mardi 29 janvier 2013

تأخر المسلمين، هل يمكن تجاوزه؟ بقلم هشام جعيط. نقل دون تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار


تأخر المسلمين، هل يمكن تجاوزه؟ بقلم هشام جعيط. نقل دون تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

كتاب هشام جعيط  "أوروبا و الإسلام"، دار الطليعة بيروت، الطبعة الثالثة 2007، 128 صفحة.

نص هشام جعيط، ص 108:
و ما لم يلحظه المسلمون من بين باقي الشعوب هو أن أوروبا، في الواقع، لم تتخل عن روحانيتها، لكنها أزاحتها جانبا، و إن ماديتها الحقيقية تستمد جذورها من مغامرة في الفكر. تركت أوروبا دينها، و كل دين، و لكنها لم تنغمس في البطالة و الجنون و الكبائر بل بَنَت و طورت العلم كصَلاتها الجديدة بتقشف و إنكار للذات. لم يكن العالِم زنديقا بل بطل فكري، مساوِِ للقديس، كما القديس هو بطل روحي.

ص 110:
... و لكن الحضارة التي كانت علنا لصالح الإنسان وجدت حدودها في الإنسان نفسه. من هنا نرى الضرورة الملحة للفصل بين الرسالة و الأفق و الأمنية، و بين الواقع الحقيقي في الحضارة الأوروبية. هذه الهوة تغذي مأساة الغرب بقدر ما تعبّر عن عظمته.

ص 112:
... و في الالتقاء الناجح لمفهوم المطلق مع مفهوم الإنسان تكمن قيمة الثقافة الغربية.

ص 114:
... مقابل ذلك نعرف ما في كل ثقافة عالية من باطنية. و مهما حاولت أن تكون عقلانية، فإنها تبقى أسيرة خطها الروحاني، و تقليدها الخاص، و كذلك أسيرة أعمق خلجات النفس الجماعية.

ص 115:
إن سقوط الفلسفة في الإيديولوجية، و وقوع العلم في التقنية، جعل الرابط المعقد بين نظامين متعارضين يتجاوز مجال الثقافة و يعكس انحدار حضارة نجحت - لاإراديا - في تركيب ازدواجية الكائن: نزعة ثقافية و نَهَم. إذا انطفأت النزعة الثقافية لن يبقى سوى النهم، ذلك الرفيق القاتم للغرب، و عذابه و مرضه.

ص 123: بمثابة خاتمة
إن الإشكالية القديمة إسلام - غرب قد ولى عهدها لأنه لم يعد هناك إسلام موحد، و لأن الغرب أصبح مزيجا مركبا. كما أن حداثة اليوم لا تحمل معنى حداثة الأمس. عندما كان الغرب يهيمن مباشرة، كان يطرح الإسلام كوحدة لأنه كان خارج التاريخ، و بالطريقة عينها نجح في تركيب دينه و ثقافته و حضارته و حداثته التكنولوجية، و هذا ما لم يعد يفعله أبدا و لا يمكنه أن يفعله.
... نكتشف الآن أن الثقافة الغربية بمختلف وجوهها في حالة تفتت، و أن الحضارة أو الحضارات الغربية الصادقة هي في طريق التجزؤ، و أن الوحش الذي التهمها لا ينتج إلا ثقافة دنيا و حضارة دنيا.

ص 125:
... إن الغرب لم يرغم العالَم على محاربته بأسلحته ذاتها فحسب، بل إنه يقترح و يفرض نزعته التنموية المجنونة التي يختنق منها اليوم. المقصود طبعا شيئا من الاعتباطي، و المحتمل، و الحادث التاريخي الذي لا يمكننا التفلت منه.
... ذات صباح، غش الغرب زملاءه في الطابور و بدأ بالركض منهكا نفسه و الآخرين. و لكن في هذا السباق الرياضي نوعا ما، شاءت قاعدة اللعب الشاذة أن الذي ينفصل يخنق منافسه، و يسحق المتأخرين. إن تأخر الآخرين ليس سوى الوجه الآخر للسباق المضطرب لغرب اختار هو نفسه الوتيرة و الملعب و الهدف.
لأن "التأخر" موجود، و لأن الحداثة تحوي إلى جانب الاغتراب حسنات كثيرة، فإن من الضروري المتابعة حتى الوصول. و لأن هذا التأخر لا يمكن تجاوزه، فمن المهم الاحتفاظ بخطوط أخرى للقيم: هوية و ثقافة و حضارة. إن الإسلام لا يمكنه مضاهاة الغرب في قدرته التكنولوجية، و في علمه و قوته. و لن نقول حينئذ: ليتخلَّ الإسلام عن السباق، بل نقول لا يضيعن نفسه فيه. ليحفظ، و يحرث و يصقل حصته الكبيرة مما هو إنساني. إن التألم الداخلي للغرب يتأتى من كون حداثته قد التهمت ثقافته. لكن الصحيح أيضا أن الهند تعاني من الجوع، لا من نقص في الروحانية و لا من زيادة فيها... إن الصراع بين الثقافة و الحداثة في الغرب حيث طُرد الله، استُلِب الإنسان. اليابان التي حاولت طويلا الحفاظ على حصتها من الكينونة الأكثر حميمية، تشهد اليوم ثقافتها و هي تُستباح و تَضطرب... في الدائرة التي نضع أنفسنا فيها، ما ينفصل ليس المواجهة بين الحضارات، بل بين كل حضارة على حدة مع الحداثة. و إذا كان هناك تضامن ما، ممكن أن يشكل توجها عالميا حقا، فهو تضامن الثقافات، و من ضمنها ثقافة الغرب، ضد الذي ينفيها كلها: حداثة غير منضبطة. ضمن هذا الإطار سيستطيع الإسلام مواصلة رسالته السامية (انتهى الكتاب ص 126).

تاريخ أول إعادة نشر في مدونتي و في صفحاتي الفيسبوكية الثلاث و في مواقع صديقة على النت
حمام الشط في 30 جانفي 2013

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire