mardi 9 décembre 2014

هل تعدد الزوجات هو الحل الأمثل لمشكلة عوانس تونس 2011؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

هل تعدد الزوجات هو الحل الأمثل لمشكلة عوانس تونس 2011؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 17 سبتمبر 2011.

أوحى إليّ بهذا المقال غير العلمي خبر خفيف و طريف، سمعته اليوم، 17 سبتمبر 2011، في قناة "العربية" على الساعة 13 و 25 دق: "يوجد 9 ملايين فتاة عانس في مصر"، مصر التي يُسمح فيها شرعا و قانونا بتعدد الزوجات. صُنفت النتائج باعتبار أن العوانس هن اللواتي بلغن من العمر أكثر من 30 عاما دون أن يتزوجن، لأن احتمال الزواج بعد هذه السن يصبح ضعيفا.
و قرأت الأخبار التالية، اليوم في الأنترنات مع الإشارة أن الأنترنات ليست مرجعا علميا موثوقا به فعلى المشككين المحقين، التمحيص و التثبت من الأرقام التالية المعروضة عليهم:
-         لفتت نظري دراسة تقول أن مصر التي يوجد بها نحو 35 مليون امرأة من أصل عدد السكان البالغ 75 مليون نسمة، زادت بها أعداد الفتيات غير المتزوجات نتيجة ارتفاع البطالة بين الرجال، ونتيجة تزايد الأعباء المادية لتوفير وتجهيز مسكن الزواج، فضلاً عن ارتفاع نسبة التعليم الجامعي بين الفتيات.
-         سيرتفع عدد "العانسات" السعوديات من مليون و نصف عانس ‏‏حاليا،  2010، إلى أن يصل لأربعة ملايين خلال الخمس السنوات المقبلة. كما كشفت نتائج مسح وقع سنة 2007 أن "نسبة النوع" للسكان والذي يعني نسبة الذكور للإناث والتي تستخدم كمقياس للتوازن بين الجنسين، ويقصد بها عدد الذكور لكل 100 أنثى (  Le sexe ratio désigne le taux comparé de mâles et femelles au sein d'une espèce à reproduction sexuée. ) قد بلغت 102 ذكر لكل 100 أنثى، وتدل هذه النسبة على أن تركيبة المجتمع السعودي طبيعية حيث يقترب فيها عدد الذكور من عدد الإناث. في حين بلغت "نسبة النوع" لغير السعوديين  المقيمين في السعودية 223 ذكرا لكل 100 أنثى وتعتبر نسبة مرتفعة جدا وغير طبيعية، وتعزى أسباب اختلال هذه النسبة إلى زيادة الطلب على العمالة الوافدة من الذكور بدرجة كبيرة مقارنة بمثيلتها في الإناث من ناحية، ومن ناحية أخرى إلى أن غالبية الذكور من الوافدين يقيمون بمفردهم دون أسرهم.
-         وفقا لدراسة نُشرت في الإمارات فإن عدد العوانس قد وصل إلى 68% ممن في سن الزواج؛ أي أن في كل بيت إماراتي فتاة عانس، وكشفت دراسة حديثة أن 35% من الفتيات في كل من الكويت وقطر والبحرين بلغن مرحلة العنوسة، وانخفضت هذه النسبة في كل من اليمن وليبيا لتصل إلى 30%، بينما بلغت 20% في كل من السودان والصومال، و 10% في سلطنة عُمان والمغرب، وكانت أعلى نسبة قد تحققت في العراق إذ وصلت إلى85%.
-         نسبة الفتيات بالوطن العربي اللاتي تقدمت بهن سن الزواج في ارتفاع مطرد مقارنة بالعشر سنوات الماضية، مع الإشارة إلى الزيادة الكبيرة في عدد العوانس ببعض الدول العربية كالسعودية والكويت واليمن وليبيا والتي وصلت النسبة بها إلى 30%، وفق ما جاء في الدراسة.
-         يوجد بالأردن 87.000 عانس في 2007 من بين 6 ملايين نسمة.
-         تفيد الإحصائيات في الجزائر أن عدد العوانس يصل إلى ما يعادل عدد الشعب الليبي الشقيق (  51 %من الجزائريات في سن الزواج) أي ما يقارب ستة ملايين نسمة.
-       كشف تقرير إحصائي تم توزيعه مؤخرا على أعضاء مجلس النواب التونسي ومجلس المستشارين خلال مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2008 أن معدل العنوسة بين التونسيات أرتفع ارتفاعا كبيرا، مؤكدا أن عزوبة الإناث في عمر الإخصاب الأقصى (25 - 34) تشمل نصف الإناث وهذا يؤدى حتما إلى نتائج سلبية جدا على الخصوبة.
-         رغم محاولة البحث غير المعمق في الأنترنات عبر القوقل لم أجد أعداد العوانس في فرنسا و ألمانيا و الولايات المتحدة. أعزي هذا النقص في إحصاء العوانس إلى إباحة الارتباط الحر في هذه الدول مما لا يساعد على إحصائهن بصفة دقيقة.

يبدو لي أن هذا الإحصاء المتعدد المقدم أعلاه يمثل ردا علميا - قد يكون غير مقنع للمحافظين السلفيين النصوصيين - لكل من يَعِدُ عوانس تونس 2011 بحل مشكلتهن مُلوّحا بإمكانية التراجع عن تطبيق القانون المكتوب في مجلة الأحوال الشخصية التونسية و الذي ينص على المنع القانوني البات المسلّط على كل تونسي بحرمانه من حقه الإلهي الشرعي في التزوج بأكثر من واحدة في فترة زمنية واحدة.
يبدو لي أن قانون بورقيبة المانع لتعدد الزوجات، جاء ليقنن وضعا اجتماعيا سائدا في الخمسينات (يبدو أن التونسي غير مزواج بطبيعته، و ذلك لعدة أسباب أعرف البعض منها و أجهل الكثير منها و أتمنى أن تقع يديّ  على دراسة علمية تشفي غليلي و تستجيب لحيرتي العلمية الخالية من الخلفيات الأيديولوجية المسبقة  في هذا الموضوع) و لم يكن فوقيا على حد علمي أو مستوردا من الغرب بل كان قانونا نابعا و مستمدا من الشريعة الإسلامية السمحة التي تكمن قوتها في قابليتها للتجديد و التجدد و التطور و التأويل و الاجتهاد على يد علماء مسلمين جهابذة لا يخلو - و الحمد لله - زمن و لا مصر من أمثالهم.
أقرّ أنني لست مختصا في فقه الدين الإسلامي و لكنني سمعت و قرأت أن الزواج بأكثر من واحدة في نفس الوقت هو سلوك اجتماعي مباح بصريح الآية القرآنية الكريمة أحادية الدلالة لكنني سمعت و قرأت أيضا أن هذا السلوك الاجتماعي المحترم ليس واجبا شرعيا يُثاب من يطبقه و يُعاقب من يهمله و أنه يحق لأهل الذكر من علماء الدين المسلمين من مستشاري الحكام - إن ارتأوا ذلك، مقدّمين درء المفسدة على جلب المصلحة لما فيه خير الأمة الإسلامية -  أن يجتهدوا و يمنعوه قانونيا دون أن يحرّموه شرعيا و هذا ما فعله جزئيا، في الخمسينات من القرن الماضي، العلماء المسلمون التونسيون، مستشارو بورقيبة عندما أشاروا عليه بصدق و أصابوا بتقنين الوضع الشائع و السائد في تونس الخمسينات من القرن العشرين أي قانون مجلة الأحوال الشخصية الصادر في 27 سبتمبر 1057 و  المتمثل في عدم الجمع بين زوجتين اثنتين أو ثلاثة أو أربعة في نفس الوقت و الاكتفاء بواحدة دون مخالفة الشريعة الإسلامية السمحة  في مقاصدها السامية و النبيلة من أجل حفظ كرامة المرأة التونسية، أمّنا و أختنا و بنتنا و عمتنا و خالتنا و جارتنا و شريكتنا في الحياة و المواطنة.
عبر التاريخ المعاصر لمسقط رأسي، قرية جمنة الحبيبة، الملقبة بدار العلوم، الواقعة بالجنوب الغربي التونسي، و ذلك قبل و بعد قانون بورقيبة الذي ينصّ في مجلة الأحوال الشخصية على منع تعدد الزوجات، لم يوجد، على حد علمي، في قريتنا، التي تعد في الخمسينات تقريبا 4 آلاف ساكن، إلا خمسة رجال فقط قد جمعوا كل واحد منهم زوجتين في نفس الوقت و أظن أنهم قد توفوا هم و زوجاتهم المصونات منذ أمد قريب، رحمهم الله و أسكنهم الرحمان فراديس جنانه. قانون بورقيبة إذن ليس بدعة بل جاء ليقنن وضعا اجتماعيا سائدا و معيشا بغض النظر عن الجدل القائم حول توافقه أو تعارضه مع أحكام الشريعة الإسلامية المتساهلة في العدل و الحرية و الحق.
لماذا لا نقلد محمدا، رسول الله صلى الله عليه و سلم، و نصرخ صرخته الحنونة المشهورة في حديثه المشهور (للأمانة لا أعرف إن كان هذا الحديث ضعيفا أو صحيحا لكن أنا أعتقد جازما أن كل ما يُنسب للرسول من أحاديث جميلة هي أحاديث صحيحة و الشيء من مأتاه لا يُستغرب ، أصدقها و أعمل على هديها و أطبقها قدر المستطاع) الموجه إلى علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ، عندما فكر هذا الأخير رضي الله عنه مجرد تفكير في الزواج بثانية أثناء زواجه بفاطمة الزهراء رضي الله عنها و عن ذريتها الحسن و الحسين، ابنة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه و سلم، قائلا: "إلا فاطمة يا علي". كلنا أحباب الرسول، و كل بناتنا فاطمة، و معزّة فاطمة عند الرسول، و هو المشهود له بالحنان الأبوي و العدل الرباني، لا تزيد عن معزة بناتنا عند آبائهن، مع حفظ المقام العالي لابنة الرسول صلى الله عليه و سلم. لذلك يجب أن يصرخ إذن كل أب مسلم مؤمن حنون مقتديا بالرسول الكريم، صلوات الله عليه و سلامه، أشرف و أكبر و أعظم و أنبل قدوة في حضارتنا العربية الإسلامية و يقول: "إلا ابنتي يا صهري فلان".

ملاحظة عابرة أضيفها للمقال و أمضي بعد نشره بسنتين تقريبا ، أي اليوم 30 جوان 2013،  و من فضلكم لا تحمّلوها أكثر مما يتحمل المقام و المقال و القائل و الناقل الأمين المستقل المعارض للسلطة السياسية سابقا و حاضرا و مستقبلا: في اجتماع عام علني لحزب حركة النهضة ببلدية حمام الشط، سمعت زميلتي السابقة، أستاذة الفلسفة و نائبة في المجلس التأسيسي عن النهضة، تقول أن تعدد الزوجات يُعتبر إهانة للمرأة.

إمضاء م. ع. د. م. ك.
قال الفيلسوف اليساري المغربي العظيم عبد الله العروي: "لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه". و مجتمعنا التونسي عربي مسلم أو لا يكون مع احترام حقوق الأقليات العرقية و العقائدية.
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد الهدام المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
قال الشاعر العراقي سعدي يوسف: "أسير مع الجميع وخطوتي وحدي". هذه وضعيتي أنا و قلة من اليساريين التونسيين داخل العائلة اليسارية الموسّعة التي تجمع أربع عائلات ضيقة وهي  العائلة الفوضوية و العائلة الماركسية و العائلة القومية الاشتراكية و عائلتي أنا، أعني العائلة  الاشتراكية الديمقراطية على النمط الأسكندنافي و ليس على شكل حزب الديمقراطيين الاشتراكيين التونسي (M. D. S).


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire