samedi 9 décembre 2017

تحديات طريفة، علمية ولغوية، حدثتْ لي في حياتي المهنية، كسبتُ جلَّها وخسرتُ بعضَها، أرويها اليوم للتفكّهِ، لا للتفاخرِ، عُمْرُ التبجّحِ فاتَ وولّى، وحلّ محلّه عُمْرُ التبصّرِ. مواطن العالَم

 1.     في إعدادية غار الدماء، 1976، دخلتُ مرة قسم زميلة علوم بعد خروج تلامذتها، وجدتُ الجملة التالية مكتوبة ًعلى السبّورة: (Le poisson rouge respire l`oxygène dissout dans l`eau)، قلتُ لها: (dissous) وليس (dissout). لم تصدقني، رجعت لِـ"الدِيكْسِيونّارْ" فاقتنعت.

2.     نفس التصويب قلته لزميلة لغة فرنسية، بنت "الميسيون"، في مدرسة مونتيسوري الخاصة بحمام الأنف، 2014. لم تصدقني، رجعت لِعدةِ "دِيكسِيونّاراتْ"، فلم تقتنع وناقشتني: الرسمان الاثنان صحيحان، لكن (dissout) أصبحت غير مستعملة (Orthographe inusitée)، فاقتعتُ أنا، صمتُّ وبلعتُ لساني.

3.     مع صديق الثانوي سابقًا ومدير أطروحتي التونسي، 2007:
- عرضتُ عليه رسالة أطروحتي وكان النص التالي، المأخوذ من جامعة كلود برنار، مكتوبًا على صفحة غلافها: 
Thèse en cotutelle, le 16 février 2007, à Tunis, présentée devant l’Université de Tunis & l’Université Claude Bernard Lyon 1
- قهقهَ وقال: ماذا يعني (
devant l’Université)، في الشارع يعني؟
- بكل برودة دم، أجبته: التعبيرُ سليمٌ لغويًّا وأتحدّاك أن تثبت العكس.
- بعد فراقنا بسويعات، هاتفني معترفًا.

4.     مع نفس أستاذة غار الدماء وفي نفس العام، وجدتُ الجملة التالية مكتوبة ًعلى السبّورة: (Le nerf sciatique de la grenouille est excitable mécaniquement et électriquement)، قلتُ لها: (et chimiquement). لم تصدقني، رفضت التدليل بالتجربة الذي اقترحتُه وأضافت: هكذا درَستها العام الماضي في كلية العلوم بالعاصمة. مَن درّسكِ بالضبط؟ الأستاذ فلان. في آخر الأسبوع، قصدتُ الكلية، اتصلتُ بالأستاذ المعني وسألته: هل درّستَ الطالبة الفلانية بتلك الكيفية الخاطئة؟ لا، لم أفعل. رجعتُ لزميلتي برأي أستاذها الموافق لرأيي وكفى المؤمنين شر القتال.

5. في مرة من المرات في مؤتمر علمي بالحمامات، وأنا أحاضر حول العين والنظر مذكّرًا بدور الأذن الداخلية والعصب الدهليزي في النظر (Le nerf vestibulaire, responsable de l`équilibre de notre corps dont l`oeil)، دخل أستاذ جامعي تونسي جَهْبَذْ ومختص في تدريس المخ البشري، أستاذٌ فخريٌّ (Professeur émérite)، قاطعني دون إذن وقال متوجهًا لي بالخطاب: ما تقوله يا سيد هو محضُ تدجيلٍ. صمتَ الحضور، بكمتُ ثم رجعتُ إلى مكاني والعرق يتصببُ من كل جلدي وجبيني. جاءني زميلي مواسيًا وقال: "عندما تختلف مع رب من ربوب العلم في الجامعة، شُكْ في معلوماتِكَ قبل أن تَشُكَّ في معلوماتِهِ". عند راحة الغداء، قصدتُ ضيفًا أجنبيًّا مشاركًا في المؤتمر، عالمًا فرنسيًّا في البيولوجيا، منتجُ علمٍ وليس ناقلَه مثل جل أساتذتنا الجامعيين، وسألته: هل أنا مخطئٌ أم الجهبذ؟ أجابَ: "ما قلته حول تدخل الأذن الداخلية والعصب الدهليزي في النظر، صوابٌ في صوابٍ". "عربي وأعطاه الباي حصان"، كشكار ونصيرُه العلم، "مجنونة وزغردوا في أذنِها". رجعتُ للقاعة وأخذتُ بثأري العلمي، التفاصيل ممنوعة على الأقل من 65 سنة. وفي لقاء آخر حضره صاحبنا وصرّح أمام الملأ بأنه يجهلُ علمَ الديداكتيك، اختصاصي، وأثناء راحة القهوة، تقدم نحوي وعرض عليّ سيجارةً، وكانت سيجارةُ الاعتراف بخطئه، اعتبرتها أعز سيجارةٍ مُنِحتْ لي في حياتي. رجعتُ إلى زميلي الذي واساني سابقًا وقلتُ له غاضبًا متبجِّحًا، في زمنٍ كانت فيه "الأغاني ممكنة"، أي في عمر الزهور المتفتحة (45س)، في الـ65، صفعني الكِبَرُ، صقلتنِي الأيامُ ونضبت البطاريةُ: "عندما يختلف أي أحدٍ علميًّا مع كشكار، شُكَّ في هذا الأحدِ قبل أن تشكّ في كشكار". وإلى لقاءٍ قادمٍ في نوادرَ كشكارية أخرى...

إمضائي
"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
"على كل مقال سيء نرد بمقال جيد" مواطن العالَم

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأحد 10 ديسمبر 2017.
Haut du formulaire


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire