فلسفة 14: هذه بعض أسباب نفور
الجماهير العربية الحالية من الفكر اليساري. مواطن العالم د. محمد كشكار
يبدو
لي أن هذا النفور بين الجماهير و اليسار مردّه اجتماعي بحت، لا علاقة له بنباهة
اليساريين و حدّة ذكائهم. كانت الأنظمة السياسية العربية الحاكمة في الستينات و
السبعينات في حاجة إلى نشر وهم شعارات الاشتراكية أكثر مما كانت في حاجة إلى تطبيق
مبادئها. من هنا نشأت خصوصية علاقة الأنظمة السياسية العربية بالاشتراكية: من جهة
استعملوها كشعار للعدالة الاجتماعية و المساواة الطبقية و لم يتجاوزوا الشعار إلى
التمثل الفكري و التطبيق المادي، و من جهة ثانية تأثر بها المفكرون العرب إلى حد أحيوا
و أوّلوا مذاهب إسلامية قديمة تأويلا اشتراكيا و هكذا يصبح "أبو ذر الغفاري"
من أبطال الديمقراطية الاشتراكية و يعود "القرامطة" ثوار اشتراكيون
استغلت
تلك الأنظمة السياسية العربية الحاكمة الاشتراكية كشعار لأنها كانت حلما جماعيا
يستلزمه طموح العرب و توقهم إلى التحرر و العدل و التقدم و المساواة. و دامت هذه
الوضعية تقريبا عقدين من الزمن. كانت انضمام العرب إلى المنظومة الاشتراكية - أثناء
هذه المدة - في المتناول و كانت الاشتراكية تمثل النظام الأكثر ملاءمة للوضعية
العربية في ظل الحرب الباردة بين القطب الاشتراكي "التقدمي" و القطب
الرأسمالي الامبريالي، و في بعض الأحيان كان الفكر الاشتراكي أكثر انتشارا في الأوساط
الثقافية العالمية. لكن الفكر الاشتراكي لم يكن أبدا وحده و لم يلبث أن واجه
منظومات رأسمالية منافسة قوية، فكثيرا ما استغل اليمين العربي هذه المنظومات
الأخيرة لنشر دعوة الليبرالية الاقتصادية دون الأخذ بالليبرالية الاجتماعية و
الديمقراطية
يجب
إذن التمييز بين العهد الاشتراكي الذي مر به الفكر العربي و بين المدة القصيرة جدا
التي تبنت فيها بعض الدول العربية نظاما اشتراكيا مشوها نظريا و تطبيقيا. إن
الاشتراكية الرسمية العربية لم تكن أبدا وفية لأصولها العالمية الحقة، لكن الكتّاب
و المفكرون و المثقفون و الطلبة و المناضلون و المعارضون العرب قد اعتنقوا
الاشتراكية في صورتها الأصلية و عاشوا عهدا فكريا اشتراكيا زاهرا حقيقيا طويلا رغم
أنهم أوّلوا أفكارا عربية إسلامية غير اشتراكية تأويلا اشتراكيا. كان الشيوعيون و
الاشتراكيون الديمقراطيون و القوميون و اليساريون الإسلاميون العرب يوظفون فكرة الاشتراكية توظيفا سياسيا
كمادة للدعاية التحررية بغض النظر عن أصولها و مراميها الفلسفية. كان المهم آنذاك
هو إثبات العدالة الاجتماعية في أي إيديولوجية تيسرت، و الإثبات في الأصل هو
التغني بشيء مفقود
رُفعت
الاشتراكية عند العرب كشعار ليس إلا، في العهد الاشتراكي الذي عاشته بعض الدول
العربية. و بالفعل نلاحظ أن مؤلفات الاشتراكيين العرب في ذلك الوقت لا تتميز
بالتجذر و التكيّف و التأقلم و التماهي (و ليس التماثل) و أن مؤلفيهم يُتهمون دائما
بالميوعة و الزندقة و الكفر و الإلحاد و في أفضل الأحوال بالتقليد و الانبتات عن
مجتمعاتهم العربية الإسلامية. لكن إذا تفهمنا بعمق الظروف الاجتماعية التي كانت
سائدة آنذاك أدركنا أن هذا الفقر في الإبداع و إنتاج المعرفة في بيئتها لا يعني
عجزا في أذهان اليساريين و لا قصورا في همتهم
و إنما يعني نتيجة طبيعية لتفاعل بين عنصرين اثنين أساسيين: يتمثل الأول في
عدم اطلاع فظيع من قبل عَلمانيي و يساريي ذلك الوقت و هذا الوقت على قاموس اللغة
العربية و قاموس الرموز و تراث الفقه و تاريخ الحضارة الإسلامية (بالرغم من وجود
جهابذة عرب مسلمين أنتجوا بغزارة في هذا الميدان أمثال عبد الله العروي و حسين
مروة و صادق جلال العظم و علي حرب و هشام جعيط و عبد المجيد الشرفي و محمد حداد و
آمال قرامي و محمد الشريف الفرجاني و محمد الطالبي و نصر حامد أبو زيد و جمال البنّا
و ألفة يوسف و يوسف الصديق و محمد أركون و هاشم صالح و غيرهم - أكيد الكثير - مما
لم أطلع على إنتاجهم)، أما العنصر الثاني فيتمثل في صعوبة و تعقّد و تركّب الفكر
الاشتراكي مما ينفّر منه الجماهير الأمية أو المتعلمة غير المثقفة و خاصة أصحاب
الاختصاصات في التكنولوجية العلمية أو العلوم الصحيحة و التجريبية كالرياضيات و
الهندسة و الطب و البيولوجيا
أثناء
المد الاشتراكي العالمي، لاحظ المختصون ابتعادا عن النظريات فلم تستعيد النظرية
الاشتراكية حقها من اهتمام المؤلفين إلا بعد انتهاء العهد الاشتراكي، بعد أن أفضت
التجربة الاشتراكية إلى فشل عالمي (في الاتحاد السوفياتي و الدول الأوروبية
الشرقية و كمبودج و ألبانيا و كوريا الشمالية) و فشل عربي (في مصر و سوريا و
العراق و الجزائر و اليمن و نسبيا في تونس) و أثبتت أن الاشتراكية متناقضة في
ذاتها و ليست أفضل من نقيضها النظري المتمثل في الليبرالية الرأسمالية و لكن سيبقى
شعار الاشتراكية مرفوعا لأن الحاجة إلى العدالة الاجتماعية تدعو إليه، لكنه لم يعد
من مسلمات هذا المجتمع. سيكون نقد ذلك الشعار منطلقا لطرح مسائل جوهرية حول
الاشتراكية و علاقتها بالحرية و الديمقراطية
يبدو
لي أن الأفكار التالية غير صحيحة: إن
الاشتراكية العربية متولدة عن الاشتراكية العالمية تولدا آليا، و أن الدعوة إلى
الاشتراكية في العالم العربي الإسلامي ترجمة صرفة للدعوة العالمية، و أن كلمة
اشتراكية ذاتها ترجمة للكلمة الأجنبية "سوسياليزم". يبدو لي أيضا أن
الدعوة إلى الاشتراكية في العالم العربي الإسلامي قد نتجت قبل كل شيء عن حاجة
متولدة في المجتمع العربي الإسلامي نفسه، شعر بها عدد من الناس المثقفين و
المفكرين و المبدعين و الفنانين و الطلبة و المعارضين السياسيين، لكنها الدعوة إلى
الاشتراكية لم تنبثق من الصراع الطبقي و لم تشمل العمال و الفلاحين و هذا الانبثاق
المرتقب نظريا من ماركس لم يحدث حتى في الاتحاد السوفياتي أو الصين. قد يكون
التعبير عنها قد استفاد من تجارب أجنبية مماثلة، أو قد يكون حكام و رموز العرب
السياسية، مثل عبد الناصر و صدام و الأسد و القذافي، قد تهافتوا على المنظومة
الاشتراكية لأنهم رأوا فيها المنقذ الوهمي الوحيد من براثن الرأسمالية الغربية الاستعمارية
الامبريالية و وجدوا فيها ملاذا وقتيا آمنا و تجسيما لما يحسون به في داخلهم من
استفراد بالرأي و الحكم فنهلوا من
تنظيماتها الاستبدادية المتعددة الأشكال كالحزب الواحد و الزعيم الأوحد المعصوم و
رأسمالية الدولة و الانتخابات المزيفة و استلاب الشعب و الدكتاتورية على الشعب
باسم الشعب. كل هذا يؤكد أن الدافع الأول دافعا ذاتيا محليا و ليس تأثيرا خارجيا.
و الدليل على ذلك هو أن الحكام العرب في تلك الفترة، ما بعد الاستعمار الغربي، لم
ينقلوا بأمانة الاشتراكية المعاصرة التي رغم كثرة هناتها، لا ننكر أنها حققت في العالم
الشيوعي نهضة مادية في البنى التحتية و العلم و التعليم و التكنولوجيا و التصنيع.
تعامى العرب، حكاما و مثقفون عما كانت الاشتراكية تحمل من وعي بتناقضاتها الداخلية
البنيوية الذاتية. نتج تعاميهم هذا، غير المقصود و غير الواعي، عن حلم بتحقيق
العدالة الاجتماعية في أسرع وقت ممكن كأنهم يسابقون الزمن، إنهم في حاجة إلى
اشتراكية متفائلة حازمة واثقة بذاتها فأوّلوا اشتراكية عصرهم حسب رغباتهم
لذلك يمكن القول أن نظرية
الاشتراكية الديمقراطية الحديثة نشأت في الغرب بعد أن عرفت الاشتراكية الأرتدوكسية
إخفاقا و لو نسبيا في ظرف تاريخي معيّن. و هذا ما حصل فعلا بعد تلاحق الثورات
الديمقراطية في الاتحاد السوفياتي و الدول الأوروبية الشرقية
يبدو
لي أن مفهوم الاشتراكية عند الاشتراكيين بقي مفهوما سطحيا و أن تلك السطحية كانت الحاجز الذي منع
الثوار الاشتراكيين، أمثال لينين و ستالين و ماو و كاسترو من تجسيد الاشتراكية في
تنظيمات سياسية تتصف بالحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و نبذ
الامبريالية. إن أخطاء الثوار الاشتراكيين نشأت عن خلط بين الاشتراكية و
الدكتاتورية. و لتدارك تلك الأخطاء لا بد من نقد ذاتي و تطوير في التنظيمات و
استفادة من تجارب التنظيمات الليبرالية الرأسمالية و توظيف للمبادرة الفردية أما
بالنسبة للاشتراكيين العرب و الأمازيغ و الأكراد المسلمين و المسيحيين، فهم
مطالبون زيادة على رفاقهم بالتعمّق في دراسة تراث و واقع مجتمعاتهم العربية الإسلامية. قال ماركس بما
معناه: "على الفلاسفة تغيير العالم و ليس فهمه" و أنا أقول: "على اليساريين
العرب فهم ماضيهم و استشراف مستقبلهم قبل تغيير واقعهم" و السلام
إمضائي المتكرّر و المحيّن و
المتطور و المتغيّر دائما حسب قراءاتي الجديدة و المتنوّعة في كل المجالات
المعرفية الحديثة غربيا و عربيا. مواطن العالم د. محمد كشكار
ينبغي التوضيح بداية
أن النقد يعني عندي الكشف عن الاستخدامات المتعددة و المتباينة للمفهوم في
السياقات الاجتماعية و التاريخية المختلفة. مما يعني أيضا كسر صنمية المفهوم أو
عدم تحويل المفهوم إلى صنم جامد، له دائما المعنى نفسه و الاستخدام نفسه و الوظيفة
ذاتها (إضافة د. م. ك: كالمفاهيم القاموسية المتداولة غير الدقيقة مثل مفهوم
اليسارية و العَلمانية و الديمقراطية و الإسلام و الاشتراكية و حقوق الإنسان و
حرية التعبير و المساواة بين المرأة و الرجل و حرية المعتقد و غيرها. و هذا هو
النقد الذي وجهته و لا زلت أوجهه لمفاهيم العلم و المعرفة و التعليم و التربية و
التكوين و اليسارية و العَلمانية و
القومية و التراث الإسلامي و الإسلاميين و الستالينيين و القوميين و
المنبتين ثقافيا و المنحازين للغرب دون غربلة أو نقد و حاولت من خلال هذا النقد
الهدام و البنّاء في الوقت نفسه أن أبين الاستخدامات غير العلمية التي تعرضوا لها
في السياق الغربي و العربي الحديث). برهان غليون
أنا أعتبر نفسي سليل
الفكر الإسلامي و القومي و الماركسي و الليبرالي و الإنساني معا (إضافة د. م. ك:
أعيد الترتيب و أقول: أنا أعتبر نفسي سليل الفكر الماركسي و اليساري الليبرالي
الإنساني النقدي و الإسلامي في العقد الأخير معا). فليس هناك تمثل من دون نقد.
فأنا أعتبر نفسي ثمرة النقد المثلث للإرث الإنساني الليبرالي و الماركسي و القومي
(إضافة د. م. ك: و الإسلامي منذ عام 2000) و لا أعتبر نفسي غريبا عنه في مكوناته
المختلفة. و أنا سليل هذه المكونات الفكرية بمعنى أنني ثمرة لها و في الوقت نفسه
ثمرة التأمل النقدي فيها. برهان غليون
Les idéologies sont
liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites. Sartre
جميع
الأديان و النظريات الفكرية تتحول بعد فترة معينة من أنظمة منفتحة إلى أنظمة
منغلقة و دغمائية. هاشم صالح
فأي
دين يستخدم سياسيا بدون أي تأطير علمي أو نقدي يتحول بسرعة إلى إيديولوجيا ظلامية.
محمد أركون
العقل
الفلسفي هو نقدي تساؤلي استفزازي بالضرورة. و بالتالي فيشكل السلاح الفعال ضد جميع
الانغلاقات الدغمائية و الأيديولوجية. هاشم صالح
الذهن
غير المتقلّب غير حرّ
عبد الله
العروي:
- لا
أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه
إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه
- نعتقد أن أيسر مدخل إلى روح أي مجتمع هو مجموع شعارات ذلك المجتمع
-
إذا أردنا أن نعرف معنى الحرية في مجتمع ما، علينا أن نحلل فقه ذلك المجتمع إذا
اعتبرنا أن الفقه يعطينا صورة شاملة على العلاقات الاجتماعية في المجتمع العربي
التقليدي
-
لكي نحافظ على أسباب التقدم لا بد من الإبقاء على حقوق المخالفين في الرأي، لأن
الاختلاف هو أصل الجدال و الجدال هو أصل التقدم الفكري و الابتكار
انتهى الاستشهاد بعبد الله العروي،
و هو حسب محمد أركون ، أحد المثقفين "المسلمين" النادرين جدا، إذ أدخل
نقدا يمتّ بالنسب إلى الفكر الماركسي، في دراسته للإسلام لا كدين، بل كعامل تطور
تاريخي للمجتمعات
يطلب
الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء
بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم
النقد المفيد
لا
أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر
أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي
الكاتب منعزل إذا لم يكن له قارئ ناقد
عزيزي القارئ, عزيزتي
القارئة، أنا لست داعية، لا فكري و لا سياسي, أنا مواطن عادي مثلك، أعرض عليك وجهة نظري المتواضعة و المختلفة عن السائد, إن
تبنيتها, أكون سعيدا جدا, و إن نقدتها, أكون أسعد لأنك ستثريها بإضافة ما عجزت أنا
عن إدراكه, و إن عارضتها فيشرّفني أن يصبح
لفكرتي معارضين
البديل
يُصنع بيني و بينك، لا يُهدى و لا يُستورد و لا ينزل من السماء (قال تعالى:
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) و واهم أو غير ديمقراطي من يتصور
أنه يملك البديل جاهزا
L’intellectuel
est une création du XIXè siècle qui disparaîtra à la fin du XXè ou du XXXè
parce qu’il est fait pour disparaître. L’homme qui pense pour les autres, cela
n’a pas de sens. Tout homme qui est libre ne doit être commandé par personne
que par lui-même. Jean-Paul Sartre
Faire
avec les conceptions non scientifiques pour aller contre ces conceptions et
construire en même temps des conceptions scientifiques. Citoyen du monde Dr
Mohamed Kochkar
الحوار
(د. م. ك: الحوار بين اليساريين التونسيين و الإسلاميين التونسيين) لا يمكن أن يتم
بالعقليات التقليدية، لا بد له من عقلانية مركبة ذات رؤية منفتحة لا مغلقة وصيغة
مرنة لا جامدة وبنية مركبة لا بسيطة ومنهج تعددي لا أحادي ونظام متحرك لا ثابت،
خصوصاً ونحن نلج في عصر تبدو فيه المعطيات في حركة متواصلة وسيلان دائم. علي حرب
في النهاية أنا مواطن
فقير بسيط عادي و أقرب
المثقفين اليساريين ماديا إلى طبقة البروليتاريا، مواطن منعزل و معزول
قصدا من اليسار و اليمين بسبب نقدي للاثنين معا. لا أنتمي لأي حزب و لا أومن بأية
إيديولوجية يسارية كانت أو يمينية لكن أومن بالمُثل العليا سماوية المصدر أو
إنسانية الإبداع
لا حول لي و لا قوة إلا
بالله و الشعب و الفكر و الثقافة الإنسانية و العلم و التكنولوجيا و المعرفة و نقد
المعرفة و ليس لي أي وزن أو تأثير مباشر على الأحداث و أمارس النقد الفكري و
السياسي و الاجتماعي و العلمي و الثقافي كهواية أدبية دون اختصاص في هذا المجال
الواسع و لا أملك بدائل جاهزة لِما أنقد لأن النقد مؤسسة قائمة بذاتها و غنية بما
تقدّمه للمبدعين و الناس العاديين، كل في مجاله، و أرى أن البديل ينبثق انبثاقا من
صنع و تفاعل أصحاب المشكلة فيما بينهم و أهل مكة أدرى بشعابها
يبدو
لي أن المثقف العربي توغّل في نقد الإنتاج الثقافي العربي و نسي نقد آلة الإنتاج
نفسها المتمثلة في المثقف العربي نفسه
محمد كشكار, أستاذ
تعليم ثانوي أول فوق الرتية في علوم الحياة و الأرض منذ 37 سنة و دكتور في
تعلّميّة البيولوجيا متخرج سنة 2007 تحت إشراف مشترك من جامعة تونس وجامعة كلود
برنار بليون 1 بفرنسا
أعرّف نفسي كديمقراطي مُعجب بالنمط الأسكندنافي لكن متماهي مع مجتمعي التونسي الإسلامي العربي
الأممي غير المتحالف مع الإدارة الأمريكية الحالية و ملوك وأمراء الخليج العربي و
حلف الناتو الاستعماري الجديد (تونس تبربرت و ترومنت و تقرطجت و تأسلمت و تعرّبت و
تعولمت فتتونست و هي انبثاق من تفاعل كل هذه الحضارات جميعا)، و هذا
تعريف لوحده مُبِين، أتبناه حيطة و حذرا علميا، لا هروبا و تقية من التعريفات
السائدة كاليسارية و العَلمانية و الحداثة، هذه المفاهيم الثلاثة الأخيرة التي
شُوهت عن قصد سياسي و غير علمي من قبل أعدائها و غير المطلعين على تراثها العالمي
الرحب و الغني، هم اليمينيون المثقفون و غير المثقفين الذين حمّلوها ما لا تتحمل و
نسبوا لها جهلا و ظلما و بهتانا مفاهيم غريبة عنها كالميوعة و "قلة
الرجولية" و الكفر و الإنبتات و
الخيانة الوطنية. لكن في المقابل - و للأسف الشديد - لم يطورها محتكروها الشيوعيون
و القوميون و الاشتراكيون و لم يخلّصوها من بعض المفاهيم الشوائب التي لصقت بها
منذ ثلاثة قرون تقريبا و لم يسلّطوا نقدهم
الذاتي العلني على بعض مفاهيمها المتكلّسة كشيطنة الإسلام السياسي (أفهمه فقط كرد
فعل شرعي للدفاع عن النفس ضد تهديدات المتطرفين منهم، الداعون لقتلهم و نفيهم و
صلبهم و تقطيع أيديهم و أرجلهم من خلاف، لا لشيء سوى معارضتهم لهم سياسيا و سلميا
بالمظاهرات و الاعتصامات التي لا تعطل مرفقا عاما) و دكتاتورية البروليتاريا و الحزب الطلائعي الأوحد و عبادة و تقديس الشخصيات التاريخية السياسية
مثل الحكام الدكتاتوريين كلينين و ستالين و ماو و كاسترو و عبد الناصر و صدام و
الأسد مع احتفاظي باحترامي التام للتابعين لهؤلاء من الرفاق المعاصرين المناضلين
التونسيين النقابيين القاعديين اليساريين الصادقين النزهاء الذين تربيت وسطهم و
ناضلت معهم و أعترف و أشهد لهم بالوطنية و الشجاعة أيام معارضتهم لبورقيبة و بن
علي و الحكومة الحالية
أنهي إمضائي بمقولتين توفيقيتين
جميلتين من مصدرين ظاهريا مختلفين بل متناقضين لكنهما ينتميان إلى التراث الإنساني
العالمي المتسامح و لا يستطيع أن ينكرهما أي من الخصمين الفكريين، اليساريون و
الإسلاميون: حديث للرسول صلى الله عليه و سلم: "لن يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما
يحب لنفسه" و مقولة ماركسية، نهاية في نكران الذات: "مِن كل حسب جهده و لكل
حسب حاجته" و السلام على اليسار و اليمين المطبوعين تونسيين رغم أنفهما
تاريخ أول
نشر على النات
حمام الشط
في 14 فيفري 2012
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire