1.
ما هي الأحلام الطوباوية لحزب الاتجاه الإسلامي
التونسي؟
تطبيق
الشريعة، إقامة
الحدود، القصاص وتنفيذ عقوبة الإعدام، تقنين تعدد الزوجات، منع الخمر
إنتاجًا وبيعًا واستهلاكًا، إغلاق دور البغاء العلني، تجريم المثلية الجنسية،
تعريب التعليم بالكامل، إغلاق المقاهي في رمضان، منع التبرّج، منع التبنّي، التكامل
بين المرأة والرجل عوض المساواة التامة بينهما، الخلافة الإسلامية، إلخ.
2. كيف
أيقظه حزب
النهضة من أحلامه الطوباوية؟
أصبحت النهضة حزبًا حاكمًا كليًّا أو جزئيًّا ولم تحقق
ولو حلمًا واحدًا من أحلام الاتجاه الإسلامي،
بل على العكس: تَسَامَحَ الغنوشي مع المثلية، عَفَتِ
النهضة مكرهةً على جلاّديها، دَسْتَرَتْ حرية الضمير والمساواة التامة بين المرأة
والرجل، اعترفت بمرجعية الدستور عوض الشريعة، سعت إلى إرساء نظام جمهوري برلماني
وتخلت عن الخلافة الإسلامية، غضّت الطرف على الخمر والبغاء، لم تعرّب التعليم، لم تغلق
المقاهي في رمضان، سلّمت بقانونية مجلة الأحوال الشخصية التي تجرّم التعدد وتبيح
التبنّي، إلخ.
3. فيما فشلت النهضة؟
-
لم
تنجح في إيجاد حلول اجتماعية واقتصادية مهمة واكتفت بتوزيع الوعود السرابية مثلها
مثل النظام البائد الذي عارضته طيلة 40 سنة (1970-2010): الفقرُ زادَ، البطالة
تفاقمت، التعليم العمومي اهترأ، الفساد أصبح مرضًا مزمنًا.
-
النهضة
لا تملك أي تصور لمنوال تنموي بديل عن المنوال الليبرالي المتوحش فهي إذن فاقدة
لأي رؤية لدور الدولة في إعادة هيكلة الاقتصاد التونسي.
-
بيّنت
بالمكشوف أنها لا تختلف عن الأحزاب الأخرى وانغمست في التجاذبات السياسوية: تحالفت
مع مَن اعترف علنًا بأنه دلّس الانتخابات (السبسي في الجزيرة).
-
لم تحقق
العدالة الانتقالية بل قالت لجلاديها "اذهبوا فأنتم الطلقاء" ونسيت أن
الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قالها كان في موقف قوة وهي اليوم تستظل بظل مَن
خانها وقمعها وسجنها وعذبها وشرّدها ونفاها ويتّم أولادها.
-
النهضة
مرّت من المعارضة إلى الحكم ومِن السجون إلى القصور (باردو والقصبة) والسياسة
التونسية لم تتغيّر وما زالت الدولة التونسية تنفّذ مكرهة سياسات صندوق النقد
الدولي. أصبحت النهضة النسخة الحلال للنظام البائد.
-
دخلت
في أحلاف خارجية مع تركيا وقطر ضد السعودية والإمارات مما ألحق ضررًا فادحًا
باستقلالية السياسة الخارجية التونسية وجرّها جرًّا إلى التبعية الإيديولوجية
والولاء للخارج، شرّانٍ نحن في غِنًى عنهما.
4. فيما نجحت النهضة؟
-
استفادت
من ضمور اليسار التونسي، خصمها الإيديولوجي اللدود، وانحسارِه الناتج عن انهيار
الشيوعية في العالَم وسقوط جدار برلين سنة 1989.
-
النهضة
تلميذة نجيبة، تعلمت من أخطاء أخواتها في الجزائر ومصر وتخلت سلميًّا عن السلطة
وسلّمتها إلى خصومها السياسيين دون انقلاب ولا حتى انتخابات وهو النجاح الوحيد ذو
قيمة الذي يُنسَب لها دون منازع.
-
شاركت
في تونس في محاربة الإرهاب الجهادي رغم أنها متهمة بتشجيعه في سوريا.
-
ساهمت
في إنجاح المسار الديمقراطي على الأقل في المستوى السياسي.
-
أكدت
أن لا سلطة فوق سلطة الصندوق مثلها مثل الأحزاب المسيحية الغربية وصرّحت أن القرآن
مقدّس لكن تأويلَه وتطبيقَه بشريان،
تأويلٌ وتطبيقٌ يخضعان للنقد والأخذ والرد مما يُتيح تشريك الجميع ولا
رهبنة في الإسلام. وهذا الحوار بين المقدّس والمدنّس، الربّاني والإنساني، هو الذي
يحقق التفاعل بين أطراف ثنائية الدين والسياسة في الإسلام ويخرجنا من دائرة التمسّك
بأفضلية الأول على الثاني ويساعد على التخلص من سيطرة تجار الدين ويجنّبنا الحرب
الأهلية بين الإسلاميين والعَلمانيين. حوارٌ يحرّرنا من إرث الثورة الدينية
الإيرانية ويبشّرنا بموت ربيع الإسلام السياسي وانبثاق فجر الإسلام الديمقراطي.
خاتمة: أملُنا
ومستقبلُنا ليسا في الإسلام المعتدل أو اللايت بل في الإسلام التنويري، وهذا
لن يتحقق إلا بالفكر النقدي عدو كل تسلط، أكان دينيًّا أو لائكيًّا، وبتوظيف
العلوم الحديثة مثل الإبستمولوجيا (فلسفة العلم)
والأنتروبولوجيا (علم الأنسنة) والأركيولوجيا (علم الآثار) والميثولوجيا
(علم الأساطير) والإيكولوجيا (علم البيئة) والإيتيقا (مراعاة الأخلاق والقِيم) وغيرها
من أدوات البحث والحفر والتحليل المنطقي مع الاستقامة الأخلاقية الفردية الإسلامية
أو اليسارية.
مصدر الإيحاء:
Le
Monde diplomatique, novembre 2018, «Une idéologie compromise par l`exercice du
pouvoir. Échec de l`utopie islamiste», par Hicham Alaoui, chercheur associé à
l`université Harvard (USA), pp. 12 et 13
إمضائي
قرارُ القطعِ النهائيِّ مع أربعة أصدقاء كانوا فيما مضى حميمين، قرارٌ
أراحني كثيرًا وخلقَ لديّ إصرارًا على مواصلة الكتابة والنشر. يبدو لي أنني نجحتُ في أن
لا أُبقِي في داخلي إلا على مشاعر الحنين لِما هو جميلٌ فيهم.
أجتهدُ فإذا أصبتُ فلي الأجرُ الموعودُ، وإذا أخطأتُ فلي بعضُه!
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
Aimer, c`est
agir. Victor Hugo
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الثلاثاء 6 نوفمبر 2018.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire