samedi 1 septembre 2018

الصحوةُ الإسلاميةُ في العالَمِ العربيِّ: توصيفٌ وليس حُكمًا قطعيًّا نهائيًّا؟ مواطن العالَم




الحصيلةُ الماديّةُ الظاهرةُ لِي من الصحوةِ الإسلاميةِ في العالَمِ العربيِّ: ارتفع عدد الدعاة والمصلين والحجاج والصائمين. تضاعف عدة مرات عدد الجوامع والمدارس القرآنية. تكاثر حفظة القرآن. زادت مبيعات الكتب الدينية. طغى الحجاب وانتشر النقاب. وصلت الأحزاب الإسلامية إلى السلطة التشريعية والتنفيذية في عدة دول عربية. القنوات الفضائية الدينية تُعَدُّ بالمئات. كل القنوات العمومية والخاصة أصبحت تبُث الآذان في أوقاته. لا يوجد مكان عمل تقريبًا دون مسجدٍ. الحانات قلّت، وأغلِقت أغلبُ دورِ البِغاء العلني.
تقريبًا صِفر إنجازات مؤسساتية أو اجتماعية أو اقتصادية أو صحية أو تعليمية أو ثقافية أو إبداعية فنية أو علمية أو تكنولوجية، إلخ.
ومِن أبشعِ إنجازاتِها، عشرات الاغتيالات لمثقفين عرب مسلمين غير إسلاميين، خاصةً في الجزائر ومصر ولبنان.
لم نَفُزْ من حُكمِهم أو مشاركتِهم في الحُكمِ ولو بجامعةٍ إسلاميةٍ جديدةٍ أو بنكٍ إسلاميٍّ جديدٍ أو مدينةٍ إسلاميةٍ جديدةٍ.

أنقل إليكم انطباعي الشخصي (قلت "انطباع" ولم أقل "تحليل علمي"): رغم يساريتي غير الماركسية الراسخة والمعلنة، ورغم عَلمانيتي غير المعادية للإسلاميين، والله العظيم، وفي قرارةِ نفسي وبيني وبين نفسي، استبشرتُ بالصحوةِ خيرًا، بصراحة استبشرتُ بما كنتُ أظن أنني سأجنيه منها لنفسي أولا وعاجلا، ولمستقبلِ أولادي من بَعدي ثانيا وآجلا: بشرٌ أتقياءٌ يخافون ربي، طبيبٌ غير جشعٍ، تاجرٌ غير مُشِطٍّ في الأسعارِ، ميكانيكيٌّ لا يغش، موظفٌ يخدم المواطنينَ وهو مبتسمٌ، صدقة لله. للأسف، سرعان ما خابَ فيها وقتيًّا ظني وتأكدتُ لاحقًا "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" (قرآن).

لا أستطيع أن أتنبأ بمستقبلِها القريبِ ولا البعيدِ، وأتمنى أن يكونا أفضلَ من حاضرِها، ولستُ متحاملاً حتى أحمِّلَها أوزارَ كل مصائبِنا (الحروب الأهلية والعمليات الإرهابية المنتشرة في جل البلدان العربية). أنا أعي جيدًا أنها لا تعدو أن تكونَ إلا عاملاً من العواملِ المؤثرةِ لا أكثر ولا أقل (الغربُ الاستعماري هو أهم العوامل، تليه الأنظمة الديكتاتورية المافيوزية العائلية في العالَم العربي)، ولا أحمِّل الدينَ الإسلامي بعض انحرافاتها الدموية، لكنني أنفي عنها، وبِشدة، الروحانية (La spiritualité) التي كنتُ وبكل سذاجة أنتظرها منها، وبكل مرارةِ المخدوعِ في قومِه، أقول: فشلَ يساريونا وقوميونا وإسلاميونا، ثلاثتُهم فشلوا في تغييرِ أنفسِهم فطبيعي جدا أن يفشلوا في تغييرِ واقعِنا المتخلفِ.

الروحانية التي أنشدُها، ظننتُ أنني سأجدُها في مكانِها "الطبيعي"، أي عند الإسلاميين أكثر من المسلمين. ظالِمٌ مَن يعتقد أن لا روحانية عند المسلمين العَلمانيين اليساريين غير الماركسيين أمثالي بل هي عندي ترتفعُ إلى عنان السماء. لا أنكر الروحانيةَ حتى على التونسيينَ الماركسيينَ الملحدينَ، لأن الملحدَ التونسيَّ هو ملحدٌ مسلمٌ رغم أنفِه، مسلمٌ اجتماعيًّا وحضاريًّا وأنتروبولوجيًّا، وأستطيعُ أن أذهبَ مجازيًّا أبعدَ من ذلك وأضيفُ أن الملحدَ التونسيَّ ورثَ في جيناتِه الإسلامَ عن والدَيه، والإسلامُ يجري في عروقِه مَجرَى الدمِ، مسلمٌ ولو أنكرَ ذلك، ولن أصدِّقَ إلحادَه المطلقَ ولو خرجَ من جلدِه.

خاتمة: أنا متفائلٌ خيرًا، تفاؤلٌ نضاليٌّ فكريٌّ، تفاؤلٌ ليس ساذجًا، متفائلٌ بكل البشرِ، باليساريينَ والقوميينَ والإسلاميينَ والناسَ أجمعينَ.

إمضائي
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، السبت 1 سبتمبر 2018.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire