حضرت اليوم ورشة عمل حول
"تواجد النساء في مواقع القرار بالاتحاد العام التونسي للشغل". مواطن
العالَم د. محمد كشكار
المكان: الاتحاد الجهوي للشغل
ببن عروس
الزمان: من العاشرة صباحا إلى
الخامسة مساءً، تخللها غداء "كسكروت" بالدجاج و راحة بساعة
الحضور: 3 رجال و 25 امرأة
منهن حليمة الجويني ممثلة الرابطة التونسية لحقوق الإنسان و أحلام بالحاج ممثلة
النساء الديمقراطيات و نعيمة الهمامي ممثلة النقابة العامة للتعليم الثانوي و الزميلة
و الصديقة وسيلة العياشي زوجة الزميل و
الصديق العزيز المرحوم زبير عمامي و هي عضوة المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل
ببن عروس و المسؤولة عن قسم المرأة العاملة ببن عروس
الجهة المنظمة: اللجنة
الجهوية للمرأة العاملة المنضوية تحت لواء الاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس
رئيسة الجلسة و منشطة الحصة: ترأست
الجلسة عن جدارة السيدة المحترمة فضيلة مليتي، عضوة نشيطة و فاعلة جدا في اللجنة الجهوية
للمرأة العاملة ببن عروس و عضوة مهمشة في النقابة العامة للشباب و الطفولة رغم
أنها تعترف بفضل زملائها و أصدقائها النقابيين الذكور، يتمثل هذا الفضل العظيم في ضمها
إلى النقابة العامة و تكوينها في هذا المجال. و لكن رغم هذا الاعتراف لهم بالجميل
فهي تصر على توجيه اللوم الودي التالي لهم (مع العلم أنني استشرتها قبل نشر لومها
في الفيسبوك أو تبليغه للمعنيين بالأمر و منهم بالصدفة اثنان من أعز أصدقائي الحميمين
بحمام الشط): مهمشة بحكم جنسها الأنثوي فقط و ليس لنقص في تكوينها النقابي أو
تشكيكا في نزاهتها و نضاليتها و على سبيل الذكر لا الحصر، عددت لي بعض الوضعيات
الدالة على التهميش المتعمد من قبل زملائها الذكور في النقابة العامة
-
لم تُسند لها مهمة التكوين النقابي داخل النقابة العامة
عند توزيع المهام النقابية بعد المؤتمر رغم أنها تضطلع حاليا بمهمة مكوّنة نقابية
خارج نقابتها العامة لكنها معترف بها كمكونة نقابية داخل هياكل الاتحاد العام
التونسي للشغل
-
لا تُدعى بتاتا للمشاركة أو الإشراف على المؤتمرات
النقابية الجهوية رغم أن هذا النشاط يُعدّ من صلاحياتها مثلها مثل أي عضو ذكر من باقي
أعضاء النقابة العامة
-
نادرا ما تُستدعى لحضور الجلسات التفاوضية مع وزيري الإشراف،
وزيرة المرأة و وزبر الشباب
أسباب حضوري في اجتماع نسائي:
أولا: وُجهت لي دعوة مباشرة من منظمة من منظمات الملتقى. ثانيا: أنا أعشق النقاش الثقافي
و الحوار في أي موضوع الفكري و أعتبر أن الحوار الديمقراطي غير المتشنج هو مطمحي و
هدفي و ليس فقط وسيلة للتقارب الفكري و الدفء الإنساني و هو بمثابة أقراص مهدئة
كـ"البنادول إكسترا" لمريض "الشقيقة". ثالثا: قضية المرأة
قضية إنسانية، إذن لم آت مساندة أو تعاطفا بل شاركت في الملتقى لأنني أؤمن أن قضية
المرأة هي قضيتي، و المفروض - حسب رأيي - أن
يكون الحضور في قضايا المرأة حضورا رجاليا غالبا على الحضور النسوي لأن المستهدف
بالإقناع هو الرجل العنصري ضد المرأة و المتعصب لجنسه و ليس المستهدف بالإقناع هو المرأة
صاحبة القضية
انتقاد و ثلب في غير محله:
كان السيد سمير الشفي، عضو المكتب التنفيذي الوطني، مُبرمجا في الندوة لإلقاء
محاضرة لكنه تغيب لأسباب مجهولة من المنظِمات. قلت بيني و بين نفسي: سترنا الرحمان
من لغته الخشبية مع الإشارة أنني لا أعرف المناضل معرفة جيدة و أتمنى أن لا أكون
ظالما في حكمي السلبي على خطابه التلفزي الديماغوجي و الممجوج
مقدمة
لاحظت أن كل النقاش يدور حول
الجزئيات و هذا أمر طبيعي في هذه الورشة المخصصة لموضوع نسوي تقني لكنني بطبيعتي
لا أحبذ الخوض في الجزئيات و أفضل طرح الإشكاليات العامة التي تمس في الصميم حقوق
المرأة بصفة عامة و حقوق المرأة التونسية بصفة خاصة
نص مداخلتي المكتوبة في حينها
و المتكونة من أربع أفكار رئيسية
تقديم:
لديَّ أربع أفكار
مخالفة للفكر السائد حول المرأة و ليس لها علاقة مباشرة مع موضوع ندوتكم فهل تسمحن
لي بطرحها عليكن؟ أجبن جلهن بنعم
1.
مقارنة بين الموقف من المرأة لدى اليمين الديني التونسي الحالي
و لدى اليسار التونسي الحالي: يُقال أنك إذا أردت قبر مسألة فأسِّسْ لها لجنة تقيم
لهذه المسألة جنازة مهيبة. لذلك أرى أن وجود المرأة (و ليس "تواجد"
المرأة كما كتبت المنظِمات في عنوان
الورشة و هذا خطأ شائع في اللغة المستعملة حسب أحد المشاركين في الورشة النسائية و هو المدعو لطفي العياري، أستاذ العربية و عضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بالاتحاد الجهوي للشغل بن عروس) في الهياكل القيادية متوفر بكثرة في
حزب النهضة اليميني و خاصة في المجلس التأسيسي مع العلم أن هذا الحزب لم يؤسس لجنة
نسائية داخله و في المقابل ألاحظ غياب المرأة في الهياكل القيادية داخل الاتحاد
العام التونسي للشغل و داخل الأحزاب اليسارية الرئيسية الثلاثة (حزب العمال و حزب
الوطنيين الديمقراطيين الموحد و الحزب الاشتراكي الثوري) مع الإشارة أن حزب العمال
خص المرأة بمنظمة نسائية داخله و كذلك فعل الاتحاد بتكوين لجنة المرأة العاملة و
الحال أن حال المرأة في الاتحاد و في الأحزاب اليسارية ليس أفضل من حالها داخل أحزاب اليمين الديني، الليبرالي اقتصاديا و المحافظ
اجتماعيا و فكريا، أو داخل اليمين، الليبرالي اقتصاديا و اجتماعيا و فكريا
2.
Les cerveaux des hommes et des femmes sont intellectuellement égaux mais
physiologiquement et anatomiquement non identiques. Cette dernière vérité
biologique vaut pour les hommes entre eux aussi. Un homme géant a un cerveau
plus lourd et plus volumineux qu’un homme de taille normale, mais cette inégalité
anatomique n’implique pas automatiquement une inégalité intellectuelle et le
géant n’est pas toujours plus intelligent que le moins géant. Donc le débat qui
utilise l’argumentation basée sur le volume du cerveau et sa relation non
scientifique avec l’intelligence, est un débat totalement et définitivement
dépassé, et les arguments du poids ou du volume du cerveau, qui soutiennent la
supériorité intellectuelle de l’homme sur la femme, sont dorénavant des atouts caducs dans la
discussion car l’acquis intellectuel ne dépend pas du volume mais dépend de la
complexité d’un million de milliards de synapses (liens formant des réseaux
neuronaux entre les cent milliards de neurones ou cellules nerveuses) . Je termine ma plaidoirie en faveur de la femme
par citer intégralement une phrase qui figure actuellement dans le manuel
scolaire tunisien des SVT, niveau baccalauréat : «le poids du cerveau
humain est proportionnel au poids du
corps et il n’a aucune corrélation avec le sexe de l’individu ».
3.
تعليق حديث حول حديث للرسول، صلى الله عليه و سلم،
القائل بأن النساء ناقصات عقل و دين: هذا وصف أمين صادق و دقيق لحالة تاريخية
اجتماعية ظرفية للمرأة العربية المسلمة و ليس حكما حتميا أو دعوى ضمنية لتأبيد حالتها
الظرفية هذه و إلا لََمَا صرخ الصادق الأمين صرخته المشهورة في وجه ابن عمه و زوج ابنته المفضلة
فاطمة الزهراء، علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، عندما أراد هذا الأخير التزوج
بثانية: "إلا فاطمة يا علي"، و يبدو لي أنه من حق أي مسلم أن يخاف على
ابنته اقتداء بالرسول الأعظم و هو نفسه الذي أمرنا بطاعته و اتباع سنته الكريمة، أو عندما
نصحنا المصطفى قائلا: "خذوا نصف دينكم من تلك الحميراء" و المقصود
بالحميراء هي عائشة زوجته و أم المؤمنين جميعا. فهل نأخذ نصف ديننا من ناقصة عقل و
دين؟ يبدو لي أنه يجب علينا أن نفهم المقصد النبيل و السامي لهذا الحديث و نفسره
تفسيرا أنتروبولوجيا حديثا على أساس أنه تدرّج في تحرير المرأة من قيودها حتى
تستكمل ما نقص من عقلها و دينها نتيجة ظروف اجتماعية قاهرة و ظالمة و لنا في
القرآن عبرة لمن يتفكرون، القرآن الذي لم يحرم العبودية مرة واحدة بل تدرج في تحرير
العبيد و شجعنا على عتق الرقبة، لكننا و للأسف الشديد لم نفعّل هذا التدرّج خلال
14 قرنا حتى فُرض علينا تحرير العبيد فرضا من قبل الغرب
4.
العقلية الذكورية هي عقلية ذهنية و ليست بيولوجية عند
الرجال و النساء على السواء. و هي في الوقت نفسه حقيقة بيولوجية لأن الصفات
الذكورية عند الرجل، مثل عرض المنكبين و ظهور الشارب و اللحية و الصوت الخشن و
العضلات المفتولة، ناتجة عن مفعول الهرمون الجنسي الذكري "تستوستيرون" الذي
تنتجه الخصيتان و تفرزه في الأوعية الدموية فيؤثر على جميع أعضاء الجسم فيغيّر
شكلها أو وظيفتها مع العلم أن المرأة أيضا تنتج هذا الهرمون داخل الغدد فوق
الكلوية لكن بنسب أقل من الرجل، فلا تستغربن أيتها المشاركات إذن من حضور العقلية
الذكورية عند المرأة كما عند الرجل. يكمن المشكل إذن في تجاوز الذكورية مجالها
البيولوجي و الفيزيولوجي لتصبح عقلية ذهنية عدوانية متكبرة و عنصرية مسلطة من
الرجل ضد الرجل أو من الرجل ضد المرأة أو
من المرأة ضد المرأة أيضا
ملاحظات نقدية هامة لموقف بيروقراطية
قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل من تمثيلية المرأة داخل هياكله الوطنية و
الجهوية و الأساسية
-
44 في المائة تقريبا من منخرطي الاتحاد ينتمون إلى
العنصر النسائي و في المقابل لا توجد امرأة واحدة عضوة في المكتب التنفيذي منذ تأسيس
الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1949 من قبل الزعيم الخالد فرحات حشاد
-
في المؤتمر العام رقم 22 الأخير للاتحاد العام التونسي
للشغل الذي انعقد في مدينة طبرقة بعد ثورة 14 جانفي 2011: حضر ما يقارب 500 نائب،
منهم 13 امرأة فقط
-
داخل هذا المؤتمر، احتجت بعض النساء النائبات على عدم
إدراج و لو امرأة واحدة في القائمة الوفاقية و حرّرن عريضة يحتججن فيها على هذا
الموقف العنصري ضد المرأة و للأسف الشديد أن بعض النائبات رفضن الإمضاء على هذه
العريضة فأصاب البقية إحباط كبير جراء العقلية الذكورية الرجالية و النسوية المفرطة
و السائدة في الاتحاد العام التونسي للشغل منذ نشأته منذ 64 عاما
-
أنقل لكم تقريبا حرفيا صرخة امرأة، صرخة السيدة الكهلة فضيلة
المليتي، عضوة النقابة العامة للشباب و الطفولة، المذكورة أعلاه، صرخة صادقة صادرة
عن نقابية موجوعة من تغول العقلية الذكورية العدوانية العنصرية السائدة لدى رفاقها
في النضال، النقابيون الرجال داخل هياكل الاتحاد الوطنية و الجهوية و الأساسية:
"و منذ المؤتمر الأخير (المؤتمر 22)، زاد إحباط النقابيات و تفاقم إحساسهن
بالدونية و "الحقرة" و ساءهن أكثر عدم الاعتراف بهن في ظل التوافقية
النقابية. فما أقساه و أمرّه إحساس أن تشعر بأنك تعيش عمرا طويلا و أنت تنعم بدفء
أمك و حبها، حب النساء للاتحاد و الانتماء إليه، و فجأة تكتشف أن أمك ليست أمك و
أنك... غير شرعي؟ ما أقسى الشعور بأن تحسّين، كامرأة في الاتحاد، بأنك مجرد رقم
لإحصاء المنخرطين و المنخرطات داخل الاتحاد و لا شيء غير ذلك. ها قد مرّت سنة
كاملة على المؤتمر 22، المؤتمر الذي أحال دراسة وضعية النساء إلى المجلس الوطني. فمتى
سينعقد هذا المجلس الوطني الموعود يا تُرى؟ ثم أتساءل: ماذا أعددنا لهذا المجلس
لتفعيل قرارات المؤتمر المتصلة بحضور النساء داخل كل هياكل الاتحاد، الوطنية منها
و الجهوية و الأساسية؟ و هل ما نحن بصدد إعداده يستجيب إلى مبدأ الإنصاف و ليس
مبدأ التناصف المرفوع و المعروف؟ و هل نحن واثقات من أن نتائج هذا المجلس و
قراراته ستكون منصفة للنساء أو ستكون محبطة و مقصية لهن مع الإقرار النهائي من
جانبه بأن النساء النقابيات قاصرات و غير جديرات بما يطمحن له من أمل في المساواة
التامة و الكاملة في الحقوق مع رفاقهن النقابيين الرجال؟ مرارة و ظلم و عنصرية يا
حشاد العظيم، نريدك أن ترفعهم عنا عن طريق أبنائك و أحفادك الشرفاء الذين يحملون
مبادئك في صدورهم و هم على ما أظن كثر و أملنا لا يزال متعلقا بهم لكي يعينوا
الاتحاد على التعافي و يعلّموه المشي على ساقيه الاثنتين، الرجل و المرأة، عوض
تعثره الحالي على ساق واحدة لعلهم ينقذوه من العرج المكتسب قبل تصلب الشرايين و
قبل فوات الأوان
خاتمة
رجعت
كعادتي فرحا مسرورا إلى موطني حمام الشط، فرحا بنساء وطني، نساء و نصف، و متباهيا بالثناء
على مداخلتي الذي سمعته من بعض المتدخلات
تاريخ
أول نشر على النت
بن
عروس في 17 جانفي 2013
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire