jeudi 4 décembre 2014

موقف متشائل من التوافق الوطني الذي حصل اليوم في مجلس نواب الشعب التونسي. مواطن العالم د. محمد كشكار

موقف متشائل من التوافق الوطني الذي حصل اليوم في مجلس نواب الشعب التونسي. مواطن  العالم د. محمد كشكار

متشائم من التوافق الرأسمالي الليبرالي (النداء و النهضة و الحُر و آفاق) و متشائم أيضا لأنني لم أجد مَن يستحق صوتي في الدورة الثانية. مَن يستحق صوتي مفقود للأسف مفقود رغم أن أمنياتي ليست تعجيزية و هي تتلخص في ثلاثة محاور:
-         أولا أطالب بإلحاح بالشروع في إصلاح المنظومة التربوية التونسية لأنني أؤمن إيمانا جازما أنْ لا نهضة دون تعليم جيد و أطمح بواقعية لتحقيق تعليم مجاني مثل ما هو موجود في دولة فنلندا (مجانية التسجيل و الأدوات المدرسية و النقل المدرسي و وجبة صحية ساخنة يوميا و إلغاء التفقد البيداغوجي و انعدام الرسوب و منع الطرد و إسناد التلامذة الضعفاء ذهنيا و اجتماعيا مثل إرجاع تفعيل قاعات المراجعة و تطعيمها بمختص بيداغوجي و ثان تعلمي و ثالث نفسي) و أشهد صادقا أنني استفدت في مسيرتي الدراسية الابتدائية و الثانوية و الجامعية في أواخر الخمسينات و كل الستينات و أوائل السبعينات من مثل هذا النظام تقريبا و على سبيل الذكر لا الحصر، لقد تمتعت في الثانوي و الجامعة بثلاث وجبات ساخنة و ليس واحدة فقط، و كنت أتمتع بمنحة جامعية في 1972 قدرها 35 دينار و هو مبلغ يفوق مرتب معلم متربص في ذلك الوقت. هل تونس الستينات أفقر من تونس اليوم؟ فقط كان النظام في ذلك الوقت اشتراكي ديمقراطي على الأقل في المجال التربوي (فترة أحمد بن صالح).
-         ثانيا أطمح إلى تقنين عدالة جبائية فارقية تصاعدية (مَن يتقاضى ألف دينار شهريا يدفع شهريا مائة دينار ضرائب و مَن يربح مليون دينار سنويا يدفع سنويا مائة ألف دينار ضرائب) و أطالب بتجريم التهرّب من الضرائب.
-         أطالب بتجريم التهريب في الاتجاهين و الاحتكار و الضرب بقسوة على أيدي التجار الوسطاء الجشعين للحد من ارتفاع الأسعار و أطالب الليبيين الميسورين المقيمين الوقتيين بتونس المنتفعين دون وجه حق بتخفيض أسعار السلع المدعمة (مثل الخبز و المقرونة و الزيت و البنزين) بتمويل زيادة في الشهرية بقدر مائة دينار شهريا لكل مَن لم يبلغ مرتبه الشهري 1500 دينار حتى يستطيع التونسي الفقير أن يواجه و قتيا غلاء الأسعار المتسببين نسبيا فيه و تُلغَى الزيادة عندما تُلغَى أسبابها.

متفائل من التوافق الرأسمالي الليبرالي (النداء و النهضة و الحُر و آفاق) لأنني واقعي و لا "أطمع بالعسل من طبلة بوفِرزِزُّو" و لأنه يبدو لي أن شبح الحرب الأهلية بدأ يبتعد عن بلادنا. و أقول بحسرة و مرارة شديدتين أنني أفضّل مُكرها الديكتاتورية على الحرب الأهلية العبثية المدمِّرة لو لم يتوفر لي الخيار الديمقراطي أي الخيار الأقل سوءًا من بين الخيارات المطروحة أو المفروضة. و كديمقراطي أعترف بنتائج الصندوق رغم نقدي لنقائص الديمقراطية و أعارض و لا أعادي النهضة و النداء  و أهنّيهما بفوزهما في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
اِفرض مثلا أنني عندي جارين مالكين مختلفين و ليست لي علاقة حميمة مع أحدهما أو كليهما، و رسولنا الكريم - صلى الله عليه و سلّم - أوصى باحترام الجار و لم يميز بين النهضاوي و الندائي. قُدرتي الشرائية المتدنية لم ينجح النهضاوي أن يحسِّنها خلال حكمه الجزئي خلال عامين و لن يستطيع أن يحسِّنها أيضا أخوه الندائي خلال خمس سنوات و "عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم". لو تحابَّا الجاران فلن يفيدني تحابُّهما و لو تخاصما فسيقلق راحة بالي حتما خصامهما، و أحمد الله الذي لا يُحمدُ على مكروه سواه و تصبحون على خير.

إمضاء م. ع. د. م. ك.
قال الفيلسوف اليساري المغربي العظيم عبد الله العروي: "لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه". و مجتمعنا التونسي عربي مسلم أو لا يكون مع احترام حقوق الأقليات العرقية و العقائدية.
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد الهدام المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الخميس 4  ديسمبر 2014.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire