رجعتُ للتوّ فرحًا مزهوًّا
سعيدًا من لقاء ثلاثة زملاء دراسة، ثلاثة أساتذة جامعيين كِبار (لسعد مولهي، فتحي
مطّوسي ودوسر زين الدين). قصدتُهم في خدمةٍ إنسانيةٍ مهمةٍ فرحّبوا بي ترحيبًا
كبيرًا، وكنتُ واثقًا أنهم لن يخيّبوا ظني، أخذوا بخاطري وأعطوني حق قدْري أو
أكثر، بارك الله فيهم على ما فعلوه معي اليوم، السبت 11 جانفي 2020.
لماذا أنا سعيدٌ فوق اللازم، لأن هذا النوع من التقدير
والاحترام، نوع افتقدته لدى أصدقائى الجمنين القدامى اليساريين إلا 2 فقط، واحد منهم زميل دراسة
(إعدادي، ثانوي، عال، ماجستير ودكتورا في نفس الاختصاص وفي نفس الجامعة ومع نفس
المؤطر بيير كليمان). وحتى مع الذين افتقدتُ صداقتهم، كانت لي معهم ذكريات حِلوة وعِشرةً
جميلةً، عِشرةً دامت ما يقارب نصف قرنٍ من الزمن الغدّارْ، عِشرةً ذهبتْ، ذهبتْ وإلى
الأبد بسبب خلافات إيديولوجية تافهة، "إتِّي اليسار التونسي الكُلُّو تافه"، والتافه لا يَلِدُ إلا التافه، يعني "أنا يساري تونسي، دونكْ أنا تافه"، إلا من رحم ربي. أفقَدوني قدْري، وأنا لا أستحق كل هذه القسوة
وخاصة عندما تكون قسوةً دون موجبٍ وجيهٍ وفي غير محلّها الذي هو أنا، ظلموني أصدقائى الجمنين القدامى
اليساريين، والله ظلموني، وكرامتي عندي قبل الصداقة وفوقها حتى ولو كان عمر هذه الأخيرة
اللعينة 100 عام، لذلك بقيتْ ذكراهم،
لكنها ذكرى كـ"الغُصّة في قلبي"، "غُصّة" صعبٌ عليَّ أنساها، بل مستحيل عليَّ أنساها، أنساها "دا كلام"..
أنساها "يا سلام".. "آهُ دا اللِّموش ممكن أبدًا".. أنساها..
أبكيها.. أنساها.. أبكيها.. أنساها.. أبكيها.. والله بالدموع الحقيقية، أنا الآن
أبكيها.
ملاحظة ديونتولوجية: قصدًا، لم
أذكر اسم الجامعة ولا اسم الطالبة المعنية بالتدخل وذلك حفاظًا على كرامة الطالبة
مرحلة ثالثة وأنَفَتِها (والله لم أصادف في حياتي عِزّةَ نفسٍ مثل التي لمستها عند
هذه المعلمة-الطالبة المجاهدة في سبيل العلم والمعرفة، متزوجة، 34 سنة، أقل عُمرًا
من ابنتي عبير)، معرفة فيسبوكية جاءتني حتى مقهى الشيحي التعيسة التي لم تعد
تعيسة، جاءتني من الزهروني، شربت كأس ماء صافية، حَكَتْ لي قصتَها مع الماجستير
ديداكتيك بيولوجيا (اختصاصي)، ثم طلبتْ تدخلي في الخير فلبيتُ طلبها على الفور ودون تردد، وبالمناسبة أشكرها
على كونها كانت سببًا في لقاء الثلاثة أصدقاء الأعزاء المذكورين أعلاه ورابعتهم
شيراز فيزيك وعبر الهاتف ملكة جمال دُفعتِنا، الدُفعة الأولى في ديداكتيك
البيولوجيا، دُفعة ماجستير 2000، الأستاذة الجامعية سماح. وكانت أيضًا سببًا في
استرجاع ذكرياتي المتقطعة (1972-2007) في هذه الجامعة التي قضيتُ فيها 13 عام دراسة، حضنٌ ثانٍ
مريحٌ بعد حضن أمي وقبل حضن زوجتي وبيتي وأولادي، جميلةٌ أعشقها واسمها "جامعة"،
وهي اليوم جمعت بالفعل بثلاثة أصدقاء دراسة، أصدقاء لم ألاقِهم منذ سنوات، فألفُ شكرٍ
يا صغيرتي ش. ع.
ما أحلَى الاعترافَ بقِيمتِكَ
الاعتبارية من قِبل الأصدقاء، خاصة عندما تكون متأكدًا أنك لا تستحق غير الاحترام،
والسلام على مَن رَدَّ السلام، وعلى مَن تجاهلني ولم يَرُدْ، وعلى مَن صدّقني،
وعلى مَن لم يصدّقني أيضًا.
إمضائي (مواطن
العالَم البستاني، متعدّد الهُويات، l’homme semi-perméable، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً، يساري غير ماركسي حر ومستقل، غاندي
الهوى ومؤمن بمبدأ "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي" - Adepte de l’orthodoxie spirituelle à l’échelle
individuelle):
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر"
(جبران)
À un mauvais discours, on répond par un bon discours
et non par la violence. Le Monde diplomatique
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 11 جانفي 2020.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire