jeudi 10 janvier 2013


نساء مناضلات في "جمنة" الستينات. مواطن العالَم من أصل جمني د. محمد كشكار

لم تضربني و لو مرة واحدة في حياتها. لم تنهرني و لم تصح يوما في وجهي. لم تلمني على ما فعلت في مراهقتي و لم تشكرني على ما أديت من واجب نحوها. لم تقل لي بتاتا أحبك و لكني كنت على يقين - و ربما يكون اليقين الأرضي الوحيد في حياتي - أنها تحبني حبا لا يوصف
كنا أربعة في الدار عندما مات أبي سنة 1967, أخت كبرى ضريرة و ثلاثة أولاد, اثنين في الثانوي و واحد في الابتدائي. عائلة دون عائل. لم تيأس و لم تمرّر لنا يوما بؤسها و معاناتها. واصلنا تعليمنا و كأن شيئا لم يحدث. كانت تقوم بشؤون البيت و الغابة و تشتغل في نسيج "الحولي

لا أذكر يوما خاصمت فيه من أجلنا أو شتمت جارا أو جارة. لم تعلّمني أي شيء و علمتني كل شيء. أحببتها في حياتها إلى درجة العشق و تقاسمت معها منحتي الدراسية عندما كنت طالبا و تكفلت بها نهائيا عند التخرج. عند التعيين اصطحبتها معي إلى جزيرة جربة للعيش بجانبي. لم تطق الإنبتات من قريتها "جمنة" فاحترمت رغبتها. أضفت لها حجرة محترمة في منزلنا و أدخلت الماء و الضوء من أجل عيونها

لا تكتب حرفا و لا تقرأ كلمة و من تُربي أجيالا لا يليق أن يطلق عليها صفة أمية. لم تتأثر لا من بعيد و لا من قريب بالثقافة الأجنبية فهي تعبير عميق عن ثقافة عربية تونسية إسلامية وطنية خالصة
لم تكن أمي حالة فريدة في ذلك الزمن و مثيلاتها بالمئات في "جمنة

"جمنة": مدينة- قرية جميلة تقع في الجنوب الغربي التونسي
"الحولي": نوع من الكساء الرجالي الصوفي الخارجي الأبيض (يشبه البرنس عندنا), يُصنع في الجنوب التونسي و يُصدّر إلى ليبيا

التاريخ:  2 جانفي 2010

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire