mercredi 30 décembre 2020

حول التربية الجنسية في المؤسسات التعليمية التونسية ؟ مواطن العالَم

 


مقدمة:

لم أقرأ بعدُ برنامج المادة التربوية الجديدة المُدرجة هذه السنة في التعليم الابتدائي، المستقلة والمسمّاة رسميًّا "تربية جنسية"، ولم أطّلع أيضًا على فلسفة مصمِّمِي برنامجها، ولكنني أشك في أهلية مَن سيدرّسها من المعلّمين. هي مادة-تَقاطُع اختصاصات متعددة (Une discipline-carrefour): بيولوجيا، طب-وقاية، علم اجتماع، أنتروبولوجيا، علم نفس الطفل، قانون، فقه، إلخ. لذلك لن أبدِي فيها رأيًا حتى أعرف عنها أكثر، وسأكتفي بعرض تجربتي البيداغوجية المتواضعة في هذا المجال كأستاذ سابق في علوم الحياة والأرض طيلة 38 سنة (1974-2012).

 

تجربتي في تدريس ما بدا لي أنا أنه "تربية جنسية علمية بحتة" في ذلك العصر (1974، أستاذ إعدادي وعمري 22 سنة)، تدريسها  ليس كمادة تربوية مستقلة، بل كمِحورٍ مُهِمٍّ (Un chapitre important des SVT) من محاور اختصاصي (سأحكي عن نفسي فقط ولا أتحمل أخطاء بعض زملائي، هذا إذا وقعوا في أخطاءٍ بيداغوجية خلال تدريسهم لهذا المحور):

-         درّستُها لتلامذة الثالثة إعدادي منذ 1974 (التاسعة أساسي حديثًا بالعربية، والثالثة ثانوي سابقًا بالفرنسية، أي فترة المراهقة، سن 15). سنة 1974 هي أول سنة لي في التعليم.. نعم درّستُها في الجمهورية التونسية منذ 1974.

-         ماذا كنتُ أدرّس بالضبط؟ كنتُ أدرّس: 1. تركيبة الجهاز التناسلي الذكري والأنثوي ووظائف أعضائه بالتفصيل والاستعانة بقالب بلاستيك مجسّم لكل الأعضاء التناسلية الذكرية والأنثوية، مجسّمٌ قابلٌ للتفكيك والتركيب من قِبل التلامذة في حصص الأشغال التطبيقية. 2. الأمراض والإصابات المنقولة جنسيًّا (MST & IST مثل السيدا والتهاب الكبد "نوع ب"، وكيفية الوقاية منهما. 3. وسائل منع الحمل (كنتُ أطلب من تلامذتي جلبَها من أقرب مركز للتنظيم العائلي).

-         كان هذا المحور يشدّ التلامذة شدًّا، وكنتُ أدرّسه بكل مِهَنِيةٍ وجديةٍ وصرامةٍ علميةٍ، وكنتُ أقول لتلامذتي: "لا حياءَ في العلم كما لا حياءَ في الدين". من حسن حظي المِهَنِي أن تدريسَ هذا المحور بالذات لم يتسبب لي في أي مشكلة خلال مسيرتي المهنية التي دامت 38 سنة بالتمام والكمال، لا مع التلامذة ولا مع أولياء أمورهم ولا مع الإدارة، وكنتُ أرى في تدريسه مصلحة كبيرة وفائدة مباشرة للتلميذ كفرد وللمجتمع كعلاقات سليمة بين الأفراد، وأرى أيضًا في تدريسِ هذا المحور الجذّاب لاهتمام التلامذة، كل التلامذة دون تصنيفٍ سخيفٍ، أرى فيه تَجْسِيرًا بين العلم والحياة، فالعلم -هنا- خرج من دائرته الضيقة، المخابر والجامعات، خرج إلى أفقٍ أرحبَ بكثيرٍ، ألا وهو أفقُ الحياة. صادَفَ مرة أن كانت ابنتي الكبرى من تلامذتي وقدّمتُ الدرسَ كما عهدتُ تقديمَه في الأقسام الأخرى دون زِيادةٍ أو نُقصانٍ، وإيمانًا مني بأهمية التربية الجنسية ولتعميم الفائدة درّسته -وعن وعي- لولدَيَّ الآخرَين في المنزل، ولدَيَّ اللذيْن لم يسعفهما الحظ بالتتلمذ على أبيهم في السنة تاسعة أساسي.

-         في برنامج هذا المحور، لا توجد أي إشارة لتناول موضوع التحرّش الجنسي ولا الوقاية منه، وأنا، تمسّكًا ديونتولوجيًا مني بأخلاق المهنة، لم أتناوله في حصصي، لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ. لذالك أقترح إدراجَه لاحقًا، في نطاق الإصلاح التربوي المرتقَب، في محور اختصاصنا بعد تكوين أساتذة العلوم في هذا المجال تكوينًا علميًّا معمقًا على أيدي أطباء نفسانيين وأساتذة جامعيين مختصين وليس على أيدي متفقدين غير متكوّنين أكاديميًّا في هذا المجال.

 

إمضائي (مواطن العالَم البستاني، متعدّد الهُويات، l’homme semi-perméable، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً، يساري غير ماركسي حر ومستقل، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي" - Adepte de l’orthodoxie spirituelle à l’échelle individuelle):

"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

À un mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence. Le Monde diplomatique



تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 1 جانفي 2020.

 

عام 2021، إن شاء الله، وشاء معه البشر، يكون عامًا سعيدًا على الإنسانية جمعاء. آمين

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire