vendredi 5 décembre 2014

وجهة نظر حول المثال الاقتصادي - الاجتماعي الصيني "الناجح" ذو الرأسين! مواطن العالم د. محمد كشكار

وجهة نظر حول المثال الاقتصادي - الاجتماعي الصيني "الناجح" ذو الرأسين! مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 12 فيفري 2012.

يبدو لي أنه من حسن تدبير القيادة الصينية "الشيوعية" الرصينة الموقّرة أن هداها تفكيرها الماركسي الأنجلسي اللينيني الستاليني الماوي و أوصلها إلى النتيجة الغريبة التالية: من سوء حظ البروليتاريا الصينية أن حزبها الأوحد، الحاكم الدكتاتوري الحالي، الشيوعي الطلائعي التقدمي الأرتدوكسي، جمع بين أسوأ ما في الأنظمة الشيوعية و أسوأ ما في الأنظمة الرأسمالية و لم يأخذ شيئا عن الأنظمة الأسكندنافية على حد علمي.

أسوأ ما في الأنظمة الشيوعية هو الغش و انعدام الضمير المهني في العمل (جل السلع الصينية سلع رخيصة و غير متقنة - بالتونسي نقول "مذرّحة" - بل في أحيان كثيرة مضرة بصحة الأطفال) و المساواة في الفقر و انعدام الحريات الفردية كحرية العقيدة و حرية الضمير و حرية النقد و حرية الرأي و حرية التفكير و حرية النشر و حرية الإعلام.

أسوأ ما في الأنظمة الرأسمالية هو تلويث البيئة الكونية و تبذير الثروات الطبيعية العالمية و هضم حقوق الأجيال الحاضرة و مصادرة مستقبل الأجيال القادمة و استغلال العمّال  و الفلاحين استغلالا مقنّعا في الغرب و استغلالا فاحشا و مفضوحا في بلدان العالم الثالث حيث يقع استلاب العمال و تهميش الفلاحين و تغريب السكان الأصليين و التسبّب في انبتاتهم عن أرضهم و تهجيرهم القسري و سرقة ثرواتهم الطبيعية مثل نهب بترول السودان من قبل الصين "الشيوعية الشعبية" و قهر البروليتاريا المستضعفة في الخرطوم و سوريا و كوريا الشمالية و ذلك بتدعيم الحكام المحلّيين الدكتاتوريين البشعين في هذه البلدان الثلاثة و مدّهم بالمساعدة السياسية و الاقتصادية و العسكرية المصلحية لـ"الامبريالية الشيوعية".

ما أبعد النسخة عن الأصل!
الأصل الماركسي يؤمن بقدرة العمّال و الفلاحين على صنع مصيرهم بأنفسهم اعتمادا على قدراتهم الذاتية و كما قال ماركس في صيحته المشهورة: "لا يحرّر العمّال  إلا العمّال أنفسهم". و الماركسية تؤمن أيضا بالمقولة الإنسانية الرائعة: "من كل حسب جهده و لكل حسب حاجته".
أما النسخة الصينية المشوّهة للماركسية فهي تؤمن برأسمالية الدولة التي تأبّد و تُجحِف في استغلال العمّال و الفلاحين أكثر ألف مرة من الرأسمالية الليبرالية الغربية، باستثناء الدول الأسكندنافية الاشتراكية الديمقراطية، و تحرمهم من أبسط حقوقهم في العدالة الاجتماعية الاشتراكية و الحرية و الرقي و الإنعتاق، هذه القيم الإنسانية العظيمة التي أبدع في النضال و التنظير من أجلها الفيلسوف الألماني العظيم كارل ماركس.

و الأدهى و أمرّ أن كل هذا الظلم و القهر و الاستعباد و الاستبداد في الدول الشيوعية يُمَارَسُ باسم دكتاتورية البروليتاريا و البروليتاريا من الدكتاتورية براء. من عاش تحت الدكتاتورية قرونا و قرونا، لا يمكن أن يرغب في حكم الطبقات الأخرى عن طريق الدكتاتورية. الدكتاتورية، يريدها الناطقون المزيّفون باسم البروليتاريا، يريدها الحزب الشيوعي الحاكم، الحزب المتكوّن أساسا من طبقة البرجوازية الصغيرة الانتهازية  التي تمارس الدكتاتورية على البروليتاريا باسم البروليتاريا و لم يحدث البتّة في تاريخ الأنظمة الشيوعية أن مارست البروليتاريا دكتاتورية على باقي الطبقات. و أنا شبه متأكّد - دون حجج و براهين - أن ماركس، لو قام من قبره و عرف ما ارتكبه لينين و ستالين و ماو و كاسترو من مظالم باسم هذا المفهوم، لألغى هذا المفهوم البشع المتكلّس و اللازماني، أعني مفهوم "ديكتاتورية البروليتاريا" من "بيان الحزب الشيوعي" المشهور باسم "المانيفاست". فلتسقط إذن "ديكتاتورية البروليتاريا" و تسقط معها إنجازات و تنظيرات لينين و ستالين و ماو و كاسترو، و يسقط "محرّري" العمال و الفلاحين في البلدان الشيوعية و في بلدان العالم الثالث الشبه اشتراكية!

أما نحن العرب و الأمازيغ و الأكراد المسلمون و المسيحيون، فقد استأثرنا - و الحمد لله الذي لا يُحمَد على مكروه سواه - استأثرنا بأسوأ ما في العرب و الأمازيغ و الأكراد و المسلمين و المسيحيين و الرأسماليين و الشيوعيين و الناس أجمعين و يا ليتنا وصلنا إلى عُشرِ ما وصل إليه الشيوعيون الصينيون - رغم وسائلهم الديكتاتورية - من تقدّم نسبي و مناعة و استقلال و صناعة و فلاحة و تجارة و  إبداع و علم و بحث علمي و تكنولوجيا و بنية تحتية.

ملاحظة هامة لرفع الالتباس
-         أنا أريد إسقاط النظام البعثي الدكتاتوري بسوريا.
-         أنا أريد المحافظة على حدود و وحدة و مؤسسات الدولة السورية.
-         أنا أريد نجاح الثورة السلمية السورية.
-         أنا لا أريد تدخلا عسكريا أجنبيا في سوريا عربيا كان أو غربيا و مهما كانت الحجج و التبريرات.

إمضاء م. ع. د. م. ك.
قال الفيلسوف اليساري المغربي العظيم عبد الله العروي: "لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه". و مجتمعنا التونسي عربي مسلم أو لا يكون مع احترام حقوق الأقليات العرقية و العقائدية.
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد الهدام المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
قال الشاعر العراقي سعدي يوسف: "أسير مع الجميع وخطوتي وحدي". هذه وضعيتي أنا و قلة من اليساريين التونسيين داخل العائلة اليسارية الموسّعة التي تجمع أربع عائلات ضيقة وهي  العائلة الفوضوية و العائلة الماركسية و العائلة القومية الاشتراكية و عائلتي أنا، أعني العائلة  الاشتراكية الديمقراطية على النمط الأسكندنافي و ليس على شكل حزب الديمقراطيين الاشتراكيين التونسي (M. D. S).


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire