lundi 18 décembre 2017

قراءةُ واقِعِنا العربي المعقدِ حسب شبكةِ "براديڤم الهويات العربية القاتلة"؟ مواطن العالَم

تحديد مفهوم "براديڤم  الهويات العربية القاتلة" قبل توظيفه في هذا المقال:
"هو براديڤم  يشملُ مجموعة الاعتقادات الدينية والمذهبية والانتماءات العرقية والقبلية والطائفية والقومية والموروثات الثقافية والفكرية واللغوية المشتركة بين المواطنين العرب في القرن 21، والمحدِّدة لسياسات الـ22 دولة المكوِّنة للعالَم العربي المعاصر" (مواطن العالَم).

"براديڤم  الهويات العربية القاتلة"، هو برنامج فِعل وتنظير للأزمة العربية الحالية، كان كامنًا في قمقمه تحت هيمنة "براديڤم الحرب الإيديولوجية العالمية الباردة بين قطب الرأسمالية وقطب الشيوعية". سقطت الشيوعية، توحشت الرأسمالية، غاب "براديڤم القومية العربية" بسبب ظُلْمِ الأنظمة الاستبدادية (ناصر، نميري، بومدين، الأسد، صدام، الڤذافي) وتبخّر وَهْمُ "براديڤم الصراع الطبقي" ولم يتخلّص اليسار العربي بعدُ من أوهامه. خرج المارد من قمقمه، فتّتنا، قوّض أسُسَنا، دمّر بُنانا التحتية، جزّأنا، فرّقنا، فكّك أوصالنا، قتل آباءنا، رمّل نساءنا، يتّم أطفالنا، شرّد عائلاتنا، وكأن الله استجاب لدعائنا المعهودِ والمكرّرِ على الكفار ، لكنه جعل كيدَنا في نحرِنا. لا يُسأل عما يفعل؟
ماردٌ يطير بجناحَين، واحد نفطي عربي والآخر تكنولوجي غربي.

أذكّركم - لعل الذكرى تنفع المؤمنين - بما كنا نقول في هذا الدعاء المعهودِ والمكرّرِ: "اللهم زلزِل الأرضَ من تحت أقدامهم، اللهم دمِّرهم هُم وأعوانهم وأرِنا فيهم يومًا أسودَا يا رب العالمين، اللهم فرِّق شملَهم  وشتِّت جمعَهم واجعله جمعًا مشؤومًا، وضيِّق عليهم، وابعَث الرعبَ في قلوبهم، اللهم دَمِّر أهل النفاق والحسد والظلم والعصيان، اللهم ...، اللهم..."
دعاءٌ غير مطابقٍ لروح العصر الحاضر (Une prière ou un voeu anachroniqueومجثوثٌ من سياقه، حيث حَيَّنّا نحن في تونس بعد الثورة دسترة حرية المعتقد فأصبح المسلم اليوم وغير المسلم مواطنين متساويَن في الحقوق والواجبات. والمفارقة الكبرى أن  حرية المعتقد مباحة في القرآن منذ 14 قرنٍ، لكنها ممنوعة في الواقع، والأخلاقُ فِعلٌ وليست معرفةً، وصَلاتُنا - للأسف - لم تنهنا يومًا عن فِعل الفحشاء والمنكر.
الظاهر - والله أعلم - أننا، نحن العرب، نحن هُم أهل النفاق والحسد والظلم والعصيان، فنحن إذن مَن يستحق هذا العقاب الدنيوي الشديد الذي نطلبها لعدوِّنا. ومَن أشدُّ عداوةً للعربي اليوم، غير العربي نفسه؟

حسب"براديڤم الهويات العربية القاتلة"، أذكّركم ببعض الأحداث التي حدثت فعلاً وأضيف إليها بعض الأحداث المحتمل حدوثَها في المستقبل:
1.     الأحداث التي حدثت:
-         الحرب الأهلية اللبنانية بين المسيحيين والسنة والشيعة والدروز.
-         الحرب العراقية الإيرانية بين الشيعة الصفويين والسنّة العرب (جيش صدام بِدَعمٍ مالي من دول الخليج النفطية الغنية ودَعمٍ عسكري من أمريكا وفرنسا).
-         الحرب السعودية السنية  مع اليمن الشيعية، الوهابيون ضد الحوثييين الزيدييين.
-         انفصال السودان الجنوبي المسيحي عن السودان الشمالي المسلم بإيعاز غربي.
-         استفتاء مُتوَّج بـ"نعم" لانفصال كردستان عن العراق بمساندة إسرائيل.
-         الانفصال الفعلي لكن غير الرسمي لشمال سوريا اليوم تحت سيطرة الأكراد بدعم أمريكي عسكري علني.
-         مطالبة أمازيغ المغرب والجزائر بتدريس لغتهم الأم.
-         بعض الأصوات القِبطية المصرية ارتفعت أخيرًا مطالِبةً بحماية غربية تَقِيهم شرَّ هجمات الإرهاب الجهادي الإسلامي.

2.     الأحداث المحتملة:
-         مطالبة أمازيغ المغرب والجزائر بالانفصال.
-         مطالبة شيعة العراق والكويت والبحرين بالانفصال.
-         تقسيم لبنان إلى ثلاث دويلات، مسيحية وشيعية وسنّية.
-         مطالبة سكان جربة الإباضيين بالحكم الذاتي، ولو حدث هذا في المستقبل فدولة عُمان الإباضية سوف تكون سبّاقة للاعتراف بجربة ككيان منفصل.

خاتمة: أتمنى من كل قلبي أن يفشل أصحاب الهويات القاتلة في مساعيهم الجهنمية، أعي جيدًا أن نيلَ المطالب لا يأتي بالتمني، لكنني وفي نفس الوقت أتفهم طموح الأقليات إلى إحياء لغتهم وتراثهم القومي والاحتفاء بعاداتهم وتقاليدهم، وأرى أنه من الممكن التعايش في سلام ووئام داخل وطن عربي ديمقراطي موحَّد وغني باختلافاته الهُوَوِية المُثرِية لحضارته العربية-الإسلامية المشتركة. وأومن بالضرورة الملحة الداعية للاستعانة بِـ"براديڤم عربي-إسلامي" مختلف وجديد، براديڤم يَستغِل - للبناء - الطاقةَ الإيجابيةَ الكامنةَ في "براديڤم الهويات العربية القاتلة"، ويوجه طاقتَه السلبيةَ الهدامةَ نحو الأعداء الحقيقيين، أعني الحكّامَ العربَ الفاسدينَ وحكومة إسرائيل العنصرية والحكومات الغربية المساندة للأول والثاني.

Haut du formulaire
Référence: L`idée principale de cet article est inspirée de Samuel P. Huntington, Le Choc des civilisations, Éd. Odile Jacob, 1996, p. 26 & 38

إمضائي
"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
"لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد" مواطن العالَم

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الثلاثاء 19 ديسمبر 2017.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire