vendredi 19 décembre 2014

رسالة "منطقية" ودية من مفكر تونسي مؤمن بوجود الله المتجلي في وجود المؤمنين إلى زميلي المثقف التونسي الملحد المسالم. مواطن العالم د. محمد كشكار

رسالة "منطقية" ودية من مفكر تونسي مؤمن بوجود الله المتجلي في وجود المؤمنين إلى زميلي المثقف التونسي الملحد المسالم. مواطن  العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، السبت 13 سبتمبر 2014.

زميليي المثقف التونسي الملحد المسالم: القرآن و الدستور التونسي الجديد يضمنان لك حرية العقيدة و الضمير و التعبير و الرسول محمد صلى عليه و سلم جادل ملحدين عصره بالتي هي أحسن كما أمره ربه سبحانه و تعالى. ثق أنني أحبك و أحترمك و أُجِلّك و أعترف بك أخا في المواطنة و الإنسانية، مواطنا كامل الحقوق، و أنا طامع في حِلمك، أفلا يتسع صدرك و تسمعني دقيقة من فضلك؟

أنت مادي و لذلك لا تؤمن بوجود إله مجرّد غير محسوس. ربما يكون معك جزء من الحقيقة و لك كامل الحرية في عدم الإيمان بالله و لا تجزع فأنت متناسق مع منطقك الداخلي المتماسك نظريا، لكن ألا تدري أنك من حيث لا تدري قد نصبت لنفسك فخا مصنوعا من المنطق نفسه و سجنت نفسك فيه؟ فهل تؤمن لو عُرِض عليك دليل مادي محسوس ينبِئك على  وجود الله؟

إن أجبت بنعم وقعتَ، و إن بلا فقد جنيت على نفسك و خالفت منطقك المادي بنفسك!

الدليل ليس من صنع أحد و ليس معقدا فهو إذن دليل بديهي و واضح، واضح في النور و الظلمة، و هو أمامك و خلفك و تصادفه في حياتك في القدوم و الرواح كل دقيقة و كل ساعة و كل يوم، تعرفه كما تعرف نفسك بل  هو نسخة منك مطابقة للأصل. أنت تفتش عن الدليل في السماء، و الدليل موجود قربك في الأرض، ألا تدري أن رَبّ السماء قد استخلف الإنسانَ في الأرض، استخلفك أنتَ الملحد و استخلف أخاك الإنسان المؤمن بالله، الإنسان يعني قريبك و حبيبك و صديقك و جارك و ربما يكون أباك أو أمك أو أخاك أو ولدك. أفلا تصدّق أخاك المؤمن (أنا قَبلك صدّقته) و تكفي نفسك و تريحها من عناء الجدل العقيم و محاولة استنباط أدلة مادية  على وجود إله مجرد،  قمة العبثية لأنك لن تقدر - حسب رأيي - بكل ما أوتيت من علم و فلسفة و عقلانية أن تنفي  وجود إله مجرد أو تؤكد على العكس وجوده. بكل ود و احترام أرجوك: حاول أن تجنب نفسَك قلقا وجوديا عقيما لا طائل من ورائه إلا "الستريس" المَرَضي، و وظف جهدك و ذكاءك - الذي تتميز بهما عن الآخرين - فيما ينفعك و ينفع  الناس الذين تحبهم رغم اختلافك معهم، و اشتغل على صورة الله المتجلية في الإنسانية المادية الرائعة و هذا ما أمر به الله عباده المؤمنين، و احتفظ بإلحادك الشخصي لنفسك إن شئت!

أما أنا و كمؤمن بوجود الله المتجلي في وجود المؤمنين، أقول لك: الفن و الأدب و الإبداع عموما و العلم و الفلسفة و المنطق و العقلانية، أمرونا أن نحب البشر جميعا دون تمييز عرقي أو لوني أو جنسي أو  ديني أو مذهبي أو طائفي أو طبقي أو ذهني أو إيديولوجي، و لا نستطيع أن نحبهم و في نفس الوقت ننكر عليهم معتقداتهم و أفكارهم و طقوسهم الدينية، إسلامية كانت أو مسيحية أو يهودية أو بهائية أو بوذية أو  هندوسية أو غيرها.

و بكل أريحية و ثقة في الآخر، أستطيع أن أقول لبعض إخواني المسلمين الذين أختلف معهم: أنا دائما أحبكم، لكن بعض تأويلاتكم (مثل التكفير و الإكراه في الدين بالعنف المسلح) و بعض تطبيقاتكم (مثل الكسل و التبذير و الاحتكار و الشطط في الأسعار في شهر رمضان الكريم) لا تتماشى مع القرن 21، "لكني أعتقد أن الحب الوجداني لا يتعارض مع النقد الفكري العَلماني. إن الحب يروّض و يهذّب النقد، و النقد بدوره يجعل الحب عادلا، واعيا، و انتقائيا. الله نفسه، كما صُوِّرَ في الخطابين الإنجيلي و القرآني، لا يعرف الحيادية، بل إنه يشجُب الظالمين و ينصر المظلومين" (كتاب "المسيحية، الإسلام و النقد العَلماني"، وليم الشريف، دار الطليعة، الطبعة الأولى، بيروت، 2000، صفحة 24).

إمضاء م. ع. د. م. ك.
"أنا متشائم بالذكاء و متفائل بالإرادة" أنتونيو قرامشي
قال الفيلسوف اليساري المغربي العظيم عبد الله العروي: "لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه". و مجتمعنا التونسي عربي مسلم في أغلبيته أو لا يكون مع احترام حقوق الأقليات العرقية و العقائدية فهي ملح الديمقراطية.
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد الهدام المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
قال الشاعر العراقي سعدي يوسف: "أسير مع الجميع وخطوتي وحدي". هذه وضعيتي أنا و قلة من اليساريين التونسيين داخل العائلة اليسارية الموسّعة التي تجمع أربع عائلات ضيقة وهي  العائلة الفوضوية و العائلة الماركسية و العائلة القومية الاشتراكية و عائلتي أنا، أعني العائلة  الاشتراكية الديمقراطية على النمط الأسكندنافي و ليس على شكل حزب الديمقراطيين الاشتراكيين التونسي (M. D. S).



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire