dimanche 21 février 2021

إضافة بيداغوجية رائدة قد تفيد المسؤولين في وزارة التربية التونسية. مواطن العالم

 


تجربة بيداغوجية رائدة اكتشفتها أيضا في مدرسة مونتيسوري الدولية بحمام الأنف (2015)، تجربة غائبة تماما في التكوين والتعليم العمومي التونسي في جميع مراحله.

تتمثل هذه التجربة في إنشاء "مجالس المواد" (Conseil-Matière)، مثلا: في هذه المدرسة توجد أربعة مجالس، لكل مجالٍ مجلسه، عربية وفرنسية وأنڤليزية وتنشيط (تربية بدنية، تربية تشكيلية، موسيقى ومسرح). سأكتفي بالحديث عن مجلس العربية الذي شاركتُ فيه ثلاث مرات: يحضره مرشد بيداغوجي عمومي (متعاقد) صحبة كل أساتذة المواد المدرّسة بالعربية والمتربصين المنتدَبين خصيصا للتدريس بهذه المدرسة الخاصة ولا يحضره المتعاقدون (Les vacataires)، يتعلمون البيداغوجيا ويتشاورون في كل ما يهم التلميذ والعلم المدرَّس في حصصهم. تصوروا معي لو عُمِّمت هذه التجربة على التعليم العمومي عوضا عن الوصفات الجاهزة والتوصيات الشكلية المفروضة فوقيا دون نقاش، التوصيات المسنودة بسلطة المتفقد الإدارية الزجرية البيهافيورية المتمثلة أساسا في الجزاء والعقاب بواسطة العدد البيداغوجي المسند اعتباطا للمدرس (béhaviorisme ). خلال ثلاثين سنة تدريس في تونس، زارني المتفقد ست مرات، أي بمعدل زيارة تقويمية كل خمس سنوات. أبَعْدَ هذا الاعتباطِ اعتباطٌ؟

 

ملاحظة بيداغوجية موجهة لأندادي مواليد الخمسينات من سكان مسقط رأسي قرية جمنة بولاية ڤبلي وسكان جميع الأرياف التونسية: نتعلّم منكِ يا جمنة ونحن أصغر من أن نُعلّمك.

تتلخص نظرية مونتيسوري في تربية الأطفال قبل بلوغ الست سنوات في الشعار التالي على لسان الطفل: "ساعدني على التعلم بنفسي" 

(“Aide-moi à faire seul”). 

نحن أطفال جمنة لم ننتظر اكتشاف النظريات التربوية الحديثة وطبقنا منذ أجيال -بطريقة موروثة ثقافيا- شعارا قد يكون أفضل تربويا من شعار مونتيسوري وهو التالي: "اتركني أتعلم بنفسي". كنا نلعب وحدنا دون رقيبٍ كهلٍ مختص أو غير مختص،  نصنع لُعبنا بأيدينا ونتعلم من لَعِبِنا ومحيطنا وأقراننا. عندما أقول " طبقنا شعارا قد يكون تربويا أفضل"، أنا أعي ما أقول، قلت "تربويا أفضل" ولم أقل "علميا أفضل" ولهذا انقرضت تقريبا طريقتنا البيداغوجية غير العلمية أي غير المدروسة وغير الموثّقة، انقرضت من جمنة وعوضتها رَوضات أطفال تجارية غير تربوية. كادت تجربتنا أن تكون علمية صِرفة لو توفرت عينُ رقيبٍ باحثٍ عالِمٍ ميداني، عينٌ مسندة بعقل  يلاحظ ويسجّل ويدوّن ويطوّر طريقتنا في التعلم الذاتي ويستنتج ويقارن وينشر، لو فعلنا ذلك لَكنا ربما سبقنا علماء الغرب من أمثال مونتيسوري وفيڤوتسكي وبياجي ولَاكتشفنا قبلهم جميعا "نظرية التعلم البنائي الذاتي".

 

المصدر: كتابي، الإشكاليات العامة في النظام التربوي التونسي - سَفَرٌ في الديداكتيك وعِشْرَةٌ مع التدريس (1956-2016)، طبعة حرة، 2017 ، 488 صفحة (ص.ص. 69-70).

 

إلى المنشغلين والمنشغلات بمضامين التعليم:

نسخة مجانية من كتابي "الإشكاليات العامة في النظام التربوي التونسي" على شرط التسلم في مقهى الشيحي.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire