jeudi 31 janvier 2013

كل إنسان، رجلا كان أو امرأة، نصفه أنثوي و نصفه ذكري! مواطن العالَم د. محمد كشكار



كل إنسان، رجلا كان أو امرأة، نصفه أنثوي و نصفه ذكري! مواطن العالَم د. محمد كشكار

1.     وصف بيولوجي لعملية خلق الإنسان
تلتقي خلية البويضة الأنثوية بخلية الحيوان المنوي الذكرية في قناة فالوب (القناة التي تربط بين مبيض المرأة و رحمها) أو في أنبوب زجاجي خارج جسم المرأة بمساعدة طبية، فيلتحمان ببعضهما البعض و يكوّنان خلية واحدة تسمى الخلية - البيضة و هي التي تنقسم ثم تنقسم حتى تولّد كل خلايا الجسم بجميع أنواعها و اختلافاتها بعد استقرار يدوم 9 أشهر داخل رحم الأم.

تحتوي كل خلية بشرية على 46 صبغية (أو الكروموزومات أو حاملات الجينات المورثات) مرتبين على شكل 23 زوج. تشترك خلايا المرأة و خلايا الرجل في 22 زوج من الصبغيات و يختلفان في زوج واحد من الصبغيات، زوج الصبغيات الجنسية. و هذه الأخيرة هي التي تحدد جنس المولود، إن التقت صبغية "إيكس" الأنثوية مع صبغية "إيغراك" الذكرية يأتي المولود ذكرا، إن التقت صبغية "إيكس" الأنثوية مع صبغية "إيكس" الذكرية يأتي المولود أنثى. هذا الالتقاء يقع صدفة في الطبيعة و يتولّد عن هذه الصدفة تساويا في عدد الرجال و النساء في العالَم، و يسمونه العلماء "نسبة الجنس" (sexe ratio).

تحتوي الخلية البيضة على 23 زوج أو46  صبغية. 23 منهم أنثوية أتوا من نواة البويضة الأنثوية و 23 ذكرية أتوا من نواة الحيوان المنوي الذكري. تمثل الـ46 صبغية (الحاملة لثلاثين ألف جينة) "البرنامج الوراثي" المشفّر أو المرمَّز (Code génétique) الذي يحتوي على تصميم لجسم الإنسان و يحدّد نهائيا صفاته البيولوجية الوراثية الجينية مائة بالمائة (كالجنس و لون البشرة و لون العينين و نوع فصيلة الدم و شكل الأنف و بعض الأمراض الوراثية و بعض الإعاقات الذهنية و غيرها من الصفات البدنية التي تميز فردا عن فرد و تعطيه بطاقة تعريفه البيولوجية الأساسية). أما الصفات الذهنية (كالذكاء و سرعة البديهة و الإبداع الفني و العبقرية و الغباء و البلاهة و العنف و الإدمان و الشذوذ و الطِّيبَة و المكر و الخبث و الكرم و البخل و اللؤم و غيرها من الصفات البيولوجية و المكتسبة في آن) فهي تنبثق من تفاعل هذا "البرنامج الوراثي الجيني" مع المحيط الخلوي و المحيط ما بين الخلوي المحيط الخارجي و مع البيئة العائلية و المدرسية و الشارعية (من الشارع) و الفضائيات الإعلامية، فهي إذن صفات وراثية مائة بالمائة و مكتسبة مائة بالمائة لأن علماء البيولوجيا لا يستطيعون تجريبيا أن يفصلوا بين ما هو وراثي أو مكتسب في تكوّنها و ذلك لكثرة العناصر  الوراثية و غير الوراثية المتنوعة و المتشابكة و المعقدة، المتدخّلة في نحت هذه الصفات الذهنية و صقلها من الولادة إلى الوفاة و لكل تجربته الخاصة في الحياة حتى و لو كانا أخوين توأمين حقيقيين فكل فرد يتمتع ببطاقة تعريف خاصة بيولوجية ذهنية وراثية جينية و مكتسبة في الوقت نفسه.

2.     إمكانية استنساخ الإنسان
عملية استنساخ الإنسان عملية ممكنة علميا لكنها محرّمة أخلاقيا و عالميا حتى الآن. المهم هنا أن هذه العملية تقع انطلاقا من نواة خلية مختصة أو متطورة لأنثى - أم (خلية حلمة الثدي مثلا) توضع داخل سيتزبلازم بويضة دون نواة لنفس الأنثى - الأم من الثدييات و لا تقع من الحيوان المنوي الذكري. أنثى تلد أنثى دون تدخل الذكر مما يهمش دور هذا الأخير في عملية الخلق.

3.     هل يولد الرجل رجلا و هل تولد المرأة امرأة؟ كما تساءلت و أجابت المناضلة النسائية الفرنسية و الفيلسوفة اليسارية "سيمون دي بوفوار"، سنة 1949 في كتابها المشهور "الجنس الثاني"؟
نستطيع أن نستنتج من حديثنا السابق أن الرجل نصفه ذكري و نصفه أنثوي و كذلك المرأة نصفها أنثوي و نصفها ذكري. أما النعجة الابنة "دولي" المستنسخة، فكل صبغياتها أنثوية المصدر، ورثتهم عن أمها و لم ترث شيئا عن أبيها فهي أنثى مائة بالمائة و ستجد البنت نسخة مطابقة للأصل من أمها في جميع صفاتها البيولوجية و الفيزيولوجية. 

كيف تصبح المرأة امرأة و كيف يصبح الرجل رجلا؟ ما دام الرجل لا يولد رجلا بالمعنى الاجتماعي السائد للكلمة و المرأة لا تولد امرأة بالمعنى الاجتماعي السائد للكلمة.

في المجتمعات الذكورية السائدة في العالم منذ بداية التاريخ البشري المعروف إلى اليوم (باستثناء بعض القبائل الأمومية المندثرة أو المعاصرة النادرة في أدغال أمريكا اللاتينية أو غابات إفريقيا الاستوائية) تم تقسيم العمل بين الرجل و المرأة، الرجل للصيد و التنقل و المرأة للاستقرار و الأشغال المنزلية  مما ينتج تجربتين مختلفتين في الحياة و ما دمنا قد قلنا في الفقرة الثانية من هذا المقال أن الصفات الذهنية وراثية و مكتسبة في آن، فإن الرجل سوف يكتسب صفاتا ذهنية مغايرة للصفات الذهنية التي تكتسبها المرأة في حياتها و بمرور الزمن تتوسع تجربة الرجل في الحروب و الحكم و التجارة و الدراسة، تجربة يمررها و يورثها حضاريا و ليس جينيا لأولاده الذكور و يحرّمها على بناته. بعد آلاف السنين تتقلص تجربة المرأة و تقتصر على البيت و الطبخ و الكنس أو الغزل و النسيج، تجربة تمررها و تورثها حضاريا و ليس جينيا لبناتها دون أولادها الذكور.

من حسن حظ البشرية أن تقسيم العمل بين الرجل و المرأة و الأثر السيئ الذي صاحبه و تركه على وضعية المرأة الدونية في العالم ليس حتميا و ليس وراثيا جينيا و لم يترك أي بصمة بيولوجية على جيناتنا البشرية. إذن يمكن أن نصلح هذا الأثر السيئ بالتربية و التعليم و العمل المتساوي بين المرأة و الرجل. و دليلي على صحة طرحي هذا أن وضعية المرأة بدأت تتغير منذ أن انخرطت هذه الأخيرة في العمل خارج المنزل و خرجت من سجنها الاختياري ظاهريا و هذا ما لاحظناه ليس في المجتمعات الغربية المتقدمة فقط و إنما في ريفنا التونسي: أنا أصيل قرية جمنة بالجنوب الغربي التونسي أين تعمل المرأة جنبا إلى جنب مع الرجل في الواحة و تتحمل مسؤولية عائلتها في غياب زوجها. كانت جل نساء حينا أرامل في الأربعينات من عمرهن و لم يمنعهن ترملهن الإرادي من الخروج و العمل في أملاكهن و التعامل مع الرجال معاملة الند للند و الذود عن أبنائهن في الشارع و المدرسة و الحقل. كنا مجتمعا متساويا محافظا، مضمونا لا شكلا.

4.     التذكير بمكانة الأنثى في عالم النباتات و الحيوانات الأليفة
لو خرجنا قليلا من عالم الإنسان إلى عالم الحيوان فسنجد أن الأنثى هي الأصل و هي الأنجع و الأجدر و الأنفع للإنسان، خاصة في الحيوانات الأهلية:
-         في خلية النحل، العاملات النشطات كلهن إناث أما الذكور فدورهم يقتصر على جماع الملكة لتلقيح و إخصاب بويضاتها.
-         في المدجنة، نجد عشرات الدجاجات الإناث و لا نجد إلا ديكا واحدا للتلقيح و الإخصاب. الدجاجات ينتجن البيض و اللحم للفقراء غير القادرين ماديا على شراء لحم الخروف أو لحم البقر.
-         في الإسطبل، نجد عشرات البقرات الإناث و لا نجد إلا ثورا واحدا للتلقيح و الإخصاب (و في أكثر الحالات نستغني عن الثور بالتلقيح الصناعي). البقرات ينتجن العجول و الحليب و اللحم.
-         في الواحة، نجد آلاف النخيل الإناث من نوع "دڤلة النور" و لا نجد إلا بعض النخيل الذكر للتلقيح و الإخصاب. النخلة الأنثى هي التي تنتج التمور الذهبية الثمينة و تصنع الثروات و توفر فرص العمل في صحراء جمنة و قبلي و دوز و توزر و نفطة و دڤاش في الجنوب الغربي التونسي  و واد سوف و توڤرط و جامعة في الجنوب الشرقي الجزائري.

5.     الخاتمة
أنهي مقالي بحكمة ربانية سمعتها يوما من شيخ جريدي قاض زيتوني متقاعد، قال: لو كان الولد أفضل من البنت لرزق الله رسولنا الأكرم صلى الله عليه و سلم بنينا ذكورا عددا دون بنات!

إمضاء م. ع. د. م. ك
على كل مقال سيء، نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي.

تاريخ أول نشر على النت
حمام الشط 24 أوت 2012


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire