mardi 7 janvier 2020

الشيخ راشد الغنوشي يكيل فكريًّا بمكيالَين: يَرفعُ حجتَه المنطقية في المساواة ضد أرسطو ويُخفِيها ضد عمر! مواطن العالَم



1.     الشيخ وأرسطو: "فأرسطو مثلا كان يعتقد أن اليوناني سيد بالولادة وغيره عبد بالولادة" (ص 55).
تعليق مواطن العالَم: لا وجود لمساواة بين السيد والعبد في حضارة الإغريق في القرن الرابع قبل الميلاد.

2.     الشيخ وعمر: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا" - كما هي صرخة الفاروق التي رددتها الإعلانات والدساتير الحديثة" (ص 18). "قالها منتصرًا لأحد رعايا الدولة المسلمة من أقباط مصر مشهّرًا بقائد هو من أعظم قادة الفتح الإسلامي عمرو بن العاص الذي اعتدى ابنه على ابن القبطي، فمكّنه الخليفة من القصاص، مؤكدًا على حق المساواة في الكرامة..." (ص 31).
تعليق مواطن العالَم: كلمة "الناس الأحرار" في صرخة الفاروق المشهورة تعني طبقة من الناس ولا تعني كل الناس، أي تعني الأسياد فقط ولا تشمل طبقة أخرى من الناس، أعني بها طبقة العبيد، العبيد غير المُعْتَقِين (غير المحرَّرِين)، الذين لا يزالون على مِلك أسيادهم المسلمين أو القبطيين في ذلك العصر، فلا وجود إذن لمساواة بين السيد والعبد حتى في حضارة الإسلام في القرن السابع بعد الميلاد كما لم توجد من قبلها في حضارة الإغريق في القرن الرابع قبل الميلاد، إذ لا عاقل ينكر وجود عبيد في عهد عمر، لكن مع فارق مهم جدًّا بين الحضارتَين: الحضارة الإغريقية تقول أن السيد يولد سيدًا ويبقى طول عمره سيدًا والعبد يولد عبدًا ويبقى طول عمره عبدًا، أما الحضارة الإسلامية فتشجع على عَتْقِ العبيد أي تحريرهم من الرِّقِّ. صرخة الفاروق إذن لم ترددها الإعلانات والدساتير الحديثة كما هِيَ، كما قد يُفهَم لأوّل وهلةِ من نص الشيخ، بل رددتها مع تصحيحٍ مهمٍّ، هو نتيجة تطور الحضارة الإنسانية عمومًا (أي الحضارة اللاتينية-الإغريقية-اليهودية-المسيحية والحضارة الإسلامية)، تصحيحٍ يؤكد على أن كلمة "الناس الأحرار" أصبحت تشمل كل الناس (ولم تَعُدْ حِكرًا على فئةٍ من الناس دون غيرها) بعدما ألغِيت العبودية نهائيًّا وفي حضارات العالَمِ أجمعِ (Le concept n’est pas un mot figé, il a une histoire, c’est-à-dire il change de signification d’une époque à une autre).

المصدر: الشيخ راشد الغنوشي، "مقاربات في العلمانية والمجتمع المدني"، دار المجتهد للنشر والتوزيع، صدر قبل الثورة، 153 صفحة.

إمضائي (مواطن العالَم البستاني، متعدّد الهُويات، l’homme semi-perméable، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً، يساري غير ماركسي حر ومستقل، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي" - Adepte de l’orthodoxie spirituelle à l’échelle individuelle):
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)
À un mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence. Le Monde diplomatique


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 7 جانفي 2020.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire