lundi 19 novembre 2018

بتصريحاتها العنترية الأخيرة، يبدو لي أن النهضة بدأت تهدد أركانَ إنجازِها السياسي! مواطن العالَم



Le ton comminatoire de la Nahdha

ما هي التصريحات العنترية الأخيرة للنهضة؟ سوف أنقلُ الفكرة ولن أتقيّدَ حرفيًّا بالخطاب:
-         راشد الغنوشي (سمعته وشاهدته في فيديو في الفيسبوك عند صديق يساري): النهضة حزب أساسي. تدخَّلْنا في تكوين حكومة الشاهد ووضعنا فيتو على الوزراء غير الصالحين.
-         محمد بن سالم (سمعته وشاهدته في جلسة البرلمان التي زكّت وزراء الشاهد): لا تهتم يا سبسي فلن نُزيحَكَ من منصِبِكَ.
-         نشيد بمناسبة مؤتمر النهضة في الحمامات (سمعته وشاهدته في فقرة "كاميرا حسام" في قناة التاسعة): سننتصر على كل الأحزاب.

الخبر مقدّس والتعليق حر: النهضة - وهي جزءٌ مهمّ من السلطة خلال ثمان سنوات - نجحت على المستوى السياسي وبناء المؤسسات الديمقراطية لكنها فشلت على المستوى الاقتصادي وتوفير الخدمات الاجتماعية (للتذكير، انظر الملحَق تحت). يبدو لي أن النجاحَ السياسي لا يصمدُ أمام الفشل الاقتصادي وقد ينهارُ بين لحظةٍ وأخرى وقد تهزُّ النهضةَ ريحٌ فلا تجدُ جذورًا (إنجازات اقتصادية وخدماتية) تشدّها في مجتمعها التونسي باستثناء مناضليها المخلصين، ولنا أسوةٌ في الهزيمة الأخيرة المدوِّية التي مُنِيت بها الأحزاب الفرنسية العريقة (الديڤولية واليسارية) أمام الصعود المفاجئ لنجم ماكرون المُسنَد كالشاهد من قِبل الدوائر المالية العالمية. الشاهد هو القويُّ بالوكالة إذن وليست النهضة. الشاهد يحتاج ظرفيًّا للنهضة وقد يلفظها كالنواة بعد امتصاصها لو وَجَدَ لها بديلا، فعلى النهضة إذن أن لا تخطئ في تقدير مؤهلاتها وتمسك نفسها عن التباهى بقوة حليفها الكمبرادوري التابع. من المستحيل أن تكون النهضة للشاهدِ بديلاً لدى الدوائر المالية العالمية الصهيو-مسيحية، والآية الكريمة تؤكد استشرافي "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم"، اللهم إذا انسلخت النهضة من جلدها الإسلامي واستبدلته كالشاهد بجلدٍ وَرْدِيٍّ مستورَدٍ كمبرادوريٍّ تابعٍ.

خاتمة: كل التنظيمات، المنغلقة على أنفسها والمتقوقعة في جلابيب إيديولوجياتها، ذاهبةٌ لا مَفَرَّ إلى زوالٍ في كل بلدان العالَم عاجلاً أو آجلاً إن شاء الله، أحزابًا كانت أو منظمات نقابية، وكل واحدة منها سوف تأخذ معها كراريسَها وصحفها  وقنواتها الفضائية ومنظّريها، وعند رحيل كلاب حراستها سوف تتفرق أوتوماتيكيًّا جميع قُطعانِها. العصرُ عصرُ حريةٍ و انبثاقٍ، انبثاقِ حركات شعبية من رحم جبّانة الأحزاب، حركات عفوية منظمة ذاتيًّا تتشكل بسرعة وتنحل بسرعة حسب الحاجة، ديناميكيةٌ يصعب السيطرة عليها أو تدجينَها بالوسائل الكلاسيكية المعهودة كالبوليس أو الانضباط الحزبي أو الولاء الإيديولوجي الأعمى. تجربة جمنة الرائدة في الاقتصاد التضامني خيرُ مبشِّرٍ بفجر هذا العصر الجديد، مؤشرٌ مادي ومعنوي أستدلّ به وكجمني مشاركٍ في صنعه أتباهي به أمام العالَمين. أمام تجربتنا تصاغرت كل الأحزاب، ذَبُلت، وعجزت عن احتوائنا كل الإيديولوجيات، الإسلامية منها واليسارية والقومية، مع الإشارة الهامّة إلى أن جمعية حماية واحات جمنة، الجمعية المتطوّعة الساهرة على إنجاح التجربة النموذجية، تضم اليساري والقومي والنهضاوي والمستقل. أمام عزيمتنا وتضامننا انكسرت شوكة الأحزاب اليمينية الليبرالية بأجمعها رغم مَسْكِها بزمام السلطة ومحاولاتها المتكررة لإفشالنا عبر إعلامها المرتزق. محرابُنا في جمنة يشبه محرابَ العلم، لا يدخله إلا مَن نزع جبة التعصب الإيديولوجي وتخلى عن أنانيته وقدّم المصلحة العامّة على مصلحته الخاصة، والله لا يضيّع أجرَ المتطوّعين الصادقين المخلصين، آمين يا رب العالَمين، رب المسلمين وغير المسلمين.

إمضائي
أجتهدُ فإذا أصبتُ فلي الأجرُ الموعودُ، وإذا أخطأتُ فلي بعضُه!
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الثلاثاء 20 نوفمبر 2018.

مُلحقٌ للتذكيرِ، نقلٌ عن جريدة لوموند ديبلوماتيك، نوفمبر 2018:
1.     فيما فشلت النهضة؟
-         لم تنجح في إيجاد حلول اجتماعية واقتصادية مهمة واكتفت بتوزيع الوعود السرابية مثلها مثل النظام البائد الذي عارضته طيلة 40 سنة (1970-2010): الفقرُ زادَ، البطالة تفاقمت، التعليم العمومي اهترأ، الفساد أصبح مرضًا مزمنًا.
-         النهضة لا تملك أي تصور لمنوال تنموي بديل عن المنوال الليبرالي المتوحش فهي إذن فاقدة لأي رؤية لدور الدولة في إعادة هيكلة الاقتصاد التونسي.
-         بيّنت بالمكشوف أنها لا تختلف عن الأحزاب الأخرى وانغمست في التجاذبات السياسوية: تحالفت مع مَن اعترف علنًا بأنه دلّس الانتخابات، التجمعيين.
-          لم تحقق العدالة الانتقالية بل قالت لجلاديها "اذهبوا فأنتم الطلقاء" ونسيت أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قالها كان في موقف قوة أما هي فتستظل اليوم بظل مَن خانها وقمعها وسجنها وعذبها وشرّدها ونفاها ويتّم أولادها.
-         النهضة مرّت من المعارضة إلى الحكم ومِن السجون إلى القصور (باردو والقصبة) والسياسة التونسية لم تتغيّر وما زالت الدولة التونسية تنفّذ مكرهة سياسات صندوق النقد الدولي. أصبحت النهضة النسخة الحلال للنظام البائد.
-         دخلت في أحلاف خارجية مع تركيا وقطر ضد السعودية والإمارات مما ألحق ضررًا فادحًا باستقلالية السياسة الخارجية التونسية وجرّتنا جرًّا إلى التبعية الإيديولوجية والولاء للخارج، شرّانٍ نحن في غِنًى عنهما.
2.     فيما نجحت النهضة؟
-         استفادت من ضمور اليسار التونسي، خصمها الإيديولوجي اللدود، وانحسارِه الناتج عن انهيار الشيوعية في العالَم وسقوط جدار برلين سنة 1989.
-         النهضة تلميذة نجيبة، تعلمت من أخطاء أخواتها في الجزائر ومصر وتخلت سلميًّا عن السلطة وسلّمتها إلى خصومها السياسيين دون انقلاب ولا حتى انتخابات وهو النجاح الوحيد ذو قيمة الذي يُنسَب لها دون منازع.
-         شاركتْ في تونس في محاربة الإرهاب الجهادي رغم أنها متهمة بتشجيعه في سوريا.
-         ساهمت في إنجاح المسار الديمقراطي على الأقل في المستوى السياسي.
-         أكدت أن لا سلطة فوق سلطة الصندوق مثلها مثل الأحزاب المسيحية الغربية وصرّحت أن القرآن مقدّس لكن تأويلَه وتطبيقَه بشريّان،  تأويلٌ وتطبيقٌ يخضعان للنقد والأخذ والرد مما يُتيح تشريك الجميع ولا رهبنة في الإسلام. وهذا الحوار بين المقدّس والمدنّس، الربّاني والإنساني، هو الذي يحقق التفاعل بين أطراف ثنائية الدين والسياسة في الإسلام ويخرجنا من دائرة التمسّك بأفضلية الأول على الثاني ويساعد على التخلص من سيطرة تجار الدين ويجنّبنا الحرب الأهلية بين الإسلاميين والعَلمانيين. حوارٌ يحرّرنا من إرث الثورة الدينية الإيرانية ويبشّرنا بموت ربيع الإسلام السياسي وانبثاق فجر الإسلام الديمقراطي.

مثالٌ على تقهقر الأحزاب في العشريات الأخيرة في الدول الديمقراطية العريقة، اخترتُ لكم قصدًا حزبًا يمينيًّا ولم أختر حزبًا اشتراكيًّا لأن الشيوعية تقهقرت في العالم كله بعد سقوط جدار برلين الفاصل سابقًا بين الألمانيتَين سنة 1989 (نفس المصدر): في بداية الثمانينيات كان حزب المحافظين البريطاني (الحاكم حاليًّا) يَعُدُّ مليون ونصف المليون عضو. في آخر التقديرات، نزل العدد إلى 124 ألف فقط. المشكلة الكبرى التي يتعرض لها هذا الحزب تتمثل في عدم قدرته على جلب الشباب إلى حظيرته: متوسط عمر الأعضاء بلغ 57 سنة أي أكثر من واحد على اثنين تخطى الستين.
ويكيبيديا: في فرنسا، نتيجة الانتخابات التشريعية سنة 1946، حصل الحزب الشيوعي على 28،3% من الأصوات، في  2017 حصل على 2،7% فقط.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire