lundi 23 octobre 2017

كلمة في برنامج "يوميات مواطن" حول مدرسة "حُفرة الجِنّة" بولاية جندوبة: ألوم وزير التربية ومدير المدرسة، وأتعاطف مع المعلم سيئ الحظ، رغم أنني أقِر أنه مُقصِّرٌ في عمله. مواطن العالَم، دراسة تاريخ العلوم علمتني أن علماءَ كِبار ارتكبوا أخطاءً أفظعَ بكثير


أولاً: لا يحق للتلفزة أن تدخل مدرسةً عموميةً دون ترخيص من وزارة التربية. وحتى بِترخيص فلا يحق لها تصوير المعلم دون علمه. وحتى بعِلمه لا يحق للمذيع ممارسة التدريس مكان المعلم، وليس من مصلحة التلميذ - قبل المعلم - أن يُصلِح زائرٌ أخطاءَ المعلم أمام تلامذته. ممارسةٌ غير بيداغوجيةٍ لا نسمح بها، نحن المدرسون، حتى للمتفقدِ نفسه. الخطأ اللغوي الذي ارتكبه المعلم المسكين قد يقوم هو نفسه بإصلاحه في درسٍ آخرَ، أما لو اهتزت ثقة التلميذ في معلمه، فيصعبُ تداركَها في حصةٍ أو حصتينِ.

ثانيًا: أنا أعرفُ أن وزارة التربية لا تمنحُ تراخيصَ لطلبة البحث العلمي في الديداكتيك (علوم التربية) إلا بِشق الأنفس، وذلك لإجراء تجاربهم في أقسامهم أو في أقسام زملائهم، في معاهدهم أو في مؤسسات تربوية أخرى. أنا منعوني سابقًا ولكنني أجريتُها دون ترخيصٍ. دعاني مرة صديقٌ متفقد علوم لتقديم محاضرة حول (L`épigenèse cérébrale, ma thèse) لأساتذة العلوم في نابل، رفضتْ الوزارة بِحُجة أنني لستُ أستاذًا جامعيًّا رغم أنني المختص الوحيد في هذا الموضوع ورغم أنني متطوّعٌ.
مُذنِبةٌ وزارةُ التربية لو منحت ترخيصًا للتلفزة ومنعته على طلبة البحث العلمي، ومُذنِبةٌ أكثر لو تجرّأ وتطاولَ عليها منشطٌ تلفزيٌّ، واستباح حُرمة المدرسةِ والقسمِ دون عِلمِها.

ثالثًا: خطأ المعلم تتحمله الوزارة، ويتحمله أساتذته السابقون، ويتحمله هو أيضًا، أي خطؤه مسؤوليةٌ مشتركةٌ ونتيجةٌ منتظرةٌ. جل أساتذة العلوم في معاهدنا (SVT, math, physique, technique et info, disciplines officiellement enseignées en français) يدرّسون بالعربية الدارجة لأنهم لا يُتقنون الفرنسية نطقًا ولا كتابةً، فالمعلم هذا لا يعدو أن يكون إلا من صُنعِ ضميرِنا المهني المُشَوَّهِ والمُلَوَّثِ، نحن معشر المدرسين، وضحية من ملايين ضحايانا. مسؤولية تعليم اللغة الفرنسية لا يتحملها مدرسو اللغة وحدهم. الوزارة لم تكوِّنْهُ، لذلك نطالب، ومنذ سنوات، بضرورة إعادة فتح مدارس ترشيح الأساتذة والمعلمين، واحدة على الأقل في كل ولاية. الوزارة تدفع للمعلم المعوضِ نصفَ أجرٍ مقابِل عملٍ كاملٍ، فلا يحق لها أخلاقيًّا محاسبته على عدم إتقان مهنته. أخيرًا وليس آخرًا، نحن نعرف بالتجربة أن المدرسَ المبتدئ مطالَبٌ بِمجهودٍ ذاتِيٍّ جبارٍ لتحضيرِ درسِه، وصاحبُنا، للأسف، لم يبذل حتى جهدَ نقلِ الجملةِ سليمةً من جُذاذةِ درسِه أو من كتابِ التلميذِ.

إمضائي
"
المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 23 أكتوبر 2017.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire