jeudi 19 octobre 2017

والأذن تري قبل العين أحيانا! (فيزيولوجيا وليس شِعرًا). د. محمد كشكار

 تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 27 نوفمبر 2008.


وظيفةُ النظر وظيفةٌ معقّدةٌ جدا لأنها ترتبط بالمراكز المخيّة (Les aires cérébrales)، والعصب البصري، والعين، وعضلات العين والأذن الداخليّة، والضوء، والحالة الانفعاليّة للجسم. لنعلم أوّلا أن "المهاد البصري" (Le thalamus) هو عضو في المخ تلتقي فيه الأعصاب البصريّة والحسيّة المثيرة للعاطفة و يستقبل المعلومات الضروريّة للنظر، 80 % منها تأتيه من المخ مباشرة و20 % فقط تأتيه من العين.

نمرّ إلي العناصر الضرورية للنظر:
1. المراكز المخيّة : يتدخّل عدد كبير منها في النظر ونذكر منها علي سبيل الذكر لا الحصر:
- المراكز العصبيّة البصريّة (Les aires visuelles) التي تدرك الأشياء وتتعرّف عليها وتراها  بواسطة العين.
- غدّة "تحت المهاد البصري   (L'hypothalamus) التي تمثّل ملتقى  عصبيّا هرمونيّا  مسؤولا علي الشبع و الجوع والعطش والانفعال والتأثّر والذاكرة وضبط الحرارة ومقاومة العدوان والسلوكيّات الجنسيّة والدفاعيّة.
- "وحدة شبكيّة متوسّطة" (La formation réticulée médiane) وهي غرفة صنع الأحلام.
 - مركز عصبيّ يتحكّم في حركات العين (Le colliculus)        
2. العصب البصريّ : ينقل من العين إلي  المخّ ذبذبات كهروكيميائيّة و هي عبارة عن رسالة مشفّرة لا يفكّ رموزها إلا المراكز العصبيّة البصريّة.
3. العين : يستعين بها المخ لتجميع المعلومات الواردة من العالم الخارجيّ لذالك نرى أن الأعمى لا يري.
4. عضلات العين: توجّه و تضبط حركات العين مثلما نتحكّم نحن في الكاميرا لكي لا تتحرك الصورة.
5. يبدو أن دور الأذن الداخليّة في النظر مغيّب تماماّ في التعليم. في الحقيقة تتمثّل مهمة الأذن الداخليّة في المحافظة علي توازن الجسم في كل الوضعيّات بما فيها توازن العين وهذا الدور المهم لا نحسّ به إلا إذا تعطّلت هذه الأذن أو تَلُفَ العصبُ الذي يصلها بالمخ. لنوضّح أكثر, نذكر ما ورد في  محاضرة الأستاذ كليمان وهو يتحدّث عن مرض ألمّ به سابقا ويتمثّل في التهاب العصب الذي يربط بين دهليز الأذن الداخليّة (Nerf vestibulaire) والمخّ. قال أستاذي ومدير أطروحتي السابق :  "لم أفقد السمع لأنّ هذا العصب ليس مسؤولا علي السمع. كنت أحسّ بدوار ودوخة وإغماء وتقيّء وفقدتُ توازني كلّما حاولت الوقوف وعجزت عن قيادة السيّارة. لم أعد قادرا علي القراءة والكتابة ومشاهدة التلفاز رغم سلامة مخّي وعصبي البصريّ وعينيّ. أثناء هذه المحنة جرّبت تطبيقيّا ما  كنت  أعرفه   نظريّا وتأكّدت من وجود تنسيق دائم بين العين والأذن الداخليّة وأستطيع أن أقنعكم بتجربة بسيطة : انظروا إلي السبّورة وحرّكوا رؤوسكم. هل السبّورة تتحرّك معكم؟ طبعا لا ! لو أخذتم الآن كاميرا ووجّهتموها صوب السبّورة وحرّكتموها فسترون بعد التصوير فيلمًا تتحرّك فيه السبّورة كأفلام المبتدئين. جسم الإنسان إذن هو جسمٌ  مجهّز بكاميرا وهي العين وبضابط توازن الكاميرا وهو الأذن الداخليّة التي تلائم باستمرار بين الصّورة والحركة. العِبرة من هذا المثال ليست فقط في التّعريف بدور الأذن الداخليّة في النظر وإنما في الإشادة بقدرة المخّ البشريّ علي إصلاح العطب في العصب الجمجمي بنفسه دون علاج و لا أدوية لأن الخلايا العصبيّة للأذن السليمة تُنبت أليافا عصبيّة جديدة تنتشر نحو مكان العطب تلقائيا وتعوّض ما فُقِدَ في عصب الأذن المصابة.

خلاصة القول
 وظيفة النظر ليست حكرا علي العين والعصب البصري والمراكز العصبيّة البصريّة فقط, كما هو شائع عند عامة الناس وحتى عند بعض أساتذة البيولوجيا,  بل تتدخّل فيها عدّة مراكز عصبيّة أخرى,  مثلا : يتدخّل المركز العصبيّ القفائيّ   (L'aire occipital) في معالجة الألوان. و المركز العصبيّ الصدغيّ   (L'aire temporal) في تعريف الأشياء التي نراها. أما المركز العصبيّ الجداريّ (L'aire pariétal) فيحدّد مكان الأشياء. يرتبط   النظر أيضا بالحالة العاطفيّة التي تقع تحت مراقبة "غدّة تحت المهاد البصري"    (L'hypothalamus) وهي نفسها تتأثر بما نري. أما "الوحدة الشبكية المتوسطة" (La formation réticulée médiane)       فهي تلعب دورا أساسيّا في الأحلام حيث نري الصور    تتحرك دون استعمال العينين. هذه الشبكة من الأعضاء التي تؤثّر في عملية النظر وتتأثّر بما تجلبه العين من معلومات خارجية, تفسّر كيف ندرك اسم الشّيء الذي نراه دون تركيز وغالبا ما لا نري الجزئيّات التي لا نعطيها أهميّة فلا نري إلا ما نريد أن  نرى لأننا لا نستطيع أن نري دون تأويل ما نري.


Références bibliographiques : Clément P., Mouelhi L. & Abrougui M. (2006). Aster 42. Paris : INRP
 Varela F.J. (1989). Autonomie et connaissance. Essai sur le vivant. Paris : Editions du Seuil

Définition : L'oreille interne a non seulement une fonction dans l'audition, mais aussi dans l'équilibre avec le système qualifié de vestibulaire. Un trouble au niveau de l'oreille interne peut donc être source de vertiges, impression de déséquilibre et de rotation de l'environnement ou de son propre corps





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire