dimanche 10 décembre 2017

هل الإسلامُ السياسيُّ كيانٌ موحّدٌ أو كيانٌ متشعِّبٌ؟ بيار بيشو في لوموند ديبلوماتيك، ترجمة مواطن العالَم مع إضافاتٍ بسيطةٍ، مقتضبةٍ ومكمّلةٍ

كيف يكون الحكمُ في الإسلامِ؟ مَن يُعطي لنفسه أحقيةً قيادةِ دولةٍ باسمِ الإسلام؟ 
لا يمكن تصور الإسلامِ السياسيِّ إلا كمجموعةٍ تيّاراتٍ متعددةٍ، مجزّأةٍ، غالبًا متخاصِمةٍ، وحاملةٍ لمشاريعَ قد لا نستطيع مزجها في كيانٍ واحدٍ، موحَّدٍ وموحِّدٍ:
 - وهابيةٌ سعوديةٌ (1) معادِيةٌ علنًا لإخوانٍ مسلمينَ (2).
-  جهادٌ سُنِّيٌّ (3) معادٍ دمويًّا لإسلامٍ شيعيٍّ (4). صراعٌ تاريخيٌّ منذ الفتنة الكبرى بين علي وعائشة وبين علي ومعاوية إثر مقتل عثمان (القرن السابع ميلادي- 35 هـ)، حَمَشَتْه، في النصف الأول من القرن العشرين، ثم أججته قِوى أوروبية وخاصة بريطانيا "غير العُظمَى"، باعِثةُ الكيانِ الاستيطانيِّ الصهيونيِّ ظلمًا في فلسطينَ العربيةِ وعاصمتُها القدسُ.
-  العِبادِيَّةُ (أو الإباظِيَّةُ أو الخوارِجُ) (5)، أساسًا في دولةِ عُمانْ التي تُعتبَرُ وسيطًا مُمَيّزًا بين الرياض وطهران.
-
 الخلافةُ الإسلاميةُ (6)، المشروعُ الأكبرُ للدولةِ الإسلاميةِ في العراقِ والشامِ الكبرى (داعش). مشروعٌ يراه الشبابُ الفرنسيُّ المسلمُ في أحوازِ المدنِ الفرنسية سُلّمًا اجتماعيًّا. هؤلاء الشباب يحاولون أن يُقنعوا أنفسَهم بأن الاستشهادَ قد يكون أفضلَ من حياةٍ بلا مستقبلٍ، بلا أفقٍ، وتتراءى لهم داعشَ كبديلٍ مضمونٍ وواعدٍ بحياةٍ كريمةٍ، حياةٌ أفضلَ مقارنةً بظروفهم المزرية في عيونهم، حياةٌ تستحق التضحية بالنفسِ والنفيسِ.

 -  تقعُ تونس في طليعة حركات التحرر الجديدة، وهي اليوم بصدد تجريبِ بعض التحولات العميقة في ديمقراطيتِها البرلمانية الناشئة. "حركة النهضة" التونسية، خرجت من السرية والسجون وعادت من المنفَى اللندني لتتبوأ مناصبَ في قمة السلطة، البنت العاقة أو الحركة "المنشقة" عن حركة الإخوان المسلمين "العالمية" ومنها خاصة الفصيل المصري، الأم فكريًّا وتنظيميًّا. هي حركةٌ فاعلةٌ، حاضرةٌ وشاهدةٌ في آن، نجحت في بسطِ هيمنتِها السياسيةِ على البلادِ (2012-2014) وساهمت في إعادة تشكيلِ المشهدِ السياسيِّ التونسيِّ بعد الثورة (2011). خلال مسيرتها الطويلة راجعت عقيدتَها السياسيةَ وتطمح لفرضِ نفسَها كحزب مدني ديمقراطي وذلك بِفصل الجانب الدعوِي عن الجانب السياسي. مشروعٌ محتملٌ أعلنته في مؤتمرها الأخير العام الفارط (2016)، ولو أن الفصلَ بين المتلازمَيْن في الإسلام (الدعوِي والسياسي)، أمرٌ صعبٌ للغاية ومسألةٌ معقدةٌ، ولن تتحققَ بقرارٍ ستالينيٍّ فوقِيٍّ، بل هي سيرورةٌ متعثِّرةٌ من بدايتها وذلك بسبب تململ القواعد وعدم رضاها الإرادي على هذا التمشّي، أضِفْ إليهم بعض القيادات التاريخية ذات الوزن الثقيل، قيادات غير متحمِّسةِ لهذا التوجهِ بسبب تشبّثِها بمبدئٍ إسلاميٍّ ثابتٍ يقول: "الإسلامُ دينٌ ودولةٌ"، ولا تصلُحُ العقيدةُ عندهم بدون أحدِ الركنَين (مثل شورو واللوز، وحادثةُ سليانة الأخيرةُ أوْجَهُ دليلٍ).

السؤال الذي يفرض نفسَه: هل نستطيع أن نتحدث عن بدايةِ عصرٍ مشرقٍ جديدٍ، عصرُ "ما بعد الإسلام السياسي" أو عصرُ "الإسلام الديمقراطي" على الطريقةِ التونسيةِ، وبصفة أوسع هل ستتوضح داخليًّا الكيفيةُ التي سيعتمدها الإسلام السياسي المتعدد وتطوراته لمواصلة تأثيره على مستقبل المجتمعات العربية خاصةً والإسلامية عمومًا.

إمضائي
"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
"على كل مقال سيء نرد بمقال جيد" مواطن العالَم

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 11 ديسمبر 2017.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire