vendredi 12 décembre 2014

ما معنى قول الناس: "لوجه الله"؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

ما معنى قول الناس: "لوجه الله"؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

عبارة "لوجه الله" التي نقولها عفويا بعد القيام بكل فعل خيري دون أجر، هي عبارة بسيطة و معبرة عن نكران الذات عند بعض مواطنينا. لا يحمّل المواطن التونسي هذه العبارة أكثر مما تتحمل لكن اسمحوا لي أن أتأمل في معناها قليلا.

بعد أن أنهيت تماريني الرياضية اليومية الصباحية داخ قاعة مغطاة بهدف المحافظة على أقل قدر ممكن من اللياقة البدنية الوظيفية الحيوية و لتمرين و تقوية الخلايا العضلية في جسمي قصد مقاومة مرض السكري، دخلت حجرة الملابس في قاعة الرياضة الخاصة على الساعة العاشرة صباحا، و جدت القاعة مضاءة بمصابيح كهربائية في ذروة الإضاءة الطبيعية. أطفأتها دون تفكير و طرحت على نفسي الأسئلة التالية: لماذا فعلت هذا؟ هل فعلته لوجه الله؟ هل الله محتاج لأفعالي أم غني عنها و عن أفعال كل البشر جميعا، هو الجبار المتكبر القهار الغني المغني المالك السيد المعز المذل القابض المتعال؟ هل فعلتُ هذا لحماية الأملاك الخاصة لصاحب القاعة الغني أيضا عن فعلتي البسيطة؟ إذن لماذا أطفأت النور الكهربائي إذن؟

فعلت هذا لعدة أسباب، من أهمها:
-         الاقتصاد في الطاقة الكهربائية حتى لو كانت ليست ملكي فهي فى الآخر ملك عمومي لأن التبذير في استهلاك الطاقة قد يضر بالمصلحة العامة و أدفع في الآخر فاتورته على شكل ضرائب.
-         المشاركة في التنقيص من الاحتباس أو التغيير الحراري في الكرة الأرضية لأن مضارّ هذا الأخير ترجع على الجميع بالجفاف و السرطان و لا تفرّق بين غني و فقير أو صديق و عدو للبيئة أو مصنّع مذنب أمريكي أو صيني و مستهلك غير مذنب تونسي أو موريطاني أو مؤمن أو ملحد أو مسلم أو يهودي. مع العلم أن أمريكا و الصين، أكبر منتجي غاز ثاني أكسيد الكربون المتسبب الرئيسي في التغيير الحراري، الاثنان لم يمضيا على الاتفاقية العالمية للتخفيض من مستوى انبعاث هذا الغاز في الهواء. 
-         المحافظة على الثروة الوطنية حيثما ما وجدت، عندي أو عندك.
-         كل فِعل لصالح الإنسان هو في الآخر يعتبر لوجه الله لأن الله غير محتاج و الإنسان هو دوما في أشد الحاجة لأخيه الإنسان.

ملاحظة
أرجوكم، لا تستغربوا السؤال المطروح في العنوان قبل أن تكتشفوا مثل ما اكتشفت أخيرا أسئلة التوحيدي و أجوبة مسكويه في كتاب "الهوامل و الشوامل" (أي الأسئلة و الأجوبة) في القرن الرابع هجري و العاشر ميلادي. للأمانة العلمية، قرأتها بعد كتابة المقال في الفصل الثالث ص 97 من كتاب "معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلامية"، تأليف: محمد أركون، ترجمة و تعليق: هشام صالح، دار الساقي، بيروت، الطبعة الأولى 2001. 317 صفحة:
-         ما معنى قول الناس: هذا من الله، و هذا بالله، و هذا إلى الله، و هذا على الله، و هذا بتدبير الله، و هذا بإرادة الله، و هذا بعلم الله؟ (سؤال رقم 35، ص 108).
-         لمَ صارت أبواب البحث عن كل شيء موجود أربعة، هي: هل، و الثاني ما، و الثالث أي، و الرابع لمَ؟ فأجابه مسكويه قائلا (ص 342): لأن هذه الأشياء الأربعة هي مبادئ جميع الموجودات و عِلَلِها الأُوَل.
-         من بين الأسئلة "العلمية" التي طرحها التوحيدي على مسكويه هناك أسئلة ساذجة من نوع: لماذا لا تُثلِج في الصيف كما يحصل أن تُمطِر أحيانا؟ (ص 321)، أو: لماذا يحاذي البحر الأرض اليابسة؟ (ص 357). و لكن هناك أسئلة مثيرة لاهتماماتنا نحن المعاصرون. يقول مثلا: لماذا يكون ماء البحر مالحا؟ (ص 359)، أو: لِمَ كان صوت الرعد إلى آذاننا أبطأ من رؤية البرق إلى أبصارنا؟ (ص 365).

إمضاء م. ع. د. م. ك.
قال الفيلسوف اليساري المغربي العظيم عبد الله العروي: "لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه". و مجتمعنا التونسي عربي مسلم أو لا يكون مع احترام حقوق الأقليات العرقية و العقائدية.
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد الهدام المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
قال الشاعر العراقي سعدي يوسف: "أسير مع الجميع وخطوتي وحدي". هذه وضعيتي أنا و قلة من اليساريين التونسيين داخل العائلة اليسارية الموسّعة التي تجمع أربع عائلات ضيقة وهي  العائلة الفوضوية و العائلة الماركسية و العائلة القومية الاشتراكية و عائلتي أنا، أعني العائلة  الاشتراكية الديمقراطية على النمط الأسكندنافي و ليس على شكل حزب الديمقراطيين الاشتراكيين التونسي (M. D. S).


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 21 ديسمبر 2011.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire