mercredi 27 décembre 2017

خبرٌ، رواهُ لي منذ سنواتٍ جليسٌ عَرَضِيٌّ في المقهى، خَلَبَنِي صِدقُ الراوِي ونالتِ الروايةُ إعجابِي، ومِن فرطِ رِقّةِ الخبرِ وجَمالِيّتِه، لم أقدرْ أكثر على كِتمانِهِ؟ مواطن العالَم

تذكرتُه وأنا أقرأ هنتڤتون اليوم صباحًا، رجعتُ فرحًا مسرورًا لأقاسمكم هذه المتعة الفكرية.
كهلٌ بَدِينٌ، رقيقٌ وسيمٌ أنيقٌ، رَكَنَ "هامِرَهُ" أمام مقهى الشيحي بحمام الشط، جلس جنبي دون إذنٍ مِنِّي، لا أعرفه وتهيأ لي أنني أعرفه، ودون إذني أيضًا قال لي همسًا وكأنه خوانجي قبل الثورة، خائفٌ من أواكِسِ بن علي: "تونسيٌّ متخرجٌ من هارفارد، موظفٌ سامٍ في الأمم المتحدة، متغرّبٌ ودومًا مسافرٌ، الشك زادِي، أضنانيُ وأرّقني، وفي يوم معلومْ، هَدَتْنِي نفسي العامرة تقوى ولم يَهْدِنِي أحدْ. وهل يهدي غيره؟ على غير عادتي، نهضتُ يومها باكرًا، توضأتُ، قصدتُ الجامعَ الأقربَ في نييورك، حملتني رِجلايَ في خِفةٍ وكأنها لا تحملُ فوقها جَسَدْ، الحمد لله جسمي وصلْ وعن طريقه لم أضلْ، حذائي نزعتْ، خاشعًا دخلتْ، خاشعًا قرأتْ، خاشعًا لربٍّ لا يعرفه جل المصلين ركعتْ، وأمام ربوبيته سجدتْ، وله وحده استغفرتْ وسلمتْ، ودومًا خاشعًا الجامعَ غادرتْ. مرّ عامٌ والخِشيةُ في كياني راسيةٌ لا تبرح مكانها، وأمّارةُ السوءِ في داخلي لا زالت ساكنةً لكنها صامتةٌ ساكتةٌ، وأرجو أن تبقى خرساء وحتى المماتِ صماء بكماء.

ومنذ ذلك اليوم المعلوم، لم أرجع إلى ذلك الجامع ولا لغيره، صلاتي العلنيةُ الوحيدةُ نالت إعجابَ البعضِ من أصدقائي وعابها عليّ البعضُ الآخر، وأنا لم أهدف من وراء صلاتي إرضاءَ أحدْ أو إغضابَ أحدْ، صلاتي لا أريدُ بعد الأولى أن يراها أحدْ إلا الأحدْ وإلى الأبدْ، ولا أريدُ أن يسألني عنها أحدْ، ولا أريدُ منها أن تُغضب أحدْ من فرحِ أحدْ، ولا أن تُفرِحَ أحدْ شماتةً في أحدْ، هي خالصةٌ للأحد المتجسِّمِ في كل أحدْ دون حَدْ.

صلاةٌ علنيةٌ واحدةٌ، أراها كافيةً شافيةً لمعرفةِ الأحدْ، ومنذ ذلك اليوم - ودون صلاةٍ طُقوسيةٍ - عن صراطِه المستقيمِ لم أمِيلُ ولم أحِدْ، فلِمَ - ورغم تَكَرُّرِ صلواتهم - لا يعرفه في العُمقِ العميقِ من بني قومي أحدْ، ربما لأنني أؤمن بإلهٍ لا يؤمن به اليومَ أحدْ، هو بالعقلِ المحدودِ مفقودْ، وهو بالحَدَسِ موجودٌ موجودْ". 

سافرَ ومنذ سنواتٍ لم يَعُدْ، ويا ليته يقرأ مكتوبِي وبِطلّةٍ ثانيةٍ بهيةٍ عبر الفيسبوكِ يَعِدْ...

Clairvoyants, sont ceux qui s`indigénisent eux-mêmes sans contraintes, d`aucune sorte, religieuses ou autres

N. B : L`idée principale est inspirée de Samuel P. Huntington, Le Choc des civilisations, Éd. Odile Jacob, pp. 125-131, L`indigénisation : La résurrection des cultures non occidentales

إمضائي
"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
"لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين، بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد" مواطن العالَم
"وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا" (قرآن)

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 27 ديسمبر 2017.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire