mardi 1 décembre 2020

نقد بعض نظريات نشوء الدين. نقل مواطن العالَم

 


نص فراس السواح

صفحة 317: نقد النظرية العاطفية في نشوء الدين: وهي التي ترى في الدين انعكاسا للعواطف الإنسانية لا استجابة لتأملات ذهنية. يمكن تلخيص العواطف، التي يرى أهل الاتجاه العاطفي وجودها وراء الدين، إلى عاطفتين أساسيتين عند البشر هما الخوف والطمع. وبما أن منتهى مخاوف الإنسان هو خوفه من الموت، ومنتهى طمعه هو الاستمرار والخلود بعد الممات، فإن هاتين العاطفتين تتعاونان على صياغة معتقد يقسم الإنسان إلى كيانين، واحد مادي وآخر روحاني. فإذا كان الموت لا بد مدرك كيانه المادي، كما تعلمنا الخبرة اليومية، فإن الكيان الروحاني سوف يجتاز واقعة الموت، ويترك سكنه المؤقت الذي آل إلى التلف إلى مستوى آخر للوجود يتمتع فيه بالحياة الأبدية.

صفحة 326: نقد نظرية الإرجاعية السيكولوجية: تبلغ عند "فرويد" أكثر أشكالها تطرفا، عندما يقرر أن الدين ما هو إلا عوارض عصابية يمكن دراستها في جملة ما ندرس من ظواهر العصاب عند البشر (...) فهو يمزج مثلا بين الحس الديني والحاجة إلى الإله المشخص الذي يقوم مقام الأب، فهذه الحاجة نَمَت منذ أيام الطفولة، وتحت إحساس الطفل بالضعف وما يستتبعه من نظرة إلى الأب القوي القادر على كل شيء. وهذه الحالة الطفيلية تتعدى عنده مرحلة الطفولة الفردية لتشمل طفولة الجنس البشري، فالمعتقدات الدينية القائمة اليوم تحمل معها طابع الأزمان الأولى التي أنتجتها عندما كانت الحضارة طفلا يحبو. وهو يرى أن العزاء الذي تجلبه لا يستحق الثقة. فالدين والحالة هذه هو مرحلة في تطور الحضارة ينبغي تجاوزها، مثلما يتجاوز الفرد أحوال الطفولة العصابية في طريقه نحو النضج. وبتعبير آخر فإن الدين هو ظاهرة عصابية على المستوى العام تعادل الظاهرة العصابية على المستوى الخاص، إنه نوع من العصاب الاستحواذي الذي يصيب الجماعة.

 

خاتمة الكاتب فراس السواح

صفحة 386: ولكن البيولوجيا والفيزياء الحديثة تشير اليوم بكل وضوح إلى أن الوعي ليس شيئا غريبا على العالم، يضاف إليه من خارجه، بل إنه بطريقة ما ناتج عن مادة هذا العالم من جهة، وإنه يعمل بعد تكوينه على إعادة صياغة العالم. فالوعي ينطوي على المادة لأنه يدركها، والمادة تنطوي على الوعي لأنها تنتجه، فهما مستقلان ظاهرا متّحدان ضمنا، في بنية كليانية تحتية غير متجزئة.

 

المصدر: دين الإنسان بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني، فراس السواح، دار علاء الدين للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1994 دمشق، 400 صفحة.

 

 

إمضاء

يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد المفيد.

لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.

 

التاريخ: حمام الشط في 27 أوت 2011.

 

 

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire