أخذتُ سؤالَه وجوابه اللذَين وردا حرفيًّا في كتابه
"مقاربات في العلمانية والمجتمع المدني" صفحتَي 12 و13، الصادر بدار
المجتهد للنشر والتوزيع، صدر قبل الثورة (لم أجد في الكتاب تأريخًا للإصدار،
فاستندتُ إلى تاريخ أورده كاتب التقديم وهو 1999).
السؤالُ، سؤالُه: "هل تستوي مشاركة مالكي البنوك
والشركات العملاقة والصحف الكبرى والقنوات الفضائية، هل تستوي حقوقهم ومشاركاتهم
في صنع القرارات الكبرى وحتى الصغرى مع مَن لا يكاد يملك قوت يومه، شأن هذه
الملايين من المشرّدين والعاطلين ممن همشتهم ولفظتهم وقودًا لعصابات الإجرام
والمخدرات، الآلة الرأسمالية الخرساء؟".
والجوابُ، جوابُه: "لا يستويان، الأمر الذي يجعل
الدولة وهي ضمن هذا التصور الليبرالي لا تعدو كونها أداة للتعبير عن الإرادة
العامة، ومجرد أداة لخدمة القلة المحظوظة التي تحكم باسم تفويض يتجدد، فتنقل
السلطة سلميا داخل نفس العائلة المحظوظة، لكنه تفويض مزيّف يكاد يكون الفرق الوحيد
بين الديمقراطية والديكتاتورية، ذلك ما يجعل قضية الحرية في هذا التصور تنطوي على
نظرة فردية هي في جوهرها سلبية تماما وشكلية".
سؤالي أنا: ما موقفك الفكري اليوم -من نفس الإشكالية
التي طرحتها قبل الثورة في كتابك هذا- وأنت الآن تترأس أهمَّ قطبٍ من أقطابِ
السلطة -أعني به البرلمان- سلطة وصلتَ إليها -على حد تعبيرك أنتَ بالذات- بـ"تَفوِيضٍ
مُزَيَّفٍ"؟
ملاحظة ديونتولوجية: للأمانة العلمية وحتى لا يُقالُ
أنني أخرجتُ كلام الشيخ من سياقه: نَصَّا سؤالِه وجوابِه وردا في الفقرة عدد 1 - 5 وبدايتها كالآتي: "إن الحرية بمعناها الليبرالي كثيرًا ما تعرضت لحملات النقد
الماركسي التي وصمتها بالشكلية" (كيساري غير ماركسي، أنا أرى أن هذا النقد
الماركسي للديمقراطية الليبرالية لا يزال معاصرًا جدَّااا ووجيهًا جدَّااا).
ملاحظة فكرية: كيساري غير ماركسي، أنا أوافق الشيخ تماما
فيما أورده من نقدٍ لاذعٍ للأنظمة الشيوعية المنقرضة والحالية، قال في الفقرة عدد 1 - 7،
صفحة 14: "ولكن هذا النقد لا يمكن أن يمضي مع الماركسيين إلى نهاية ما يريدون
من تقويض النموذج الغربي على سلبياته وتناقضاته بما يوقع في براثن رأسمالية أشد
بؤسًا، تحرم الضحية حتى من حق الصراخ والاحتجاج وينعدم حتى ما يتوفر في النموذج
الغربي من صراع بين النخب يحتاج فيه كل طرف إلى الجماهير، فتسعى إليها بتقديم بعض
الترضيات، الأمر الذي يجعل العلاج الشيوعي هو تداوٍ بالداء، لأنه إمعان في تركيز
الثورة والسلطة والعلم والثقافة والإعلام في يد حزب واحد، هو عبارة عن عصابة تتحكم
في ضمائر الناس وأرزاقهم. وكثيراً ما ينتهي حكم العصابة إلى حكم فرد جبّار عنيد،
ومن ثَمَّ فإن نقد النموذج الليبرالي لا يمكن أن يسمح لنفسه أن يوظَّف من طرف بديل
ماركسي أسوأ، أو من طرف أي بديل فردي ديكتاتوري مهما اختلفت شعاراته أكانت
اشتراكية أم وطنية أم عروبية أم إسلامية" (كيساري غير ماركسي، أنا أوظَّف النقد
الماركسي -هذا- للنموذج الليبرالي من أجل بلوغِ نموذجٍ أفضلَ، نموذجٍ مثل
النموذج الاشتراكي-الديمقراطي السائد حاليًّا في الدول الأسكندنافية، نموذجٍ يحاول
استغلال المكتسبات الجيدة سَواءً أتت من الرأسمالية أو من الشيوعية، وأتمنى في
المستقبل القريب أن ينزاح تمامًا شِقُّ الاقتصاد الرأسمالي الاستغلالي هيكليًّا
ويسود في الآخِر شِقُّ الاقتصاد الاجتماعي-التضامني غير الاستغلالي هيكليًّا،
وأسوتي في ذلك ودليلي الذي أستنيرُ بنوره الوهّاج، هي تجربة جمنة الرائدة،
جمنة مسقط رأسي، جمنة أغلى حبيبة رغم البعاد).
إمضائي (مواطن
العالَم البستاني، متعدّد الهُويات، l’homme semi-perméable، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً، يساري غير ماركسي حر ومستقل، غاندي
الهوى ومؤمن بمبدأ "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي" - Adepte de l’orthodoxie spirituelle à l’échelle
individuelle):
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر"
(جبران)
À un mauvais discours, on répond par un bon discours
et non par la violence. Le Monde diplomatique
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 6 جانفي 2020.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire