-
في عهدي، تداولَ على إدارة المعهد أربعةُ
مُدَراءٍ. احترامًا لصفتهم واحترامًا للتراتُبيّةِ الإداريةِ المقدّسةِ عندي، لم
أرفعْ صوتي يومًا في وجه أي واحدٍ منهم.
-
في قاعة الأساتذة توجدُ السبّورة النقابية،
ومن حق النقابيين أن يعلِّقوا فيها كل البلاغات النقابية دون استشارة المدير، أما
أنا - وانطلاقًا من مبدأ "الأولوية لا تُفرض بالقوة" - فكنتُ أعلِمُ
المديرَ قَبل أي تعليقٍ، وذلك إيمانًا مني بحق المدير في العِلمِ بكل صغيرةٍ أو
كبيرةٍ تحدثُ في معهده بصفته المسؤولُ الأولُ والأخيرُ على حُسنِ سَيرِ المعهدِ.
لم يحصلْ أن نزع يومًا مديرٌ ورقةً علّقها كشكار.
-
قبل الإضراب الوطني، أعلِمُ ولا أحرّضُ أحدًا
ولم أذهب يومًا للإعدادِيتَين الكائنتَين بحمام الشط. إذا سألني أستاذٌ متربِّصٌ: "هل
أضرِبُ أم ألتحقُ بقسمي؟". أجيبه كالآتي: "مجلة الشغل تمنحك حق الإضراب
وأنتَ حرٌّ". أمّا في الإضرابات الداخلية الاحتجاجية الطارئة فأتحوّلُ إلى
نقابيٍّ شَرِسٍ نُصرةً لزميلٍ ظُلِمْ: أغلِق بابَ قاعة الأساتذة وأحرّضُ على
الإضراب وبِحماسَةٍ شديدَةٍ جدًّا.
-
يوم الإضراب الوطني، أدخلُ المعهد أول أستاذ
ربع ساعة قبل الثامنة صباحًا، أشرِفُ على كل الإضراباتِ صباحًا ومساءً وأوكِل
مهمةَ حضورِ الاجتماعاتِ العامةِ في الاتحاد الجهوي أو في ساحة محمد علي لأعضاءٍ
من نقابتنا الأساسية. يتجمّعُ الأساتذة داخل القاعة. يأتي المدير ويقول: "لقد
ألغِيَ الإضرابُ". أعقِّبُ عليه قائلاً: "النقابة العامة تقولُ لكم أن الإضرابَ
لم يُلغَ"، فيغادرُ المديرُ القاعة دون أي نقاشٍ. ألتحقُ به خارجَ القاعةِ وأقولُ
له: "لو حدثَ أيُّ شَغَبٍ في المعهدِ من صُنْعِ التلامذة أو من عناصرَ خارجِيةٍ،
فأنا مستعِدٌّ أن أوقِفَ الإضرابَ فجأةً ونتجنّدُ كلنا معك لحمايةِ المؤسسة من
الخارجِ أو لحمايتِها من تَهوُّرِ تلامذتنا أنفسِهم".
-
في العادة وكلما اتصلتُ بالمدير لإعلامِه بأي
تحرّكٍ نقابيٍّ قبل وقوعِه مهما كان صغيرًا إلا وبدأتُ كلامي بِــ"هل
ممكن" حتى قال لي أحدُ المديرين يومًا: غلبتني بِــ"هل ممكن" يا سي
كشكار!
-
أنتجتُ بُوستِيرًا علميًّا حول مخ المرأة ومخ
الرجل (Un poster) علقته في الساحة،
طبعًا بعد طلبِ إذن المدير، تغيّرَ المدير والبوستير خمسة عشر سنة في مكانه،
غيّرتُ المعهد وهو باقٍ في مكانه، أحِلتُ على التقاعدِ سنة 2012 وما يزالُ في
مكانه مع مديرين لم أعمل معهم، زُرتُ المعهدَ في يوم العِلم 2018 فوجدته في مكانه، وأظنه إلى اليوم ما يزال صامدًا ضد
التقلّبات المناخية.
رأيٌ لا
يمكنُ أن أكتمَه: بعد التقاعدِ، أصبحتُ أدعو إلى دَسترةِ تَحريمِ الإضرابِ
نهائيًّا في القطاع العمومي وخاصة في التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، لأن المدرّسينَ هُمُ كُهولٌ مؤتَمَنونَ
على قُصَّرٍ، وأجرِي على الله.
إمضائي
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ"
جبران
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الجمعة
28 سبتمبر 2018.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire