mercredi 10 janvier 2018

كل إنسان، رجلا كان أو امرأة، نصف آدِآنِه أنثوي و نصفه ذكري. مواطن العالَم د. محمد كشكار

 (Son ADN)

1.     وصف بيولوجي لعملية خلق الإنسان
تلتقي خلية البويضة الأنثوية بخلية الحيوان المنوي الذكرية في قناة فالوب (القناة التي تربط بين مبيض المرأة ورحمها) أو في أنبوب زجاجي خارج جسم المرأة بمساعدة طبية، فيلتحمان ببعضهما البعض ويكوّنان خلية واحدة تسمى الخلية-البيضة وهي التي تنقسم ثم تنقسم حتى تولّد كل خلايا الجسم بجميع أنواعها واختلافاتها بعد استقرار يدوم 9 أشهر داخل رحم الأم.

تحتوي كل خلية بشرية على 46 صبغية (أو الكروموزومات أو حاملات الجينات المورثات) مُرَتَّبَةٍ على شكل 23 زوج. تشترك خلايا المرأة وخلايا الرجل في 22 زوج من الصبغيات ويختلفان في زوج واحد من الصبغيات، زوج الصبغيات الجنسية. وهذه الأخيرة هي التي تحدد جنس المولود، إن التقت صبغية "إيكس" الأنثوية مع صبغية "إيغراك" الذكرية يأتي المولود ذكرا، إن التقت صبغية "إيكس" الأنثوية مع صبغية "إيكس" الذكرية يأتي المولود أنثى. هذا الالتقاء يقع صدفة في الطبيعة ويتولّد عن هذه الصدفة تساويا في عدد الرجال والنساء في العالَم، ويسمونه العلماء "نسبة الجنس" (sexe ratio)..

تحتوي الخلية البيضة على 23 زوج أو46 صبغية. 23 منهم أنثوية أتوا من نواة البويضة الأنثوية و23 ذكرية أتوا من نواة الحيوان المنوي الذكري. تمثل الـ46 صبغية (الحاملة لثلاثين ألف جينة) "البرنامج الوراثي" المشفّر أو المرمَّز (Code génétique) الذي يحتوي على تصميم لجسم الإنسان ويحدّد نهائيا صفاته البيولوجية الوراثية الجينية مائة بالمائة (كالجنس ولون البشرة ولون العينين ونوع فصيلة الدم وشكل الأنف وبعض الأمراض الوراثية وبعض الإعاقات الذهنية وغيرها من الصفات البدنية التي تميز فردا عن فرد وتعطيه بطاقة تعريفه البيولوجية الأساسية). أما الصفات الذهنية (كالذكاء وسرعة البديهة والإبداع الفني والعبقرية والغباء والبلاهة والعنف والإدمان والشذوذ والطِّيبَة والمكر والخبث والكرم والبخل واللؤم وغيرها من الصفات البيولوجية والمكتسبة في آن) فهي تنبثق من تفاعل هذا "البرنامج الوراثي الجيني" مع المحيط الخلوي، المحيط ما بين الخلوي، المحيط الخارجي، البيئة العائلية والمدرسية و الشارعية (من الشارع)، والفضائيات الإعلامية، فهي إذن صفات وراثية مائة بالمائة ومكتسبة مائة بالمائة لأن علماء البيولوجيا لا يستطيعون تجريبيا أن يفصلوا بين ما هو وراثي أو مكتسب في تكوّنها وذلك لكثرة العناصر الوراثية وغير الوراثية المتنوعة والمتشابكة والمعقدة، المتدخّلة في نحت هذه الصفات الذهنية وصقلها من الولادة إلى الوفاة ولكل تجربته الخاصة في الحياة حتى ولو كانا أخوين توأمين حقيقيين فكل فرد يتمتع ببطاقة تعريف خاصة بيولوجية ذهنية وراثية جينية ومكتسبة في الوقت نفسه.

2.     إمكانية استنساخ الإنسان
عملية استنساخ الإنسان عملية ممكنة علميا لكنها محرّمة أخلاقيا وعالميا حتى الآن. المهم هنا أن هذه العملية تقع انطلاقا من نواة خلية مختصة أو متطورة لأنثى-أم (خلية حلمة الثدي مثلا) توضع داخل سيتزبلازم بويضة دون نواة لنفس الأنثى-الأم من الثدييات ولا تقع من الحيوان المنوي الذكري. أنثى تلد أنثى دون تدخل الذكر مما يهمش دور هذا الأخير في عملية الخلق.

3.     هل يولد الرجل رجلا وهل تولد المرأة امرأة؟ كما تساءلت وأجابت المناضلة النسائية الفرنسية
والفيلسوفة اليسارية "سيمون دي بوفوار"، سنة 1949 في كتابها المشهور "الجنس الثاني"؟
نستطيع أن نستنتج من حديثنا السابق أن الرجل نصفه ذكري ونصفه أنثوي وكذلك المرأة نصفها أنثوي ونصفها ذكري. أما النعجة الابنة "دولي" المستنسخة، فكل صبغياتها أنثوية المصدر، ورثتهم عن أمها ولم ترث شيئا عن أبيها فهي أنثى مائة بالمائة وستجد البنت نسخة مطابقة للأصل من أمها في جميع صفاتها البيولوجية والفيزيولوجية.

كيف تصبح المرأة امرأة وكيف يصبح الرجل رجلا؟ ما دام الرجل لا يولد رجلا بالمعنى الاجتماعي السائد للكلمة والمرأة لا تولد امرأة بالمعنى الاجتماعي السائد للكلمة.
في المجتمعات الذكورية السائدة في العالم منذ بداية التاريخ البشري المعروف إلى اليوم (باستثناء بعض القبائل الأمومية المندثرة أو المعاصرة النادرة في أدغال أمريكا اللاتينية أو غابات إفريقيا الاستوائية) تم تقسيم العمل بين الرجل والمرأة، الرجل للصيد والتنقل والمرأة للاستقرار والأشغال المنزلية مما ينتج تجربتين مختلفتين في الحياة وما دمنا قد قلنا في الفقرة الثانية من هذا المقال أن الصفات الذهنية وراثية و مكتسبة في آن، فإن الرجل سوف يكتسب صفات ذهنية مغايرة للصفات الذهنية التي تكتسبها المرأة في حياتها وبمرور الزمن تتوسع تجربة الرجل في الحروب والحكم والتجارة والدراسة، تجربة يمررها ويورثها حضاريا وليس جينيا لأولاده الذكور ويحرّمها على بناته. بعد آلاف السنين تتقلص تجربة المرأة وتقتصر على البيت والطبخ والكنس أو الغزل والنسيج، تجربة تمررها وتورثها حضاريا وليس جينيا لبناتها دون أولادها الذكور.

من حسن حظ البشرية أن تقسيم العمل بين الرجل والمرأة والأثر السيئ الذي صاحبه وتركه على وضعية المرأة الدونية في العالم ليس حتميا وليس وراثيا جينيا ولم يترك أي بصمة بيولوجية على جيناتنا البشرية. إذن يمكن أن نصلح هذا الأثر السيئ بالتربية والتعليم والعمل المتساوي بين المرأة والرجل. ودليلي على صحة طرحي هذا أن وضعية المرأة بدأت تتغير منذ أن انخرطت هذه الأخيرة في العمل خارج المنزل وخرجت من سجنها الاختياري ظاهريا وهذا ما لاحظناه ليس في المجتمعات الغربية المتقدمة فقط وإنما في ريفنا التونسي: أنا أصيل قرية جمنة بالجنوب الغربي التونسي أين تعمل المرأة جنبا إلى جنب مع الرجل في الواحة وتتحمل مسؤولية عائلتها في غياب زوجها. كانت جل نساء حينا أرامل في الأربعينات من عمرهن ولم يمنعهن ترملهن الإرادي من الخروج والعمل في أملاكهن والتعامل مع الرجال معاملة الند للند والذود عن أبنائهن في الشارع والمدرسة والحقل. كنا مجتمعا متساويا محافظا، مضمونا لا شكلا.

4.     التذكير بمكانة الأنثى في عالم النباتات والحيوانات الأليفة
لو خرجنا قليلا من عالم الإنسان إلى عالم الحيوان فسنجد أن الأنثى هي الأصل وهي الأنجع والأجدر والأنفع للإنسان، خاصة في الحيوانات الأهلية:
-
في خلية النحل، العاملات النشطات كلهن إناث أما الذكور فدورهم يقتصر على جماع الملكة لتلقيح وإخصاب بويضاتها.
 -  في المدجنة، نجد عشرات الدجاجات الإناث ولا نجد إلا ديكا واحدا للتلقيح والإخصاب. الدجاجات ينتجن البيض واللحم للفقراء غير القادرين ماديا على شراء لحم الخروف أو لحم البقر.
-
في الإسطبل، نجد عشرات البقرات الإناث ولا نجد إلا ثورا واحدا للتلقيح والإخصاب (وفي أكثر الحالات نستغني عن الثور بالتلقيح الصناعي). البقرات ينتجن العجول والحليب واللحم.
-
في الواحة، نجد آلاف النخيل الإناث من نوع "دڤلة النور" ولا نجد إلا بعض النخيل الذكر للتلقيح والإخصاب. النخلة الأنثى هي التي تنتج التمور الذهبية الثمينة وتصنع الثروات وتوفر فرص العمل في صحراء جمنة وقبلي ودوز وتوزر ونفطة ودڤاش في الجنوب الغربي التونسي وواد سوف وتوڤرط وجامعة في الجنوب الشرقي الجزائري.

الخاتمة
أنهي مقالي بنكتة معبّرة سمعتها يوما من شيخ جريدي قاض زيتوني متقاعد، قال: لو كان الولد أفضل من البنت لرزق الله رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم بنينا ذكورا عددا دون بنات!

إمضاء م. ع. د. م. ك.
على كل مقال ناقص أو سيء، نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط 24 أوت 2012.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire