jeudi 16 mai 2013

محاولة فلسفية (إبستمولوجية) 17: مالك الشيء (و ليس فاقد الشيء)، لا و لن يعطيه! مواطن العالَم د. محمد كشكار


محاولة فلسفية (إبستمولوجية) 17: مالك الشيء (و ليس فاقد الشيء)، لا و لن يعطيه! مواطن العالَم د. محمد كشكار

1.     المدرّس يملك العلم، لكنه يلقنه للتلميذ تلقينا و لا يملّكه إياه تمليكا:
يحث المدرّس تلامذته على طلب العلم من المهد إلى اللحد و هو أول مَن يخالف هذه النصيحة الذهبية. ينقطع أغلب المدرّسين التونسيين عن طلب العلم عند تحصلهم على شهادة تخول لهم العمل في الأساسي أو الثانوي أو الجامعي. إن توقف المدرّس التونسي عن طلب العلم فالتطور العلمي لا يتوقف و لا ينتظر لذلك أخشى على زملائي من عدم الإلمام بالجديد المبتكر في مجالهم العلمي. وددت لو كان المدرّس التونسي باحثا أساسيا أو ميدانيا في مجال اختصاصه، باحث لا يتوقف على طلب العلم كما ينصح دوما تلامذته أو طلبته

2.     الثقافة لا تُعطي، بل تُكتسب:
أبدأ بأقوال بعض الفلاسفة المعاصرين في المثقفين:
قال الفيلسوف اللبناني علي حرب:
"فإن من نقوم بتقديرهم و تبجيلهم من أهل الأدب و الفن أو العلم و الفكر، لا يحسنون سوى ممارسة العنف الرمزي، بتقييماتهم السلبية و مفاضلاتهم العنصرية و تقسيماتهم الاصطفائية أو تصنيفاتهم البربرية".

قال الفيلسوف الفرنسي ريجي دوبري:
« Les philosophes écrivent sur des choses qui ne les maîtrisent pas, Sartre, petit bourgeois, écrit sur l'engagement politique de gauche; Rousseau, qui a mis ses enfants dans un orphelinat, écrit sur l'éducation ; Nietzsche, de mauvaise santé, écrit sur la force 

قال الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر:
« L’Intellectuel est une création du XIXè siècle qui disparaîtra à la fin du XXè ou du XXXè parce qu’il est fait pour disparaître. L’homme qui pense pour les autres, cela n’a pas de sens. Tout homme qui est libre ne doit être commandé par personne que par lui-même 

لقد صدق سارتر في تنبّئه باقتراب عصر انقراض المثقف الذي يفكر للآخرين، خاصة المثقف الذي يفكر دون الاعتماد على بحوث علمية ميدانية
بفضل الأنترنات، أصبح للمواطن الفرد البسيط - مثلي و مثلك - إمكانية اكتساب الثقافة بنفسه دون مدرّس و التعبير عن رأيه بكل حرية دون المرور بالقنوات الرسمية كالكتب و الجرائد و الإذاعة و التلفزة

3.     الإيديولوجيا لا تعطي أفكارا جديدة، بل تورّث مناصري مؤسسيها فكر أحاديا إقصائيا رجعيا متحجّرا  و متكلّسا:
لقد أمضى الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر شهادة وفاة الإيديولوجيا منذ 1948، عندما قال فيها:
« Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites

و قَبِلَ علي حرب فيها العزاء في كتابه "الثورات الناعمة" 2012:
"من هنا، فإنه ما تحسنه الثورات الإيديولوجية، العاملة تحت يافطة مقدسة، هو أن تأكل أبناءها و تصفي أعداءها. و هكذا فهي في كلا الحالين تجرّ الناس إلى الموت. فمَن كان معها و قدّس شعاراتها و ضحى من أجلها راح ضحيتها، و من عارضها أو وقف ضدها عملت على نبذه أو استئصاله و تصفيته.

4.     الحقيقة تبدو أقل حقيقة مما يدعيه أنصار "الحقيقة":
قال فيها الفيلسوف اللبناني علي حرب:
-         فحقيقة الحقيقة أنها أقل حقيقة مما يدعي قول القائل. ذلك أن قول الحقيقة أبدا يصنف و يستبعد، و يخدع و يحجب، و يحرّف و ينسخ.
-         الحقيقة ليست مُعطى خفيا ينبغي البحث عنه، بل نتاج و بناء. و لا تبنى الحقيقة من دون الغير
-         إن نقد الحقيقة يجعلها أقل حقيقة.
-         الثورة الحقيقية هي انتصار على الذات.

5.     الإسلاميون لا يدعون إلى الإسلام الرحب الواسع المتعدد، بل ينشرون عن الإسلام، فكرة سياسية أحادية قاصرة و مختزلة:
قال فيهم الفيلسوف اللبناني علي حرب في كتابه "نقد الحقيقة:
لا يمكن لأي معتقد أو مذهب أن يدعي احتكار الإسلام، و لنقل بالأحرى احتكار الحقيقة القرآنية. إذ القرآن نص لا يمكن لأي تفسير أو مذهب أن يستنفذه أو يغلقه. فلكل تصوره و فهمه، و من ثم لكل مذهبه و إسلامه. غير أن النموذج العقائدي المغلق يسعى إلى احتكار المعنى و الحقيقة في النص، مدعيا أن إسلامه، وحده من دون سواه، هو الإسلام الصحيح

6.     الماركسيون لا يدعون إلى اليسار الرحب الواسع المتعدد، بل ينشرون عن اليسار، فكرة سياسية أحادية قاصرة و مختزلة:
قال فيهم الكاتب المثقف اليساري بيرم ناجي:
نحن العرب الآن في محطة من أخطر محطات تاريخنا الحديث و المعاصر و تتطلب دما جديدا يعاد بعثه في جسمنا حتى نواصل القدرة على المقاومة و هذا الجسم له " قلب ينبض في اليسار"، كما قال الشاعر الفرنسي لوي أراغون ذات مرة، وهذا القلب مصاب بتصلب في الشرايين و مهدد بسكتة قلبية إن لم يعالج مما قد يحوّله من عضو نابض بالحياة إلى مضخة على وشك التوقف أو الانفجار.
إن قاطرة اليسار العربي تشيخ في حين تشتعل النيران حولها و المطلوب تجديد محرّكها حتى لا تتوقف عن التقدم بين و مع و بالفقراء و المظلومين. وإن هذه المهمة تتطلب أول ما تتطلب إعادة تقييم الماركسية جذريا و لكن ايجابيا لأن المهم ليس النظريات وتناسقها بل الشعوب و مصالحها.

7.     إمام الجمعة يؤمُُّ الجماعة في شؤون الدنيا و الدين و في الجماعة مَن هو أعلم منه في الشأنين:
يبدو لي أن تكوين الأئمة في تونس تكوين هش في المسائل العقائدية و أكثر هشاشة في المسائل الدنيوية. كان لنا قديما  في الجهل و الأمية عذرا، فما عذرنا اليوم و نحن نرى الدكتور في الشريعة و أصول الدين التقي يصلي وراء موظف أقل منه علما و أقل منه نفعا للمصلين، و نرى الطبيب المختص الورع يستمع إلى خطبة حول أمراض القلب و الشرايين من إمام لا يعرف أبجديات علوم الطب.

8.     صاحب المصنع، عادة لا يهتم بالبحث العلمي و التكنولوجي لتطوير صناعته:
ينصب اهتمام أصحاب المصانع العربية بالكسب السريع و الوفير و يهملون مستقبل صناعتهم و لا يقيمون أقساما خاصة بالبحث العلمي و التنمية المستديمة  و المحافظة على البيئة في مصانعهم.

9.     ليس للتاجر أخلاق التاجر مثل الثقة و البشاشة و العدل في الميزان و الابتعاد عن الشطط في الثمن:
يبيعك التاجر سلعته و كأنك عدوه. لا يهتم بالمظهر و حفظ الصحة و المعاملة الطيبة. يبيعك معروضا و كأنه مسروق. و من انعدام ثقته في جدوى سلعته، يريد أن يتخلص منها في أسرع وقت. أما عن الغش فحدث و لا حرج، فلماذا لا نعرض هؤلاء الغشاشين على مجالس تأديب مثلما نعرض بعض التلامذة من أبنائنا الصغار المغلوبين على أمرهم المتهمين جهلا بالغش في الامتحان.

10.  صاحب الصنعة أو الحِرفي يأخذ مقابلا ماليا باهظا و لا يعطي إتقانا و لا حِرَفية:
الميكانيكي و النجار و الحداد و اللحام و الدهان و البنّاء و صانع البنّاء، و غيرهم من أصحاب المهن اليدوية الحرة، أكثرهم لم يتكونوا تكوينا علميا في اختصاصاتهم و الغريب أنهم يحكمون على الحريف أحكاما نافذة و عاجلة أكثر من كلثوم كنّو. لم أسمع يوما - حتى بعد الثورة - أنهم مضربون عن العمل و لماذا يضربون؟ فحرفاؤهم أَولى بالإضراب عن خدمات هؤلاء الدجالين "الحِرفيين المزيفين"  و أنصح الحرفاء بتعلّم الصنائع و أشجعهم على "البريكولاج".

تاريخ أول نشر على النات
حمام الشط في 6 أكتوبر 2012.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire