نساء
مناضلات في "جمنة" الستينات. مواطن العالَم من أصل جمني د. محمد كشكار
لم تضربني و لو مرة واحدة في حياتها. لم تنهرني و لم تصح
يوما في وجهي. لم تلمني على ما فعلت في مراهقتي و لم تشكرني على ما أديت من واجب
نحوها. لم تقل لي بتاتا أحبك و لكني كنت على يقين - و ربما يكون اليقين الأرضي الوحيد
في حياتي - أنها تحبني حبا لا يوصف
كنا أربعة في الدار عندما مات أبي سنة 1967, أخت كبرى ضريرة
و ثلاثة أولاد, اثنين في الثانوي و واحد في الابتدائي. عائلة دون عائل. لم تيأس و
لم تمرّر لنا يوما بؤسها و معاناتها. واصلنا تعليمنا و كأن شيئا لم يحدث. كانت تقوم
بشؤون البيت و الغابة و تشتغل في نسيج "الحولي
لا أذكر يوما خاصمت فيه من أجلنا أو شتمت جارا أو جارة.
لم تعلّمني أي شيء و علمتني كل شيء. أحببتها في حياتها إلى درجة العشق و تقاسمت
معها منحتي الدراسية عندما كنت طالبا و تكفلت بها نهائيا عند التخرج. عند التعيين اصطحبتها
معي إلى جزيرة جربة للعيش بجانبي. لم تطق الإنبتات من قريتها "جمنة" فاحترمت
رغبتها. أضفت لها حجرة محترمة في منزلنا و أدخلت الماء و الضوء من أجل عيونها
لا تكتب حرفا و لا تقرأ كلمة و من تُربي أجيالا لا يليق
أن يطلق عليها صفة أمية. لم تتأثر لا من بعيد و لا من قريب بالثقافة الأجنبية فهي تعبير
عميق عن ثقافة عربية تونسية إسلامية وطنية خالصة
لم تكن أمي حالة فريدة في ذلك الزمن و مثيلاتها بالمئات
في "جمنة
"جمنة": مدينة- قرية جميلة
تقع في الجنوب الغربي التونسي
"الحولي":
نوع من الكساء الرجالي الصوفي الخارجي الأبيض (يشبه البرنس عندنا), يُصنع في
الجنوب التونسي و يُصدّر إلى ليبيا
التاريخ: 2 جانفي 2010
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire