jeudi 4 février 2021

جمنة الخمسينيات تعطي درسا في الرحمة: سِيدِي المبروك، أبٌ لمَن لا أبَا لَهْ وحبيبُ المحتاجين. مواطن العالم، أصيل جمنة ولادة وتربية

 


المصدر: كتابي "جمنة وفخ العولمة"، طبعة حرة، 2016، 224 صفحة (ص.ص. 42-43).

ملاحظة: كتابٌ ألّفته تطوعًا لفائدة "جمعية حماية واحات جمنة" وهي التي دفعت مصارف الطباعة (3400 د). صدر في ألف نسخة: 900 نسخة أخذتْها الجمعية دون مقابل وَوَزّعتْها مجاناً على مساندي قضية جمنة في كامل أنحاء الجمهورية، و100 نسخة أخذتُها أنا وَوَزّعتُها بمعرفتي.

النص:

حَسَنُ الوجه، جميل الهندام، يرتدي غالبا جبة بيضاء. مواطن جمني يقطن في مدينة ڤبلي. موظف بالشركة الجهوية للنقل ڤبلي-ڤابس. يقصده العابرون، صباحًا مساءً ويومَ الأحد ولا يردّ أحداً، القاصي والداني، القريب والبعيد، الكبير والصغير، السليم والمريض، يرتاحون، يبيتون أو بالقيلولة يكتفون، يشربون، يأكلون، يأخذون أو يقترضون وأكثرهم لا يُرجعون والبسمة لا تفارق ثغره حتى يفارق ضيفه.

كلما سافرتُ إلى مدينة ڤبلي لقضاء حاجة في سوق الثلاثاء، لا يفوتني إلا أن أسلّمَ عليه في داره أو في مقرِّ عمله. في الستينيات، كنتُ تلميذًا بيّاتًا في إعدادية سيدي مرزوڤ بڤابس لمدة ثلاث سنوات، وعند بداية كل سنة دراسية كان المبيت يبعث لي قائمة ملابس داخلية إلزامية (Trousseau obligatoire)، ولقِلّة ذات اليد كانت أمي تحتار في توفير المطلوب فتبعثني دون تردد أو سابق إعلام إلى سيدي المبروك، أسلِمه القائمة، يرافقني إلى المغازة، أرجع لأمي فرحًا مزهوَّا.

لِسِنينَ كنتُ أظن أنني الوحيدُ المستفيدُ من هذا المخلوق المسخَّرِ ربّانيًّا لخدمة الفقراء واليتامَى أمثالي حتى تعرّفتُ على غيري مِمَّن شملهم كرمُه الحاتِمِي.

ارتوتْ نفسُه بالإيمان وخدم المحتاجينَ جميعًا فسَمَوا به وبهم في العلياء سَمَا.

يا سِيدِي المبروك، لستُ مِن صُلبِك لكنني أحببتُ أبُوَّتَك، واليوم في شيخوختي ما زالت ذكراكَ بعد مماتِك تمدّني بنسيمٍ عليلْ، لا أعرف هل هو الحنين إلى جيلْ أو الاعتراف بالجميلْ.

سيدي االمبروك وعمتي رڤيّة كانا أحَنَّ الأقارِبِ عليَّ بعد والِدَيَّ.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire