mercredi 20 décembre 2017

حاولَ الحداثيون العربُ (ليبراليون متوحّشون وقوميون شوفينيون ويساريون منبَتّون وسلفيون جهاديون إرهابيون) تجفيفَ ينابيعَ الحضارةِ العربية-الإسلاميةِ، فجفت ينابيعُهم وهم لا يعلمون، وأينعت ينابيعُ الحضارةِ العربية-الإسلاميةِ وهم يتجاهلون؟ ترجمة مواطن العالَم

ملاحظة منهجية: هذا تحليلٌ وصفيٌّ لحالةٍ وليس حُكمًا نهائيًّا على حالةٍ، وهو ليس من بَناتِ أفكاري بل هو من تأليفِ عالِم سياسة وتاريخ أمريكي الجنسية، اسمه صمويل هنتنڤتون، وهو ليس مسلمًا ولا يساريًّا وربما قد يكون معادِيًا للإسلامِ واليسارِ أصلاً!

نص هنتنڤتون: "أفَلَ نجمُ المركزية الأوروبية (L`eurocentrisme) وبَرَزَ في عالَم اليوم تعددُ الحضارات.  توقف مدُّ التوسع الغربي الاستعماري الكلاسيكي، انتشرت الانتفاضاتُ ضد الغربِ، وأصبحت المجتمعات غير الغربية فاعلةً في إعادةِ تشكيلِ تاريخِها وتاريخِ الغربِ نفسه.

كل الإيديولوجيات السياسية التي سادت في عالَم القرن العشرين، كلها كانت صناعةً غربيةً: الليبرالية، الاشتراكية، الأناركية (L`anarchisme)، هيمنة النقابات والجمعيات (Le corporatisme)، التيار المحافظ (Le conservatisme)، الماركسية، الشيوعية، الاشتركية-الديمقراطية، القومية، الفاشية، الديمقراطية المسيحية، (إضافة م. ع: اللينينية، الستالينية، الصهيونية، النازية).

أما الحضارات الأخرى ودون استثناء (إضافة م. ع: الإسلام، الهندوسية في الهند، الكونفوشيسية في الصين، البوذية في سيريلانكا وتايلاندا واليابان، إلخ.) فهي لم تُنتِج أي إيديولوجيا سياسية مهمة، لكنها في المقابل، وتاريخيًّا قبل الغربِ، أبدعت أديانًا مختلفةً، أرضيةً وسماويةً، دياناتٌ لا زالت مؤثرةً في واقعنا اليومي المَعِيش مثل الهندوسية، البوذية، اليهودية، المسيحية، الإسلام والبهائية.

في أواخر القرن العشرين، بدأ الغربُ يفقدُ بعضَ سيطرته على العالَم ومعه خبأ إشعاعُ إيديولوجياته كلها، مما فسح المجالَ واسعًا ورَحْبًا أمام صعودِ نجومِ الهويات الدينية والقومية والثقافية (إضافة م. ع: مثل الإسلام في ربوعنا والأكراد والأمازيغ والحوثيين والزَّيْدِيين والأشوريين، إلخ).

فكرةُ "فصل الدين عن السياسة"، فكرةٌ موروثة عن اتفاق "ويستفالي"،
Wikpédia : Les traités de Westphalie (ou paix de Westphalie), le 24 octobre 1648, concluent la guerre de Trente Ans et la guerre de Quatre-vingts Ans entre catholiques et protestants. Ils sont à la base du « système westphalien », expression utilisée a posteriori pour désigner le système international spécifique mis en place, de façon durable, par ces traités
فكرةٌ بلغت نهايتَها، فكرةٌ نموذجيةٌ من إنتاجِ الحضارة الغربية بامتياز (إضافة م. ع: فكرةٌ ورثها اليسار العربي عن فكر ماركس وبعض فكر الثورة الفرنسية التي رفعت شعارَ "شَنقُ آخر بورجوازي بأمعاء آخر قس"- « pendre le dernier bourgeois avec les tripes du dernier curé »). وكما كتب ادوارد مورتيمار: "بدأ  الدين شيئًا فشيئًا يغزو الساحة العالمية وبِخُطًى حثيثةٍ"، وبدأت معه تخبو جذوة صِدام الإيديولوجيات السياسية، تاركةً المكانَ فسيحًا أمام صِدام الثقافات والأديان (إضافة م. ع: الصدام الديني بين اليهودية مجسمةً في إسرائيل والإسلام مجسمًا في العالم العربي، الصدام المذهبي بين الشيعة والسنّة في العراق والبحرين وسوريا واليمن، أو الصدام القومي بين الأكراد والعرب في العراق وبينهم وبين الأتراك في تركيا، إلخ.).

في عشرينيات القرن الماضي سادَ العالَمَ قطبٌ واحدٌ، ثم في الستينيات انتقلت جغرافيا العالَم إلى مفهوم العوالم الثلاثة (إضافة م. ع: "الحر" و"الشيوعي" و"عدم الانحياز")، وانتهت في الثمانينيات إلى تعدد الأقطاب (إضافة م. ع: الكاتوليكي، البروتستانتي، الأرتدوكسي، الصهيوني، الهندوسي، البوذي، الكونفوشيوسي، السنّي، الشيعي، إلخ.). واليوم، أصبحت كل حضارة، وأولها الغربية، تعتبر نفسها محور العالم ومركزه، وشرعت في إعادة صياغة تاريخها بطريقةٍ دراميةٍ وكأنه الحدثُ الأبرزُ في تاريخ الإنسانية جمعاء. منذ زمان، تفطّنَ المختصون في التاريخ  إلى هذا التعدد الثقافي، وعابوا على الغربيين أوهامَهم وأفكارَهم المسبقَة وقِصرَ نظرهم (Spengler 1918, Toynbee 1934, Braudel 1969)، الغربيون الذين أصرّوا على تقسيم التاريخ إلى مراحل، قديم وقروسطي وحديث، مراحلٌ لا تصلح إلا للغرب (إضافة م. ع: مثلا القروسطي عندهم مظلم، وهو يتزامن معه عصرنا العربي-الإسلامي الذهبي
 -VIIe S ap. J. C - XIIe S ap. J. Cs
الغربيون الأنانيون الذين عن خلق العالم كله يتكبّرون، ويُسَمُّون خطأً حضارتَهم الخاصة بـ"الحضارة العالمية"، ولإسهاماتِ باقي الحضارات ظلمًا ناكرون، وكل الاكتشافات العلمية لأنفسهم ناسِبون، ولثروات الشعوب هم ناهبون ولها محتكرون، وعلى الدول الضعيفة حروبًا استباقيةً مشِنّون، ولدولة إسرائيل العنصرية هم باعثون منشِئون ولها تعصبًا داعمون، الله يهديهم إلى صراط  إعادة أنسنة الإنسانية)". انتهى النقلُ.

خاتمة: كمسلم ويساري غير ماركسي ومواطن العالَم، أتمنى من كل قلبي أن لا تجفَّ ينابيع أي حضارةٍ إنسانيةٍ غربيةً كانت أو شرقيةً، وأن لا يُخْمَدَ صوتُ أي دينٍ، هندوسيًّا كان أو بوذيًّا أو يهوديًّا أو مسيحيًّا أو إسلاميًّا أو بهائيًّا، وأن لا تُقْمَعَ أي أقليةٍ عرقيةٍ أو قوميةٍ في عالمنا العربي، كرديةً كانت أو أمازيغيةً أو زَيْدِيةً أو آشورية. أما في المقابل أتمنى أن تجفَّ ينابيع كل الإيديولوجيات التي أجرمت حديثًا في حق الإنسان عمومًا، ليبراليةً كانت أو شيوعيةً أو قوميةً أو إرهابيةً يهوديةً صهيونيةً كانت أو إسلاميةً سلفيةً جهاديةً، ولن أستثنيَ مَن أجرمَ في حقه قديمًا خلال حروبِ التبشيرِ وفي مقدمتهم الفراعنة والإغريق والفرس والأنْكا والرومان واليهود والمسيحيون والمسلمون، إلخ.

Référence: Samuel P. Huntington, Le Choc des civilisations, Éd. Odile Jacob, 1996, pp. 63-66

إمضائي
"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
"لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد" مواطن العالَم


تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 20 ديسمبر 2017.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire