dimanche 21 décembre 2014

ما بال الفرع يتفرعن على الأصل و ما بال العين تعلو على الحاجب أم هي عقدة أوديب أم هو هروب من النقد الذاتي؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

ما بال الفرع يتفرعن على الأصل و ما بال العين تعلو على الحاجب أم هي عقدة أوديب أم هو هروب من النقد الذاتي؟ مواطن  العالم د. محمد كشكار

في دار الثقافة ابن رشيق بالعاصمة، يوم الأربعاء 17 ديسمبر 2014 من الساعة 16 إلى 18، حضرت حفل صدور كتاب جديد لــمحمد الشريف الفرجاني، عنوانه "Prison et Liberté".

تعليق خارج السياق
لن أعلق على الكتاب لأنني لم أقرأه بعدُ و لم أشتره لأن قدرتي الشرائية لا تسمح بشراء الكتب بما معناه "يسلم عليك العقل و يقولك نبيك اما خطاوي الرجل صاعب عليها تجيك". يتمحور تعليقي إذن حول غياب رموز الفروع (حمة الهمامي عن حزب العمال، زياد لخضر عن حزب الوطد الموحد، عبد الرزاق الهمامي عن حزب العمل الوطني الديمقراطي، جمال لزهر عن حزب الوطد الثوري، محمد الكيلاني عن الحزب الاشتراكي) عن حضور أفراح الأصول (محمد الشريف الفرجاني و حميّد و عزيز و فتحي بالحاج يحي و المتغيب الكبير في هذا اللقاء الرائع جيلبار النقاش عن منظمة العامل التونسي و منظمة برسبكتيف- Perspectives زمن الستينات و السبعينات أو ولادة الحركة اليسارية المعارضة خارج أرتدوكسية الحزب الشيوعي التونسي الذي تأسس في عهد الاستعمار الفرنسي سنة 1920). 

لماذا يتغيب اليسار المنظم عن جل تظاهرات اليسار المفكر الحر الناقد؟ ما هي أسباب و خفايا هذه القطيعة بين الناقد (الأصول) و المنقود (الفروع)؟ لماذ يتجاهل اليسارُ السياسي الناشط اليسارَ الثقافي و يهمشه أكثر مما هو مهمش؟ لماذا لا يستفيد اليساريون المنتمون من تجربة اليساريين المفكرين المستقلين (لا أعني "مستقِلِّي الجبهة" فوحدها تسميتهم تدل على عدم استقلاليتهم)؟

حسب رأيي، كان و لا يزال جيلبار النقاش و محمد الشريف الفرجاني و فتحي بالحاج يحي، ثلاثتهم يمثلون أكبر ناقدي أو إبستمولوجيِّ اليسار التونسي. فعلى اليسار المتحزب الناشط إذن أن يستفيد من تجربتهم و فكرهم و نقدهم و نضجهم و لا يهملهم أو يهمشهم أو يتجاهلهم أو يهاجمهم!

أسوق لكم مثالا عن وجه الاستفادة من هؤلاء الجهابذة: نأخذ مثلا أغزرهم علما، محمد الشريف الفرجاني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ليون 2 و عالِم الإسلاميات الناقد أو إبستمولجي التراث الإسلامي، لماذا لا تستفيد الأحزاب اليسارية الخمسة المذكورة أعلاه من فكره و تستدعيه ليحاضر في اختصاصه و ما أحوج اليساريين المتحزبين لمعرفة تراثهم العربي الإسلامي خاصة بعد تبنيهم العلني الصريح للهوية العربية الإسلامية، هوية مجتمعهم التونسي الذي من أجله يناضلون و لتغييره يطمحون دون أن يفهمون!

ملاحظة للأمانة
عندما كنت عضوا ناشطا و مؤسسا في المغفور له نادي جدل الثقافي بالاتحاد الجهوي للشغل ببنعروس، استدعينا قبل الثورة فتحي بالحاج يحي في حصة مميزة عن أدب السجون ليقدم كتابه "الحبس كذاب و الحي يروح" و ترأست يومها الجلسة و للشهادة حضر فيها محمد الكيلاني رئيس  الحزب الاشتراكي اليساري آنذاك.

ملاحظة ذاتية
اليوم فهمت لماذا يقاطعني و يهمشني و يتجاهلني بل و يهاجمني اليسار المنظم على مستوى محلي! و مَن أكون أنا جنب جيلبار و الفرجاني؟ استغنوا عن الأصل فلماذا تريدهم أن يعيروا اهتماما للنسخة؟ أنا قرأت و استفدت كثيرا من الكتابات النقدية لجيل اليسار التونسي المؤسس أي مجموعة برسبكتيف و العامل التونسي: جيلبار النقاش و محمد الشريف الفرجاني و فتحي بالحاج يحي و محمد الشرفي. من حسن حظي أو من صروف الدهر أنني شاركت البرسبكتيفيست  قطف ثمار تجربتهم السجنية القاسية دون أن أعاني التعذيب الذي عانوه. تحضرني الآن قولة جيلبار النقاش التي تقطر نقدا ذاتيا لاذعا لنضالات اليسار التونسي في الستينات و السبعينات: "كنا نعارض مستبدا يحكم شعبَه بواسطة حزب واحد (بورقيبة) و في الوقت نفسه كنا  نؤمن بفكر مَن هم أكثر استبدادا و قد هيمنوا أيضا على شعوبهم بواسطة حزب واحد (لينين و ستالين و ماو و كاسترو و قيفارا و خوجة و غيرهم).

إمضاء م. ع. د. م. ك.
"أنا متشائم بالذكاء و متفائل بالإرادة" أنتونيو قرامشي
قال الفيلسوف اليساري المغربي العظيم عبد الله العروي: "لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه". و مجتمعنا التونسي عربي مسلم في أغلبيته أو لا يكون مع احترام حقوق الأقليات العرقية و العقائدية فهي ملح الديمقراطية.
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد الهدام المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
قال الشاعر العراقي سعدي يوسف: "أسير مع الجميع وخطوتي وحدي". هذه وضعيتي أنا و قلة من اليساريين التونسيين داخل العائلة اليسارية الموسّعة التي تجمع أربع عائلات ضيقة وهي العائلة الفوضوية و العائلة الماركسية و العائلة القومية الاشتراكية و عائلتي أنا، أعني العائلة  الاشتراكية الديمقراطية على النمط الأسكندنافي و ليس على شكل حزب الديمقراطيين الاشتراكيين التونسي (M. D. S).
أنا لا أرغب من وراء نشر مقالاتي النقدية في المجالات التربوية و الاجتماعية و الدينية أن أسُوءَ أي قارئ في نفسه و لا في رأيه، بل أريد أن أوثر وده و أرعى حقه في التمسك برأيه حتى لو كان مخالفا أو مناقضا أو داحضا لرأيي.
"يمنعني من ذلك قلب رقيق و حس دقيق و إيثار للعافية و إشفاق أن يصنع الناس بي صنيعي بهم" (طه حسين، مع أبي العلاء في سجنه، 1979).

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 21  ديسمبر 2014.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire