samedi 20 février 2021

مشروع بيداغوجي شخصي واعد ، شرعت في تنفيذه في مدرسة خاصة وللأسف الشديد لم يكتمل ! مواطن العالم

 

المكان: مدرسة مونتيسوري الدولية بحمام الأنف.

الزمان: دامت التجربة شهرين، فيفري ومارس 2015.

الخطة التي شغلتها في هذه المدرسة النموذجية: مدير بيداغوجي.

فكرة المشروع البيداغوجي الشخصي الواعد:

"مَن تَعَلَّمَ نَقَصَت تَبَعيتَه." بونوا بونيكو، الرائع في بساطته، زاد للنشر، 1989.

“Apprendre est une diminution de la dépendance.” Benoît Bunico, Le Merveilleux dans sa banalité, Z`Editions, 1989. (André Giordan, Apprendre !, Belin, 1998, p. 75).

فكرة المشروع البيداغوجي الشخصي الواعد تحمل عنوانا: "التكوين البيداغوجي الذاتي المبنِي على البحث العلمي الميداني (Recherche-Action)"، وهو مجال بحثٍ علمي مهمل بل مغيّب تماما في التعليم التونسي العمومي والخاص داخل المدارس والإعداديات والثانويات ومراكز التكوين المهني وخاصة في الجامعات حيث تغيب بيداغوجيا المدرسة البنائية الاجتماعية (Le socio-constructivisme de Vygotsky وتحضر مكانها بيداغوجيا المدرسة السلوكية (Le béhaviorisme de Watson et Skinner ) فتسود المحاضرات الفوقية (Cours magistral).

يبدو لي أن مجال البحث العلمي الميداني لم يأخذ حظه من ميزانية الدولة للبحث العلمي مثل ما حصل في مجالَيْ البحث العلمي الأساسي ( Recherche Fondamentale certifiée par un Master ou un Doctorat) والبحث العلمي التطبيقي (Recherche appliquée certifiée par un Master professionnel sans une issue vers un Doctorat).

انطلقت الفكرة من الملاحظة البديهية التالية التي استقيتها من تجربتي كأستاذ في التعليم العمومي لمدة ثمان وثلاثين سنة: لاحظت وجود تهميش مبيّت لدور المدرس التونسي في عملية التكوين البيداغوجي في حين أن وزارة التربية أوكَلت مهمة التكوين لمتفقدين غير مختصين في علوم التربية وأخص بالذكر منهم المتخرجين قبل تأسيس معهد تكوين متفقدي الابتدائي والثانوي بقرطاج. لاحظت أيضا تغييب المعلم وأستاذ الثانوي في بلاتوهات الفضائيات التي تناقش إشكاليات النظام التربوي التونسي وتعويضهم بخبراء وأساتذة جامعيين لم يمارسوا التدريس في التعليم الأساسي ولا الثانوي مع التذكير أن أهل مكة ليسوا دائما أدرى بشعابها ومدرّسونا اليوم للأسف ليسوا أعلم بإشكاليات التعليم والتربية. تعامِل وزارتنا الموقرة مدرّسيها وكأنهم قُصّر غير قادرين على تقديم حلول علمية للنهوض بقطاعهم التربوي. وزارتنا تفتقد لمؤسسة تُعنى بالبحث العلمي الميداني.

محاولة شخصية مني ودرءًا لهذا النقص الفادح، ارتأيت أن أحمّل مسؤولية التكوين البيداغوجي في مدرسة مونتيسوري الدولية بحمام الأنف للمربين العاملين فيها دون انتظار الوصفات الجاهزة للسادة المتفقدين غير المختصين في علوم التربية أو انتظار محاضرات الأساتذة الجامعيين غير المختصين أيضا في علوم التربية. نجحتُ في تنظيم أول ملتقى في طريق تحقيق أهداف هذا المشروع وذلك يوم الاثنين 16 مارس 2015، حضره جل مربي المدرسة حيث ألقى ثلاثة منهم ثلاث محاضرات متبوعة بنقاش. على سبيل الذكر لا الحصر، أسرد عليكم بعض أهداف التكوين الذاتي: يُدرَّب المدرس على اكتساب بعض المهارات والسلوكيات (comportements) المفيدة في مهنته مثل مواجهة الجمهور، وتحسين الإلقاء، ومقارعة الحجة بالحجة، وقبول الرأي الآخر، والتدرّب على استعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة (Les T. I. C. E.) والاستفادة من فوائدها في عملية التعلّم، واكتساب مَلَكَة النقد العلمي الهدّام بطبيعته للتصورات غير العلمية السائدة في نظامنا التعليمي المهزوم والمأزوم من أجل البناء العلمي على قاعدة علمية صلبة.

للأسف الشديد لم تُتَح لي فرصة مواصلة مشروعي وأوقِفت عن مباشرة العمل في المدرسة لأسباب خارجة عن صلاحيات الأسرة التربوية المونتيسورية بحمام الأنف بما فيهم باعث المدرسة نفسه والذين أحمل عنهم انطباعا أوليا ممتازا 

( Ma première impression est bonne, mais attention : « il faut se méfier de la première impression »):

في قانون وزارة التربية التونسية لا توجد خطة اسمها "مدير بيداغوجي" لذلك دعاني الباعث لطلب ترخيص من الإدارة الجهوية للتعليم ببنعروس لتسميتي رسميا كمدير للمدرسة (ثمانية أقسام ابتدائي وقسمان إعدادي) مع الإشارة أنني لا أرغب ولا أصلح لشغل مثل هذا المنصب الإداري غير البيداغوجي المتعب وقد سبق وتحصلت عليه مرتين في التعليم العمومي، مرة قبل الثورة وأخرى بعد الثورة وقدمت استقالتي في المرتين، حصل ذلك بعد التسمية وقبل التنصيب. رُفض مطلبي في خطة مدرسة مونتيسوري للسبب الوجيه التالي: سبب قرأته بنفسي في كراس الشروط للمدارس الخاصة المنشورة على النت والتي تشترط في المدير (ثمانية أقسام ابتدائي وقسمان إعدادي) أن يكون معلِّما قد مارس التعليم في مدرسة ابتدائية عمومية على الأقل لمدة خمس سنوات. من سوء حظي لا يتوفر فيّ هذا الشرط المعقول جدا، ولذلك أنا أجهل تماما مشاكل التعليم الابتدائي وقد اكتشفت خلال شهرين أنها تمثل عالَما مستقلا بطقوسه، عالَما لا يعرفه أستاذ التعليم الثانوي في علوم الحياة والأرض من أمثالي، حتى لو كان حاصلا على شهادة الدكتورا من جامعة كلود برنار بليون 1 في فلسفة التربية (la didactique) ومتخرج حديثا (سنة 2007) ودرّس طيلة ثمانية وثلاثين عاما في الإعدادي والثانوي، في تونس والجزائر.

أتمنى أن تتواصل تجربة التكوين الذاتي داخل  مدرسة مونتيسوري الدولية بحمام الأنف من بعدي وفي غيابي وهذا هو الهدف الأساسي والرئيسي من التجربة فهي لا تعتمد على مجهود شخص واحد مهما كان مستوى تكوينه الجامعي بل هي مجهود جماعي وعمل فريق.

أذكّر بواجب قد يتغافل عنه بعض المدرّسين غير المغرَمين بمهنة التدريس: المدرّس باحث ميداني بطبعه، يبحث في التطور المعرفي لكل تلميذ من تلامذته (Développement cognitif)، ويحاول  دعم قدرات المتعلم  وسد ثغراته المعرفية حتى يجتاز بمفرده العوائق التعلمية والإبستومولوجية والبسيكولوجية. ودّعتُ المدرسة وأنا راضٍ عما فعلته وتقاضيت مقابلا ماديا مُرضِيا لنرجسيتي الأكاديمية (ألف دينار في الشهر) وخرجت منها مستفيدا باكتشاف شخصية ماريا مونتيسوري، حسب رأيي، هي أعظم عالمة ميدانية في تاريخ المعرفة الحديث (L`épistémologie) ومؤسِّسة البيداغوجيا العلمية والمدرسة البنائية بامتياز وعن جدارة واقتدار.

 

المصدر: كتابي، الإشكاليات العامة في النظام التربوي التونسي - سَفَرٌ في الديداكتيك وعِشْرَةٌ مع التدريس (1956-2016)، طبعة حرة، 2017 ، 488 صفحة (ص.ص. 64-68).

 

إلى المنشغلين والمنشغلات بمضامين التعليم:

نسخة مجانية من كتابي "الإشكاليات العامة في النظام التربوي التونسي" على شرط التسلم في مقهى الشيحي.

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire