vendredi 5 janvier 2018

قاهر وزارة التربية الفرنسية: أستاذ ثانوي يسند لكل تلامذته دومًا 20 على 20. مواطن العالَم

قاهر وزارة التربية الفرنسية: أستاذ ثانوي يسند لكل تلامذته دومًا 20 على 20. الزمان: العشرية الأولى من القرن 21. المكان: معهد ثانوي عمومي بباريس. البطل: أستاذ ثانوي مختص في تدريس التاريخ  واسمه 
(Pascal Diard, Paris, Lycée Suger à Saint Denis).

الخبر كما وصلني بالسماع و ليس بالمعاينة
أستاذ أقام وزارة التربية الفرنسية منذ سنوات ولم يقعدها حتى الآن لأنه قرر فجأة أن يسند لكل تلامذته دومًا 20 على 20 في كل الامتحانات الرسمية وغير الرسمية داخل المعهد الذي يدرس فيه بباريس.
حجته في ذلك أن الأعداد الجزائية المسندة إلى التلامذة هي بالأساس أعداد تقييميه اعتباطية وقد تصدم التلميذ أو تؤلمه أو تحبطه أو تخيفه أو تفزعه، لذلك رأى بطل قصتنا وارتأى أن واجبه يحتم عليه عدم إرباك أبنائه تلاميذه.

تجدر الإشارة إلى أن هذا الأستاذ المتنطع والثائر على قوانين وزارة التربية الفرنسية يرى أن لا وصاية على الأستاذ في المسائل البيداغوجية، ومن بين هذه المسائل حرية إسناد الأعداد كما يشاء هو لا كما يشاء وزير التربية. لم أجرؤ طوال حياتي المهنية على فعل ما فعل لكنني تمنيت في داخلي أن أفعل ما فعل، فأنا متعاطف مبدئيا مع زميلي الفرنسي وأؤيد تبريره المنطقي دفاعا عن سيادة وحرية الأستاذ داخل قسمه. تظهر اعتباطية إسناد الأعداد أساسا في أن مَن يسند الأعداد (المعلم والأستاذ) ويقيّم التلاميذ لم يدرس أكاديميا ولو شهرا واحدا "علم التقييم"، فمَثَلُ مدرّسِنا إذن كمَثَلِ "تاجر يقدّر وزن سلعة دون ميزان"، أتوجد اعتباطية أكثر من هذه الاعتباطية؟

حاولت الوزارة ثنيه عن صنيعه هذا فلم تفلح في ردعه، لا بالجزرة ولا بالعصا. قاموا بتفقده قصد إرهابه 8 مرات خلال 11 عاما تدريس. عرضت عليه الوزارة القيام بعمل إداري والاستقالة من التدريس فرفض. "تجري الرياح بما لا تشتهي السفن". أرادت الوزارة إسكاته وإخماد صوته فذاع على العكس صيته في كامل التراب الفرنسي وتأسست من أجل حمايته ومساندته لجنة قومية، وتكوّن حول هذه الأخيرة حزامٌ نقابي يضم الآلاف من المتعاطفين الفرنسيين وغير الفرنسيين،  وحصل لي الشرف أن كنت واحدا منهم ولو بالإيمان بقضيته فقط وقد بلّغته فعلا تحياتي عن طريق ابن أختي، زميله في نفس المعهد. أخبرني ابن أختي أخيرا أن زميله تنازل قليلا لصالح الوزارة وأصبح يسند لتلامذته أعدادا أقل من 20 لكن تفوق 17 على 20.

مع العلم أن بطل قصتنا الواقعية، هو أستاذ تاريخ كفء وقدير ومن تجلياته أنه عندما يدرّس تاريخ حركة المقاومة الفرنسية في الحرب العالمية الثانية، يستدعي إلى القسم بطلا من أبطالها الناجين، ومن إنجازاته أيضا أنه يؤطر تلامذة الباكلوريا ويحثهم على البحث العلمي، وبفضل علاقاته الثقافية والصحفية والجمعياتية يسهّل لهم نشر إنتاجهم الفكري في مجلات مختصة، ويساعدهم على إخراج أقراص رقمية مضغوطة تروي التاريخ بأسلوب بيداغوجي وطريقة تعلّمية لفائدة تلامذة المعهد وتلامذة المعاهد الأخرى.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 8 نوفمبر 2012


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire