jeudi 2 mai 2013

محاولة فلسفية 15: مقارنات انطباعية و غير عميقة بين السلفيين الشيوعيين و السلفيين الإسلاميين الجهاديين. مواطن العالم د. محمد كشكار



محاولة فلسفية 15: مقارنات انطباعية و غير عميقة بين السلفيين الشيوعيين و السلفيين الإسلاميين الجهاديين. مواطن العالم د. محمد كشكار

مقال لا يرتقي إلى المواصفات الأكاديمية، فهو إذن محدود بطبيعته، فرجاء لا تحمّلوه أكثر مما يتحمل.

مقارنة 1
-         يتهم السلفيون إخوانهم الشيوعيين و اليساريين و العَلمانيين و الليبراليين التونسيين بالانبتات عن المجتمع التونسي، و "الجمل لا يرى اعوجاج رقبته"، وهم المنبتون في لباسهم الطائفي (الجلباب). لباس طائفي بأتم معنى الكلمة لأنه يدل بوضوح تام على طائفة معينة لا تلبسه غيرها أما العلمانيون فهم تونسيون خالصون في لباسهم الغربي المُتَوْنَس منذ 60 عاما على الأقل و الدليل أنك لا تستطيع التعرف على واحد من هؤلاء العلمانيين التونسيين من خلال لباسه فقط.

-         يتهم السلفيون إخوانهم الشيوعيين و اليساريين و العَلمانيين و الليبراليين التونسيين باستيراد الفكر الغربي و ينسون أو يتناسون أنهم هم الذين استوردوا من السعودية الفكر الوهابي حاضرا جاهزا معلّبا، فكرا إسلاميا سلفي العقيدة و حنبلي المذهب. السعودية هي البلد الوحيد في العالم الإسلامي الذي يتبنى الحنبلية كمذهب من بين المذاهب السنية الأربعة (المالكية في شمال إفريقيا و الشافعية في مصر و الحنفية في أندونيسيا و الحنبلية و هذا المذهب الأخير هو الأقل انتشارا في العالم الإسلامي عموما). أما العلمانيين (اليساريين منهم و الليبراليين) فقد درسوا العلمانية في الابتدائي و الثانوي و الجامعة على أيدي أساتذة فرنسيين متعاونين و استبطنوها علوما حديثة (فلسفة، إبستمولوجيا، علم نفس، علم اجتماع، ألسنية، إتنولوجيا، طب، بيولوجيا و غيرها) و  تملكوها و كتبوا فبها و ألفوا عديد الكتب بالعربية و الفرنسية بل ما أبدعوا في توظيف ما تعلموه لنقد و غربلة تراثنا الإسلامي مما علق به من شوائب في سنوات الانحطاط و على سبيل الذكر لا الحصر، أستحضر بعض الأسماء اللامعة في هذا المجال: الطاهر الحداد و طه حسين و محمد الغزالي و جمال البنّا و نصر حامد أبو زيد و علي عبد الرازق و  صادق جلال العظم و هاشم صالح و عبد الله العروي و محمد أركون و حسين مروة و علي حرب و محمد الشريف الفرجاني و عبد المجيد الشرفي و هشام جعيط  و محمد الطالبي و أبو يعرب المرزوقي غيرهم كثيرون.

-         يتهم السلفيون إخوانهم العَلمانيين الشيوعيين بتبني و استعمال العنف الثوري و يتجاهلون أنهم هم مَن يستعمل و ينادي الآن بالجهاد المقدس ضد إخوانهم المسلمين السوريين (بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية و العرقية و الدينية و السياسية) و يتعامون على أعدائهم الحقيقيين الصهاينة المعتدين المستوطنين و المغتصبين لأرض فلسطين العربية المسلمة و هم منهم على مرمى حجر. يقولون أنهم يأتون فرادى و مجموعات استجابة لاستغاثة المسلمات المغتصبات من قبل الجيش العربي السوري الحكومي البشاري في سوريا. أسألهم هنا و أصرخ في وجوهم بكل تفهم و حب و عطف و ود : ألم تسمعوا صرخات أخواتكم المسلمات الفلسطينيات في فلسطين و هن يستغثن منذ 60 عما؟ أو صُمّت آذانكم عن سماع صراخهن أو النصرة في الدين أصبحت تُكال بمكيالين اثنين؟ أما أعداءكم الوهميين من الشيوعيين التونسيين فهم قد نسوا حمل و اسم السلاح و أصبح العنف الثوري المسلح أحفورة أركيولوجية في تراثهم و أدبياتهم بعد ما فات و بعد أن ساد العنف الثوري المسلح في الخمسينات و الستينات و السبعينات من القرن الماضي في كوريا و كوبا و فيتنام و آخره في  كمبوديا و بقاياه في البيرو على يد منظمة "الدرب الأحمر" المسلحة.

-         يتهم السلفيون إخوانهم الشيوعيين و اليساريين و العَلمانيين و الليبراليين التونسيين بالولاء إلى الغرب، معلّمهم. أولا الغرب هو معلم العالم أجمع، شئنا أم أبينا، كما كان المسلمون يوما معلمي العالم بأسره. أما السلفيون التونسيون فمعلمهم أجهل منهم. أتساءل بكل براءة: كيف يتعلم التونسي من السعودي أو القطري؟ و هذه ليست عنصرية عرقية بل إقرار و وصف لتخلف السعودية و قطر عن تونس في مجال المجتمع المدني و النقابيات و التعليم و الصناعة و الفلاحة و السياحة و الديمقراطية و حقوق المرأة و الإنسان عموما، إلخ.

مقارنة 2
-         ماركس و أنجلس و لينين و كاسترو و ڤيفارا و هوشي منه و بعض الماركسيين التونسيين في الستينات و السبعينات، كلهم ملتحين.

-         كل السلفيين الإسلاميين الجهاديين التونسيين و غير التونسيين ملتحين.

مقارنة 3
-         جل الماركسيين اللينينيين و الستاليين و الترتسكيين و الماويين و الكاستريين و الڤيفاريين يؤمنون بالعنف الثوري المسلح.

-         كل السلفيين الجهاديين يؤمنون بالجهاد المسلح.

-         أنا لا أؤمن بالعنف، لا المسلح و لا اللفظي و لا الرمزي.

مقارنة 4
-         انتزع السلفيون الماركسيون السلطة من الله و أوكلوها إلى الإنسان ثم حصروها في الطبقة البروليتارية، خالقة الثروة و المتحكمة في توزيعها (دكتاتورية البروليتاريا)، ثم افتكها من هذه الأخيرة و احتكرها رئيس الدولة الاشتراكية و زعيم الحزب الشيوعي الحاكم الدكتاتوري العبقري الملهم المعصوم من أمثال لينين و ستالين و ترتسكي و ماو و كاسترو و ڤيفارا و هوشي منه و أنور خوجة و شاو سيسكو و زعيم الخمير الحمر بكمبوديا الشيوعية.

-         انتزع السلفيون الجهاديون السلطة من الإنسان و أرجعوها نظريا إلى الله، خالق الثروة و المتحكم في توزيعها (الحاكمية لله) لكنهم خانوا وعودهم و يا ليتهم ما خانوها لأنه إذا سلمنا بأن السلطة لله وحده فلا سلطة لبشر على بشر و لو باسم الله و تحت راية دينه و هنا تنقرض الدكتاتورية و الفاشية و التوتاليتارية و تحل محلها الديمقراطية التي تنادي بحكم الشعب نفسه بنفسه. لكن السلفيين تولوا السلطة معتبرين أنفسهم خلفاء لله الشرعيين و ظله في الأرض و استبدوا باسم الله و الإسلام كما حلا لهم و الله و الإسلام براء منهم و من جورهم و ظلمهم مثل ما فعل أمراء المؤمنين الأمويين (باستثناء الخليفة الأموي الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز) و العباسيين و العثمانيين على مدى ثلاثة عشر قرن و رفعوا في وجوهنا اليوم شعار حق أُريدَ به باطل "لا نخاف إلا من الله"، و يا ليتهم طبقوا هذا الشعار الإنساني التحرري الذي يحث على مقاومة الحكام الظلمة الفاسدين وعدم الرضوخ لأي بشر أو طبقة مهما كان جبروتهما و استبدادهما و الرضوخ فقط لعبودية الله المجرّد المتعالي.

مقارنة 5
-         اهتم السلفيون الشيوعيون نظريا بمطلبين أساسيين، التنمية و تحرير الإنسان، حققت الشيوعية جزئيا المطلب الأول و فشلت فشلا ذريعا في تحقيق الثاني بل استعبدت المواطنين البروليتاريين و العلماء المستقلين و المفكرين الأحرار و غرّبتهم و استلبتهم و قمعتهم و نفتهم و شردتهم و في أكثر الأحيان قتلتهم كما فعل ستالين بمواطنيه و رفاقه و علمائه العزل في الاتحاد السوفياتي.

-         أهمل السلفيون الجهاديون هذان المطلبان إهمالا تاما، أي ما كانت الشعوب الإسلامية في أمس الحاجة إليه، و أبقيا هذين المطلبيان  أهدافا معلقة لا صلة لهما البتة باهتماماتهم.

مقارنة 6
-         اشتهر السلفيون الشيوعيون و السلفيون الجهاديون بامتلاك الحقيقة المطلقة و إقصاء الرأي المخالف و تقديم البديل الجاهز و الجواب النمطي على كل الإشكاليات الاجتماعية و الأسئلة الوجودية.

-         يبدو لي أن لا أحد من البشر يمتلك الحقيقة و لا البديل الجاهز لأن البديل ليس جاهزا بل هو يُصنع و ينبثق من تفاعلات الآراء المختلفة و المتناقضة بين الفرقاء من البشر.

مقارنة 7
-         اشتهر السلفيون الشيوعيون و السلفيون  الجهاديون بنشر و حقن الوعي المستورَد - الصحيح حسب زعمهم - لمجتمعاتهم  و استثنوا أنفسهم من إمكانية استبطان هذا الوعي المستورد.

-         لا يحق لأحد من البشر أن يدعي أنه معصوم أو في مأمن من الوقوع في الخطأ و كل واحد منا يمتلك جزءا بسيطا من الحقيقة و لا يمكن لأحد منا مهما علا شأنه العلمي أو الثقافي أن يمتلك الحقيقة كاملة، لا بسبب قصور فيه بل لأن الحقيقة معقدة و متشعّبة جدا جدا.

مقارنة 8
-         اشتهر السلفيون الشيوعيون و السلفيون الجهاديون بالانغلاق على أنفسهم و الريبة و الشك في المخالفين إلى أن  يثبت هؤلاء الأخيرين ولاءهم لهم.

-         الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، الإنسان بكل أطيافه.

مقارنة 9
-         اشتهر السلفيون الشيوعيون بـ"الثورية - الرجعية" أي الرجوع إلى مرحلة الإنسان البدائي حيث الاشتراك في الملكية الجماعية و انعدام الملكية الفردية الأنانية و مجتمع ما قبل الدولة و ما قبل النقود و ما قبل البرلمان و ما قبل الإدارة لذلك يطمحون إلى انقراض الدولة كجهاز طبقي قمعي مع انقراض الطبقات و يسعون إلى إلغاء مكتسبات الحضارة البورجوازية  المتمثلة في التعددية الحزبية و التبادل على السلطة  و الديمقراطية الليبرالية و حرية الرأي (نكتة واقعية: أسست مجموعة من الشيوعيين الفرنسيين سنة 1975 مجلة سموها "ماركس أو مُتْ بغيضك".
 La revue « Marx ou crève » devenue ensuite « Critique communiste ».

-         اشتهر السلفيون الجهاديون بالرجوع إلى عصر السلف الصالح و تمجيده، العصر المتجسّم في القرون الهجرية الثلاثة الأولى استنادا إلى حديث رسول الله صلى الله علية وسلم "خير القرون قرنى ثم الذى يليه ثم الذى يليه. رجعوا إلى الشكل و اللباس و العادات البالية و أرادوا إحياءها و نسوا أو تناسوا أهم شيء في السلف الصالح و هو عقلهم و عبقريتهم و منهجيتهم في الخروج من وضعهم القبلي المتمزق و تكوين دولة موحدة ملكت يوما ما العالم برمته و أنجزت ثورة على الواقع المتخلف قبل الإسلام.

مقارنة 10
-         ينعت السلفيون الشيوعيون اشتراكيتهم بالاشتراكية العلمية ظنا منهم أنهم يضفون عليها شيئا من المصداقية جاهلين أو متجاهلين أن العلم البشري المادي علم مبني على الخطأ و هو الوحيد الذي لا يدعي أنه يمتلك الحقيقة بل يرفع شعارا مضادا لها "الشك طريق إلى مزيد من الشك" و قوته تكمن في قابليته الدائمة للدحض و التكذيب.

-         توجد فرقة من السلفية تسمي نفسها "السلفية العلمية"، نسبة إلى علوم الدين (و العلم هنا غير العلم عند الشيوعيين و الفرق شاسع فعلوم الدين تنطلق من مسلّمة و يقين لتقرّ في الآخر نفس المسلّمة و تمتّن نفس اليقين و هو اليقين في وجود الله و عظمته، إذ لا مجال هنا للخطأ و الشك، فالشك يُعتبر شرك بالله و الله قد يغفر لعباده كل شيء إلا الشرك بذاته الإلهية العليّة) و هي فرقة مسالمة، غير تكفيرية لا تتفق مع السلفية الجهادية و لكنها مثل أختها لا تؤمن بالديمقراطية.

مقارنة 11
-         اشتهر السلفيون الشيوعيون و السلفيون  الجهاديون بالعنعنة (قال فلان عن علان) و تحنيط النصوص الوضعية البشرية و تقديس منظّريها و زعمائها كماركس و أنجلس و لينين و ستالين و ڤيفارا و ماو بالنسبة للشيوعيين و ابن تيمية شيخ السلفية و الألباني و محمد بن عبد الوهاب الذي يقولون عنه السلفيون أنه: "حنبلي المذهب سلفي العقيدة".

-         أنا لا أؤمن بتحنيط النصوص و عدم نقدها و لا أقدس البشر مهما كانت مرتبتهم العلمية بالمعنى المادي أو المعنى الديني للكلمة و لا أتخذ من الحكام مَثَلي الأعلى مهما كانت عظمة إنجازاتهم الاجتماعية.

مقارنة 12
-         اشتهر السلفيون الشيوعيون بنعت خصومهم بالرجعيين و الانتهازيين و البورجوازيين الكبار و الصغار (و استثنت قيادتهم الشيوعية الطلائعية الحزبية نفسها من الانتماء إلى طبقة البورجوازية الصغيرة و ادعت بجرة قلم انسلاخها من هذه الطبقة و هي في الواقع تعيش مثل الطبقة البورجوازية أو تطمح إلى ذلك و نسوا أو تناسوا أن ماركس لم يستثنهم و نعت الطبقة البورجوازية الصغيرة المثقفة كلها بالانتهازية و التذبذب و التردد و التوق إلى الانحياز الكامل الطبقة البروليتاريا) و أعداء الثورة  و الطابور الخامس و هددوهم بتصفيتهم عن طريق العنف الثوري المسلّح الشرعي.

-         اشتهر السلفيون الجهاديون بنعت خصومهم بالكفار و العَلمانيين و أعداء الله و الإسلام و هددوهم بالصلب و قطع أيديهم و أرجلهم من خلاف.

مقارنة 13
-         كِلا النظريتين أو المقاربتين مستوردة و أنا دائما أتوجس خيفة من الفكر المستورد رغم إيماني العميق أن الفكر الإنساني فكر عالمي لكن علي هذا الأخير أن يتفاعل و يتأقلم مع تراث المجتمع و خصوصياته حتى يستوعب المجتمع معنى الفكر المستورد و مقصده و يقبله و يهضمه و يكيّفه و يؤقلمه و يوظفه أحسن توظيف لخدمة تقدم وطنه و تحوله و تطوره إلى الأفضل.

خلاصة القول
لو كان السلفيون الشيوعيون صادقين مع أنفسهم لطبقوا أفضل حكمة ماركسية في الوجود "من كل حسب جهده و لكل حسب حاجته" و لو كان السلفيون الجهاديون صادقين مع أنفسهم لطبقوا أفضل قولة في الوجود لأفضل خلق الله كلهم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" و لمَا وصل حال الشيوعيين اليوم إلى تفكك الاتحاد السوفياتي و ذبول الشيوعية في العالم و لمَا وصل حال المسلمين اليوم إلى ما وصل إليه من انحطاط و تخلف علمي و تقني و اجتماعي.

أول نشر على النات
حمام الشط في 25 جوان 2012.





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire