lundi 9 octobre 2017

تَخلفُ الدولِ العربيةِ ليس مربوطًا بِوعيٍ متدنٍّ ولا بِعقليةٍ فاسدةٍ ولا ثقافةٍ غائبةٍ ولا تقاليدٍ باليةٍ ولا تحضّرٍ مفقودٍ ولا ثرواتٍ نفطيةٍ ولا دينٍ خالٍ من الاجتهادِ ولا عِرقٍ دون عِرقٍ؟ مواطن العالَم

 يبدو لي - والله أعلم - أن التخلفَ لا يرتهنُ إلى كل هذه الأسبابِ، وإليكم براهيني المتواضعةُ حسب اجتهادي الخاص كملاحِظٍ وليس كباحثٍ أكاديميٍّ:
-         لو كانت مسألةُ وعيٍ متدنٍّ: فهل شعبُ رواندا أوعَى منا؟ مرّ حديثًا بِحربٍ أهليةٍ قَبَلِيةٍ سخيفةٍ فَقَدَ فيها رُبعَ تِعدادِه، واليوم يحققُ نموًّا مذهلاً بِرقمَينِ اثنَينِ. ولو كان أوعَى منا فمتى نزل عليه الوحيُ يا تُرَى؟
-         لو كانت مسألةُ عقليةٍ فاسدةٍ: فما بال المواطن العربي المقيم في فرنسا أو ألمانيا يحترم إشارات المرور ويدفع الضرائبَ عن يدٍ وهو صاغِرٌ؟ وما باله لا يفعل كل هذا في بلدهِ؟ أما رجل الأعمال الغربي، ففي بلاده يحترم النقابيين وفي بلادنا يطردهم، وفي بلاده لا يرشي متفقد الشغل وفي بلادنا يرشي وزير الشغل.
-         لو كانت مسألةُ ثقافةٍ غائبةٍ: فهل المواطن الأمريكي أثقف منا؟ أشكُّ والله أشكُّ!
-         لو كانت مسألةُ تقاليدٍ باليةٍ: فهل هنالك تقاليدُ أفضل من تقاليدِ؟ عِلم الأنتروبولوجيا يجيبُ بالنفيِ.
-         لو كانت مسألةُ تحضّرٍ مفقودٍ: فهل يُعتبَرُ أكثرَ تحضرًا منا مَن نَهَبَ ثرواتَنا وسَرَقَ آثارَنا وقتلَ أطفالَنا ويَتَّمَ نساءَنا وزَرعَ في جسمنا العربي وَرَمًا خبيثًا اسمه إسرائيل. مواطن العالَم  يجزمُ بالنفي.
-         لو كانت مسألةُ ثرواتٍ نفطيةٍ: فهل لليابان أو سنغفورة ثرواتٍ؟ وهل تقدم الخليج العربي بثرواته؟
-         لو كانت مسألةُ دينٍ خالٍ من الاجتهادِ: فهل اجتهد الهنود في بوذيتهم أو هندوسيتهم؟ على حد علمي ما زالوا يقدسون البقر؟ تقدمت تركيا وماليزيا وأندونيسيا وإيران ولم يتخلوا عن إسلامِهم.
-         لو كانت مسألةُ عِرقٍ دون عِرقٍ: لماذا تقدمت عديدُ الأعراقِ دون تمييزٍ؟

ما المسألةُ إذن؟
المسألةُ مربوطةٌ رباطًا وثيقًا بالرأسماليةٍ نظامًا اقتصاديًّا وبديمقراطيّتِها شريعةً وضعيةً دون لفٍّ ولا دورانٍ ولا خصوصيةٍ عربيةٍ أو إسلاميةٍ ولا هم يحزنون. حُزمةٌ من القوانينِ والإجراءاتِ والترتيباتِ والإكراهاتِ والإملاءاتِ (Un package )، تأخذها كلها أو لا تأخذها. أنتَ مُسَيرٌ ولا شرعٌ آخرَ في الأفقِ. أنا لم أقل أنه الشرعُ الأفضلُ (أنا يساري معادي للرأسمالية والعولمة غير المتكافئة) ولكنه السبيلُ الوحيدُ المتاحُ اليوم للخروج من أزمتنا. الرأسمالية وديمقراطيتها أو التخلف؟ وبين السيءِ والأسوءِ، الكائنُ السَّوِيُّ لا يترددُ ولا يضيع الوقتَ ولا يبكي على الأطلال، وما عداهما يُصَنَّفُ للأسف فولوكلورًا، تراثُكَ وتقاليدُكَ وحتى لغتُكَ ودينُكَ.

إمضائي
"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" (جبران)

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 9 أكتوبر 2017.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire