lundi 26 octobre 2020

تلميذُ السنة أولى ابتدائي مخاطِبًا معلّمَه: "إرثي الجيني وحدُه يُسمّيه العلماءُ "الكتابُ الأكبرُ"! مواطن العالَم

 

 

فلماذا تحطّ من شأني يا سيدي المعلم وتسمّيني "صفحةً بيضاءْ"، ثم تدّعي أنك قادرٌ أن تكتب فيها ما تشاءْ؟

يا سيدي وتاج رأسي: اعلَمْ أن المخلوقَ الجديدَ (التحام الحيوان المنوي بالبويضة) ليس صفحةً بيضاءَ، فما بالك بي أنا ابنُ الست سنوات:

-         "آدِآنِي" الفطري (Mon ADN) أعقدُ  من أعقدِ كتابٍ صَدَرَ أو سيصدرُ في التاريخ البشرية (Un livre complexe et non compliqué).

-         "آدِآنِي" كتابٌ واحدٌ فريدٌ في الوجودِ ، لم يوجدْ مثله ولن يوجدَ (  Un livre unique dans l`histoire et le futur).

-         "آدِآنِي" كتابٌ مكتوبٌ بالشفرة الجينية (Le code génétique)، لغةٌ لا يفقه فك رموزها إلا أعلى الراسخين في العلم.

-         "آدِآنِي" كتابٌ مكتوبٌ باستعمالِ أربعة حروفٍ فقط (Les 4 bases: A, T, C, G) ويحوي أكثر من أربعة ملايير مفردة 

(Les nucléotides ).

-         "آدِآنِي" كتابٌ يضمّ بين دفّتَيه تاريخ البشرية البيولوجي ويحفظه من التلف والزمن، وهو الكتابُ الوحيدُ القادرُ على استنساخِ نفسِه بنفسِه (La réplication de l’ADN).

-         "آدِآنِي" مكوّنٌ من 25 ألف جينة، جيناتٌ تفاعلَتْ مع محيطي (Mon Umwelt plus mon environnement social et culturel) فخلقتْ مني كائنًا يستحيل استنساخُه كليًّا (جسديًّا ممكن، ذهنيًّا غير ممكن) حتى عن طريق عملية الاستنساخ (Le clonage).

 

يا سيدي وتاج رأسي، قبل أن آتيك إلى المدرسة تعلمتُ الآتي:

-         منذ ولِدتُ وأنا أحملُ اسمًا ولقبًا، دينًا وانتماءً، جنسًا وجنسيةً، ثقافةً وحضارةَ، عاداتٍ وميولاتٍ، جماليةً وذوقًا، واقعًا وخيالاً، صحّةً وسقمًا، أحلامًا وأوهامًا، تجاربَ وأخطاءَ، تاريخًا بانتصاراته وهزائمه.. أما زلتَ تُصرُّ على أنني مجرّدُ صفحةٍ بيضاء!

-         استوعبتُ من المعلومات في ست سنوات ما لا يقدر على استيعابه أنجب الطلبة في الجامعة في نفس المدة.

-         تعلمتُ من عائلتي ومحيطي، تعلمتُ اللغةَ العربيةَ ورموزَها، الأخلاقَ وحدودَها، الأكلَ وأنواعَه، اللباسَ والمُوضةَ، القرابةَ وآدابَها، الحبَّ ونَقيضَه، باختصار يا سيدي تعلمتُ الحياةَ من الحياةِ.

 

أخيرًا يا سيدي وتاج رأسي، وليس آخرًا، سأقسو عليك قليلاً على قدرِ قسوتِكَ عليّ بنعتي بـ"الصفحةِ البيضاء"، إنها شتيمةٌ يا سيدي لو كنتَ تدري، وإن كنتَ لا تدري فالمصيبةُ أعظمُ! أتعتقِدُ أنكَ العالِمُ وأنا الجاهلُ؟ أنا لم أدّعِ يومًا أنني عالِمٌ لكنني لستُ جاهلاً! أجاهلٌ مَن يعرفُ اللهَ والشيطانَ، الجنّةَ والنارَ، الحلالَ والحرامَ، الصدقَ والكذبَ، التجريدَ والتجسيمَ؟

أنا، يا سيدي، طِفلُ في طَوْرِ التشكّلِ جسديًّا وذهنيًّا: لي ماضٍ وأطمحُ لمستقبلَ أفضلَ. أنا لستُ عجينةً تشكّلها كما تشاءْ، ولا إناءً فارغًا تملؤه بما تشاءْ، ولا صفحةً بيضاءَ تكتبُ فيها ما تشاءْ!

تحياتي سيدي المعلم، تحياتٌ تستحقها عن جدارة حتى ولو أخطأتَ في تقييمي.

إمضائي

"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

 

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 30 جويلية 2018.

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire