Source : Conférence
d’Anton DE GRAUWE, spécialiste des programmes, Institut International de la
planification de l’éducation, UNESCO.
النموذج الخالي من التفقد البيداغوجي
والمراقبة الإدارية
-
في
سنة 1991، قرّر الفنلنديون إلغاء العمل نهائيا بنظام التفقد بنماذجه الثلاثة
السابقة (أحيّيهم وأشدّ على أياديهم بصدق وإخلاص وسوف يأتي يوم -في تونس- نلتحق
بركبهم رغم مقاومة المحافظين الجدد والمتكلسين فكريا وعلميا والمحنطين من سياسيين
وصانعي برامج ومتفقدين وأساتذة).
-
يمتاز
التعليم الفنلندي بمدرّسين أكفاء. لا يدرّس في الثانوي ولا في الابتدائي، إلا حامل
شهادة جامعية تساوي الماجستير في الاختصاص. يتمتع المدرس في فنلندا بوضع مميّز بين
الموظفين الآخرين (ليس في المرتب) والدليل أنه في استفتاء لدى الشباب حول أفضل
مهنة ترغب في ممارستها بعد التخرج، كان الجواب بأكثرية ساحقة: "مهنة التدريس".
-
يتجمع
الأولياء ويكوّنون
جمعيات مساندة لمدرستهم التي تُشغّل أولا أولاد منطقتهم وكلّهم يعتبرون المدرسة
ملكهم الشخصي ويحافظون عليها كما يحافظون على منازلهم وممتلكاتهم الخاصة.
-
يراقب
المدرسون أنفسَهم بأنفسِهم وقد تتدخل لجنة المدرسة المتكونة من المدير والأولياء
والمدرسين بالمراقبة الإدارية وتوجه مثلا، لومًا لأستاذ كثير التغيّب عن العمل.
-
تتمتع
فنلندا بشعب متجانس الثقافة والتراث والدين والعرق ولا توجد فيه أقليات ذات تأثير
محسوس. لذلك لا يحتاجون إلى جهاز تفقد يكون من أبرز مهامه التوحيد بين الثقافات
المختلفة في الجهات والبلديات في جميع
أرجاء الوطن فهي موحدة بطبيعة سكانها المتجانسين (نحن أيضًا في تونس شعبٌ متجانسٌ).
-
تتمتع
المدرسة الفنلندية باستقلالية في التسيير والدعم والعلاج والمراقبة الإدارية
والبيداغوجية، وتُطبِّق نظاما تربويا
متكاملا ومستقلا لكنه بطبيعته متجانسًا مع ما يقع في المدارس الوطنية الأخرى ومع شعب
فنلندا المتجانس ثقافيا.
-
توجد
مراقبة مركزية عن بعد لكن لا تتدخل عند اللزوم في شؤون أية مدرسة في القطر.
ما هي نقاط القوة في
النموذج الخالي من التفقد البيداغوجي والمراقبة الإدارية؟
-
تحميل
المسؤولية للأولياء والمدرسين في تسيير مدرستهم. يرتكز هذا التحسيس
بالمسؤولية على فكرة أن التغيير لا يأتي
إلا من الداخل (قرآن: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم"،
أطلب الإذن و أنشد العذر من المليار ونصف مسلم المحترمين وأنسج على منوال الآية
لغويا وليس عقائديا ما يلي: "إن التفقد البيداغوجي لا يغيّر ما بمدرسة حتى
يغيّر مدرّسوها ما بأنفسهم").
-
يمتاز
هذا النموذج الخالي من التفقد البيداغوجي بغياب البيروقراطية.
ما هي نقاط الضعف في
النموذج الخالي من التفقد البيداغوجي والمراقبة الإدارية؟
-
يتسبب هذا النموذج في مزيد من التوتر المسلط على المدارس
الأقل تفوقا. قد يتمتع بمزايا هذا النموذج المدارس المتفوقة فقط على حساب المدارس
الأقل تفوقا رغم ندرة هذه الأخيرة في فنلندا.
-
لو استوردنا هذا النموذج في البلدان النامية فلن يُكتب
له النجاح وذلك لتدهور المستوى العلمي والبيداغوجي والتعلّمي للمدرسين والمتفقدين
وواضعي البرامج والساهرين على السياسة التربوية، ولانعدام الوعي التربوي الداعم
للمدرسة عند جل الأولياء المتمثل في استعدادهم مجانيا للإحساس بالخوف والرهبة من
تعقيدات النظام التربوي وسلطته الأدبية
المُضخمَة قصدا من الوزارة والمدير والمدرسين (أخص بالذكر تُجار العلم ومحتكري
المعرفة، المدرسون "مقاولو" الدروس الخصوصية الذين لا يحترمون ضوابط
الدروس الخصوصية ومنها توفير مكان مناسب للتعلّم وليس "ڤاراجًا" ضيقًا
وغير صحي).
-
لو أوكلنا للمدرسة جانبا كبيرا من التسيير الذاتي في
بلدان ذات شعوب غير متجانسة ثقافيا فقد لا تصل نفس الرسالة الثقافية الوطنية
الموحِّدة والمجمِّعة لكل التلامذة ولهذا السبب بالذات نجح هذا النموذج أيما نجاح
في فنلندا دون غيرها من البلدان غير المتجانسة ثقافيا.
خاتمة مواطن العالَم
-
أستشرف
سؤالا، قد تسألونه في النقاش بعد المحاضرة: هل نستطيع تمييز وتفضيل نموذج على
نموذج آخر من بين الأربع نماذج المذكورة أعلاه؟
-
الجواب:
هي أمثلة متعددة لواقع متنوع في العالم وكل نموذج منهم يتعرّض إلى مصاعب وقد
يتأقلم مع بلاد أكثر من بلاد أخرى.
-
السؤال
الآخر المهم: ما هي العوامل التي قد تؤثّر على نجاح أي نموذج من هذه النماذج
الأربعة المطروحة سابقًا؟
-
الجواب:
5 عوامل:
1. إمكانات البلاد المعنية: نأخذ مثلا بلدان
العالم الثالث: حتى ولو أرادت تبنّي برنامج طموح فلن تقدر على تطبيقه لقلة مواردها
المادية والبشرية.
2. المستوي العلمي والبيداغوجي والتعلّمي ومِهَنية
المدرسين.
3. نقص الاهتمام بالشأن التربوي وعدم إعطائه
الأولوية عند الأولياء والرأي العام في البلاد.
4. لم نتدرّب على التسيير الذاتي داخل
المدرسة.
5. مستوى وطبيعة الفروقات الاجتماعية
والثقافية في بعض البلدان ( المفروض أن واجبَ كل سلطة سياسية سوية يتمثل في السعى إلى
تخطي هذه العوائق الحضارية والتاريخية).
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 2008.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire