُعادوه، أمطلوبٌ
مني أنا اليساري المسلم التونسي أن أعاديه، أن أعادي هويتي وشعبي وأقاربي وأمي وأبي
وأختي وأخي؟
إن كان الاختلاف مع شخصي فأنا
غنيٌّ عنكم وعن أمثالكم ولستُ داعية إلى دين أو فكر ولا يضيرني إن قرأني القليل
ويفرحني إن تابعني الكثير. وإن كان الاختلاف مع فكرة من أفكاري فلكم كامل الحرية:
عفسوها، رفسوها، شلكوها، كذبوها، ادحضوها، حطموها، ادفنوها إن استطعتم إلى ذلك
سبيلا! كيف؟ إذا بدا لكم مقالي سيئًا، ردوا عليه بمقال من عندكم جيد، مثلاً: قلتُ
في مقال سابق أن قراءة القرآن مفيدة وتجلب لصاحبها السكينة، وأنت لا ترى ما أرى،
فاكتب ما ترى ودع الورى لخالق
الورى دون أن تسبني وتشتمني فمن أنا جنب المبلّغِ والمؤسسِ خير
الورى؟ وأنا لستُ حافظا لآياته ولا حافظًا لكتابه، إن الله له باعث وإن له لَحافظ.
ألم تكفِكم الأدِلّة التالية على
استقلاليتي الفكرية:
-
سبع سنين مرت على الثورة ولم ينجح في استقطابي أي حزب أو
أي إيديولوجية أو أي جمعية؟
-
سبع سنين مرت على الثورة ولم أمدح أو أمجد أو أنتخب أي حزب،
بل نقدتهم جميعًا ولم أستثن منهم أحدًا.
-
سبع سنين مرت على الثورة وأنا دومًا أذكّر بهويتي
المفارِقة
(Identité paradoxale)،
متعددة الجذور، 100% يساري
غير ماركسي و100% عربي-مسلم، شاء المناوئون أم أبَوْا! سأل
أحدهم بكل لُطفٍ: ولِمَ الإصرارُ والتكرارُ؟ وبنفسِ اللطفِ أجيبه: لأن لا يقولوا
عني أنني مُندسٌّ في زمرة رفاقي الماركسيين
ولا في زمرة أصدقائي النهضاويين.
-
سبع سنين مرت على الثورة وأنا أحظى باحترام كبير من قِبل
بعض نهضاويي حمام الشط يقابله تجاهل كبير من قِبل جل جبهاووي حمام الشط، أمطلوبٌ
منى أن أذمّ الأولين وأمجّد الثانين؟ إرضاء كل الناس غاية لا تُدرَكُ! وكرامتي
الشخصية تأتي عندي قبل الإيديولوجيات جميعًا. أحترِمُك... احترِمني. لا تحترِمني...
أقاطعك حتى تعتذر (Le fameux blocage). سهلة جدًّا ولا تحتاج إلى
تفلسفٍ.
إمضائي
"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ
العمومية" فوكو
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك
فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
"لا أقصد
فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين، بل
أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد"
مواطن العالَم
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الخميس 21 ديسمبر 2017.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire