هل يمثل الدين الإسلامي عامل تقدم
أو عامل تخلف؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار
يبدو لي أن الدين الإسلامي -
مثله مثل المسيحية و اليهودية - لا يمثل عامل تخلف و لا عامل تقدم و الدليل القاطع
- حسب رأيي - أن أربعين بالمائة من مسلمي العالم يعيشون في دول علمانية متقدمة أو
في طريق التقدم مثل أمريكا و أوروبا و الصين و الهند، و بغض النظر عن تدينهم الباطن
أو الظاهر، لم يمنعهم دينهم من المشاركة في صنع المعرفة و الحضارة الغربيتين. أما
الستون بالمائة من الأمة الإسلامية المتبقية فهم يعيشون في دول إسلامية متخلفة أو
في طريق مزيد من التخلف، و بغض النظر عن تدينهم الخالص أو المزيف، لم يجنّبهم
دينهم الانزلاق نحو الأسوأ، أعني به الجهل و الفقر و المرض و الفساد و الرشوة و
المحسوبية و السفاهة (السفيه هو من يبذر ماله فيما لا يفيد، و لنا باع و ذراع في
هذا المجال و البركة في أغنيائنا و خاصة أغنياء الخليج).
ما العمل إذن؟
للتقدم و الازدهار سببان لا
ثالث لهما، و هما العلم و العمل. فلو علمنا و عملنا لتقدمنا كسائر الأمم. و من حسن
حظ البشرية أن العلم و العمل، هما الاثنان محل إجماع من قبل جميع الشرائع السماوية
منها و الأرضية.
لكن من المستحسن أن نوظف
القيم النبيلة في الإسلام للتشجيع على العلم و العمل و نبذ الجهل و الكسل و لنا في
ديننا دُرَرٌ، قرآن و حديث و سِيَر.
نأخذ على سبيل الذكر لا الحصر
صاحب جائزة نوبل للكيمياء لسنة 1999، العالم المسلم "المصري-الأمريكي"
أحمد زويل، تخرّج في مصر ثم سافر إلى أمريكا لطلب المزيد من العلم في بلاد العلم.
استغل ذكاءه في البحث العلمي مع ثلة من العلماء مختلفة العرق و الدين، ففرض علمه
على العالم أجمع لكنه احتفظ بدينه لنفسه و لم يفرضه على أحد. و مثله - دون مبالغة
- مئات الآلاف من العلماء المسلمين الذين شاركوا في صنع العلم الغربي، الركيزة
الأساسية للثقافة الغربية، و لا ننسى مئات الملايين من العمال المسلمين الذين
شاركوا في بناء المصانع الغربية و صنع السيارات و الطائرات. فما بالنا كمسلمين لا
نعترف بمشاركتنا في أبوّة هذه الثقافة الغربية و نصر دائما على اعتبارها أجنبية
وافدة و هي في الجزء الجيد منها من صنع أدمغتنا و عرق جبيننا؟ و ما بالنا ننسى أيضا
أن حضارتنا العربية الإسلامية المزدهرة سابقا هي أيضا وليدة تفاعل عدة حضارات مثل
اليونانية و الفارسية و البيزنطية و الهندية؟
لا يوجد فكر إسلامي مستقل، أو
فكر مسيحي مستقل، أو فكر يهودي مستقل، أو فكر بوذي مستقل، و لا يمكن أن يكون،
فالفكر عالمي و إنساني أو لا يكون.
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الخميس 6 مارس 2014.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire