mercredi 24 février 2021

يبدو لي أن تعليمنا التونسي العمومي لا زال يوظّف التلميذ في نقل ما يمليه المدرس أو ما يكتبه هذا الأخير على السبورة ! مواطن العالَم والديداكتيك

 


في عصر السبورة واللوحة الرقميتين التفاعليتين (Tablette pour chaque élève et tableau interactif dans chaque salle de classe )، لا زال المدرس التونسي - التقليدي رغم أنفه - يهدر وقت التلميذ ويوظّفه في عمل غير معرفي. يتمثل هذا العمل غير المعرفي في الكتابة السلبية (لا يشارك التلميذ في إنتاجها) لِما يمليه المدرس أو نقل ما يكتبه هذا الأخير على السبورة. مع الإشارة أن هذا العمل قد يكون فيه للمدرس أهداف بيداغوجية وجيهة، لكن هنالك في القسم أهداف أوْلى وأهم مثل القيام بمشاهدات أو تجارب علمية لا يمكن للتلميذ القيام بها خارج المخبر أو دون مساعدة مدرسه. أما خلاصة الدرس المسقطة، فالمدرس يستطيع توفيرها للتلميذ مكتوبة في نُسخ ويكفيه عناء نقلها حتى يتفرغ الاثنان لأنشطة معرفية أجدى وأهم.

أنا لا أقصد بنقدي هذا حصص الخط والإنتاج الكتابي المفيدة جدا والصعبة جدا والمهملة جدا من قِبل مدرسي اللغات ولا أقصد أيضا الإنتاج الشفوي، فهذان النشاطان هما من أهم الأنشطة المعرفية التكوينية لمستقبل أجيالنا القادمة. نردد أحيانا ونتهم المتخرج الجامعي الحالي بالعجز عن تحرير مطلب شغل أو إنتاج خطاب شفوي متماسك منطقيا وننسى أن المتهم الرئيسي هو مدرّسه، أما التلميذ فهو ضحية نظام تعليمي متخلف نسبيا. لمْ نعلّمه فلم يتعلمْ، ولأن اكتساب المعرفة لا يخرج من التربة كالفِطر ولا ينزل من السماء كالغيث. التعلم مهنة وجهد مشترك بين المعلّم والمتعلم، العلم ليس موهبة يمنحها القدر لمن يشاء، العلم بناء ذاتي-اجتماعي طويل ومُضنٍ ومعقّد (socioconstructivisme de Vygotsky).

لو وفرت وزارة التربية سبورة تفاعلية في كل قاعة درس ولوحة تفاعلية لكل تلميذ لَجنّبْنا التلميذ عناء النقل من السبورة لأن كل ما يخطه المدرس على السبورة الرقمية طوال الحصة يُسجّل أوتوماتيكيا على لوحة التلميذ الرقمية. وهذا ليس مطلبا تعجز حكومتنا الموقرة عن توفيره لتلامذتها المحتاجين. حكومة نراها لا تفرّط في امتيازات وزرائها ونوابها في البرلمان وتفرّط بسهولة في مستقبل أبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة أما أبناء الوزراء والنواب والأغنياء فلهم مدارس خاصة تُؤويهم وتحميهم فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، مدارسهم مجهّزة بأحدث الوسائل التعلمية الرقمية.

 

المصدر: كتابي، الإشكاليات العامة في النظام التربوي التونسي - سَفَرٌ في الديداكتيك وعِشْرَةٌ مع التدريس (1956-2016)، طبعة حرة، 2017 ، 488 صفحة (ص.ص. 87-88).

 

إلى المنشغلين والمنشغلات بمضامين التعليم:

نسخة مجانية من كتابي "الإشكاليات العامة في النظام التربوي التونسي" على شرط التسلم في مقهى الشيحي أو نسخة رقمية لمَن يرغب فيها ويطلبها على شرط أن يرسل لي عنوانه الألكتروني (mail).

.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire