samedi 23 décembre 2017

لا وجودَ اليوم لِحضارةٍ عالميةٍ، على الأقل الآن وعلى المدى المتوسط، إذن فلا وجود أيضًا لِمواطَنَةٍ عَالَمِيّةٍ؟ مواطن العالَم

المواطنة العالمية هي طموحٌ وليس واقعًا (Choisir d`être Citoyen du Monde, c`est choisir d`être une figure conceptuelle non réelle )، مثلها مثل الحرية، العدالة الاجتماعية، المساواة التامة دون تمييزٍ طبقيٍّ أو جنسيٍّ أو عرقيٍّ أو دينيٍّ أو لونيٍّ، حرية المعتقد، حقوق الإنسان، حقوق الطفل، حقوق الأقليات، الحق في الصحة والتعليم، الشفافية الكاملة، الانتخابات النزيهة، الديمقراطية المُثْلَى، إلخ.

في المقابل، لا يوجد فعليًّا في واقع البلدان غير الديمقراطية (تونس لم تعد من ضمنها منذ ثورة 2011) إلا البدائل السيئة في برامج جل الأحزاب (بما فيها التونسية الحاكمة والمعارِضة)، بدائل باءت بالفشلِ الذريعِ  في كل الأنظمة الكُلّيّانِيّة (Totalitaire) التي تُصادِرُ تمامًا الحرية الفردية (الفاشية، النازية، الفرانكية، اللينينية، الستالينية، الماوية، الوهابية السعودية، ولاية الفقيه الشيعية، الإخوانية المصرية، إلخ.)، وكل الأنظمة الكاريزماتية الاستبدادية (Despotisme charismatique) حيث المؤسس يحكم دون معارَضة (ناصر، بورڤيبية، إلخ)، المافيوزية البنعلية، الاستبداد الشرقي (Despotisme oriental) على شاكلة الخلافة الإسلامية التاريخية والموعودة ، الملوكية غير الدستورية المغربية والأردنية، إلخ.

السؤال: هل نقوم بثورة على الأنظمة الديمقراطية غير المُثْلَى، مثل نظام تونس؟
الجواب المقترح وليس النهائي: افرِض أننا قمنا بثورة في تونس، فما هو البديل؟ كل البدائل المطروحة أعلاه هي أسوأ من واقعِنا اليوم رغم هِناته المتعدّدة، ولو كان بديلُكَ أسوأَ من واقعِكَ، فاتركْ بديلكَ دون أسفٍ أو تردّدٍ، وابتكِرْ مستقبَلَكَ على ضوءِ حاضِرِكَ.
الحل المقترح وليس الأصوب: النضال السلمي من أجل تحسين الواقع الديمقراطي السيئ تدريجيًّا إلى دولة القانون والمؤسسات باستعمال الوسائل الديمقراطية المُتاحة والمبتكرة.

خاتمة: إذا لم أكن مواطنَ العالم، فمَن أكونُ إذن؟
في الواقع، عِرقِيًّا وجِينِيًّا أنا عربي- أمازيغي، قَبَليًّا وفي تونس شِتْوِي تربّى في قبيلة الحوامد وفي العالم اكتشفتُ أخيرًا قبيلة تحمل لقب كشكار وتتواجد في عدة بلدان مختلفة الثقافات (الجزائر، سوريا، تركيا، روسيا، كازاخستان، إلخ.)، جهويًّا جمني، وطنيًّا تونسي، قوميًّا عربي، لغويًّا وثقافيًّا عربي-فرنسي، فكريًّا يساري غير ماركسي، عَلمانيًّا على الطريقة الأنڤلوساكسونية المنفتحة على الدين أكثر من اللائكية الفرنسية، سياسيًّا اشتراكي-ديمقراطي وأفضلُ الأنظمة عندي هي الأنظمة الاشتراكية الديمقراطية الأسكندنافية، حضاريًّا مسلم، أخلاقيًّا أستبطِنُ القانونَ الإلهيَّ وأطبّقُ القانونَ الوضعيَّ، أما عقائديًّا فيبدو لي أنه مِن العبثِ أن تَسَلْ، لأنك أولاً لن تظفرَ بالخبرِ اليقينِ، وثانيًا لأن العقيدةَ هي علاقة أفقية مع الرب ولا وساطة فيها لأحدٍ ولا حتى للرسول محمد نفسه صلى الله عليه وسلم، الله وحده "عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ" وهو وحده لا غيره القادرُ على تقييمِ عقيدتَكَ تقييمًا عادلاً وهو سبحانَه المحاسِبُ الوحيدُ الفريدُ، حسابُه - من لطفِه ومن حسن حظنا - مُؤَجَّلٌ إلى يوم القيامة، مُهلةٌ منحها الله حتى لعدوه الشيطان نفسه. وجوديًّا، أنا إنسانٌ يطمحُ إلى "إعادة أنسنة الإنسانية" على حد تعبير الفيلسوف الفرنسي العظيم إدڤار موران.

إمضائي
"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
"لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين، بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد" مواطن العالَم

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، السبت 23 ديسمبر 2017.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire