قال رسول الله صلى عليه وسلم:
"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". إيمانُنا إذن معلقٌ
بحبنا لأخينا، أخينا الإنسان وليس أخينا المسلم فقط، أخينا المسيحي أو اليهودي أو
البوذي أو الهندوسي أو البهائي أو الملحد أو اللاأدري. قدَرُ المسلم إذن أن يحب الناس جميعاً دون تمييز
ثقافي أو طبقي أو عنصري أو عرقي أو ديني أو قومي أو مذهبي أو إيديولوجي، أمرٌ
مُحمّديٌّ وليس اختياراً نأخذه أو لا نأخذه! لن (لن الزمخشرية)، لن نصبح مسلمين حتى نطبق هذه الحكمة، أروعُ حكمةٍ قالها بشرٌ.
هل طبقنا ما ورد في هذا
الحديث الشريف؟
وهل يكون حالنا
اليوم كما هو عليه لو طبقناه؟
نحن اليوم نرى أن
الأخَ لا يحب لأخيه الشقيق ما يحب لنفسه، والجارَ لا يحب لـ"جار السّاسْ" ما يحب لنفسه،
والتونسيَّ لا يحب لليبي ما يحب لنفسه، والعربيَّ لا يحب للفارسي ما يحب لنفسه،
والسنّيَّ لا يحب للشيعي ما يحب لنفسه، والمالكيَّ لا يحب للحنبلي ما يحب لنفسه،
والساحليَّ لا يحب للصفاقسي ما يحب لنفسه، والمسلم الإسلامي لا يحب للمسلم
العلماني ما يحب لنفسه، و...
لماذا لم نطبق هذا
الحديث الشريف؟
والنفسُ الأمّارةُ
بالسوء (ADN)، ماذا نفعلُ بها إذن؟
والدينُ، ما دورُه
إذن؟ (ملاحظة: منهجيّاً لن أتعرض لدور الفلسفة والعلم والفن والتربية والتعليم
والثقافة، إلخ. هذا التمشي الاختزالي الذي انتهجته لا يعني البتة أن هذه المعارف
المتعددة لا تشارك في عملية التخلّق أو ما بعد الخلق أو ما بعد الوراثي أو ما فوق
الوراثي - L`épigenèse).
الرسول جاء ليُتمم
مكارم الأخلاق (l`épigenèse)، أي جاء ليقاوم النفسَ الأمّارةَ بالسوء (L`ADN).
لماذا وُجِدَ الـADN نفسُه حتى نحتاجَ للـépigenèse؟
وُجِدَ الـADN
للمحافظة على النوع البشري وحمايته من الانقراض، وُجِدَ في ظروف اجتماعية بدائية كان الإنسان يحتاج
فيها للعصبية القبلية (تضامنٌ بين أفراد
القبيلة \ دفاعٌ أو غزوٌ ضد القبائل المنافسة على الماء والغذاء والكلأ).
يبدو لي أن التربية
على مكارم الأخلاق (L`épigenèse) هي السبيل الوحيد للحد من سلطة الـADN
المتجسمة في العصبية
القبلية التي كانت سائدة في الجزيرة العربية في عصر الجاهلية (وللأسف الشديد نراها
سائدة حتى اليوم وفي العالم أجمع)، والرسول دعانا للأخلاق التالية: "الناس سواسية كأسنان المشط الواحد، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى. والقرآن أيضاً: "إن أكرَمَكم عند الله أتقاكُم".
وقبل أن نصل إلى
المساواة المنشودة والمحمودة بين الأعجمي والعربي التي دعانا إليها رسولنا الكريم،
علينا طرحُ السؤال التالي: هل العربُ هُمُ كأسنان المشط الواحد لا فضل لخليجي على مغربي إلا بالتقوى؟ لو كنا كذلك
لأغنتنا ثرواتُ الخليج عن التسوّل الذليل أمام عتبات البنوك الغربية الرِّبوية المُشِطّة
(FMI, BM, BCE, Club de Paris, etc)!
يبدو لي أن المعضلة
التي تعترضنا اليوم تتمثل في المأزق الذي رافق تاريخ الإسلام على مدى 14 قرن وهو
التالي: النفسُ الأمّارةُ بالسوء (L`ADN) هي مُعطَى وراثي، أما
الرسالة المحمدية وتربية الإنسان المسلم على مكارم الأخلاق فهي مُعطَى مكتسبٌ (L`épigenèse)، لكننا وللأسف ما زلنا لم
نكتسبه بعدُ.
الرسول محمد جاء
ليُتمم مكارم الأخلاق، ومكارم الأخلاق ليس لها تعريف في العالم أفضل من
حديثه أعلاه صلى الله عليه وسلم، أي جاء ليقاوم النفسَ الأمّارةَ بالسوء لا
لينفيها، وهذه الأخيرة هي من خلق الله، والتخلّق (L`épigenèse) جاء ليقاومَ غرائز الخلق (L`ADN) بالتفاعل معها وضدها في آن.
إمضاء
"أنا عند الإسلاميين
شيوعي وعند الشيوعيين إسلامي! لأن المفكر الحر يستحيل تصنيفه.." المفكر
الإيراني الإسلامي الحر علي شريعتي، صديق الفيلسوف الفرنسي اليساري الملحد جان بول
سارتر الذي قال: "لو أجبرتُ يومًا على اختيارِ دينٍ، لاخترتُ دينَ صديقي علي
شريعتي".
أنا اليومَ لا أرى خلاصًا للبشريةِ، لا أراهُ في
الأنظمةِ القوميةِ ولا اليساريةِ ولا الليبراليةِ ولا الإسلاميةِ، أراهُ فقط في
الاستقامةِ الأخلاقيةِ على المستوى الفردِيِّ وكُنْ سياسيًّا كما شِئتَ (La spiritualité à l`échelle
individuelle).
"النقدُ
هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار
"المثقّفُ هو
هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
و"إذا
كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
لا أقصدُ فرضَ
رأيِي عليكم بالأمثلةِ والبراهينَ بل أدعوكم بكل تواضعٍ إلى مقاربةٍ أخرى، وعلى كل
مقالٍ سيءٍ نردُّ بِمقالٍ جيّدٍ، لا بالعنفِ اللفظيِّ.
يا أولِي
الألباب، حارِبوا (Votre AND, héréditaire, sauvage, agressif
et égoïste)، حارِبوه بواسطة L`épigenèse cérébrale, acquise, éducatrice, altruiste et civilisatrice (Sujet de ma
thèse de doctorat en didactique de la biologie, UCBL1, 2007).
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 15 أفريل 2019.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire