dimanche 7 octobre 2018

أستاذٌ يقفُ ضدَّ مشاركةِ المديرينَ في إضرابِ الأساتذةِ. مواطن العالَم د. محمد كشكار



يبدو لي - وأهل الذكر أعلم - أن مشاركة المديرين حضوريًّا في إضراب الأساتذة ومرابطتهم داخل قاعة الأساتذة كامل اليوم، تُعدُّ من باب الدمغجة والتزلّف والنفاق والتقرّب من الأساتذة النقابيين والهروب من تحمّلِ المسؤولية والتخلِّي الإرادِي عن أداء الواجب التربوي في أوقات الشدّة، وذلك - على سبيل الذكر لا الحصر - للأسباب الوجيهة التالية:
-         دون سياسة توافق سخيفة، المديرُ ليس أستاذًا لأنه ببساطة لم يعد يباشر التدريس بل يقوم بمهمة إدارية بحتة. والدليل أن في فرنسا قد يُنتدب المديرُ من بين خريجي الإدارة أو التصرّف. تتمثلُ مهمة المديرِ في مراقبةِ عمل الأستاذ إداريًّا وقد يكتبُ تقريرًا ضده لو أخلَّ هذا الأخيرُ بواجبه وقد يصل به الأمر إلى أن يخصم أجرة يوم عمل من مرتب الأستاذ المتغيّب لأسباب غير قانونية.
-         المديرُ هو ممثل وزير التربية في المعهد وهو المسئول الأول والأخير على سير العمل في المؤسسة، وهو المكلف بمهمة مراقبة  أداء الأساتذة والإداريين والقيّمين وأعوان المخابر والعملة والتلاميذ، وهو الحارس المستأمَن على البناء والجدران والسياج والتجهيزات المخبرية وغير المخبرية. وبناءً على ذلك يتوجّبُ عليه استنفار جميع قدراته للسهر على السير الحسن للعملية التربوية كامل أيام السنة الدراسية وحتى في العطل (ما عدى عطلته الشخصية بعد أن ينوِّبَ أحدَ مساعديه ليقوم بالمهمة مكانه أثناء غيابه القانوني) وخاصة يوم الإضراب لِما قد يحدث في مثل هذا اليوم  من تجاوزات من الداخل أو الخارج. لنضرب مثلا كاريكاتوريا لكنه معبّرٌ: وزير الصحة التونسي الحالي طبيب، فهل يُعقل أن يشارك حضوريا في إضراب أطباء الصحة العمومية؟
-         المديرُ هو المُنفِّذُ الفعليُّ والمباشرُ لسياسة الدولة في الحقل التربوي أما الأساتذة فهم مضربون احتجاجا على السياسة التعليمية للدولة. فهل يُعقل أن يضرب المدير ضد خطته الوظيفية؟ من حقه كفردٍ أن يكون له رأي خاص لكن ليس من حقه كمسئول أن يتخلى عن صفته الإدارية وينضمَّ إلى فئة الأساتذة المضربين ويهمل في الوقت نفسه حق الأطراف الأخرى المكوِّنة للأسرة التربوية. المديرُ المشاركُ حضوريًّا في إضراب الأساتذة والمرابطُ داخل قاعة الأساتذة صباحًا مساءً، مَثلُه كمَثل رُبّانِ سفينةٍ يترك سفينته تغرق بحجة التعاطف مع مطالب البحارة، أو قائدٍ عسكريٍّ ينحازُ يوم المعركة إلى جنوده غير المنضبطين عسكريًّا. من حقه أيضا أن يعارضَ الأداء التربوي للحكومة ويُضرب ويعتصم ضدها على شرط أن يقدّم استقالته ويرجع إلى شرفِ المحفظةِ ونُبلِ الرسالةِ البيداغوجيةِ واستقلاليةِ الأستاذِ الفردِ. 
-         قبل الثورة، كنت أشارك شخصيًّا في تنظيم وتنشيط إضرابات الأساتذة صباحا ومساءً، لكنني في الوقت نفسه كنت أقول إلى مدير المعهد ما يلي: لو وقع أدنى مشكل يهدد المعهد أو الأسرة التربوية من الداخل أو الخارج، أنا مستعد أن أقطع الإضراب وأنضمّ إلى الإدارة - وليس العكس كما يقع اليوم - من أجل المصلحة العامة ومن أجل الحفاظ على الأمانة المُناطة بأعناقنا، ألا وهي سلامة التلاميذ وسلامة المعهد، وهو الواجب المقدَّم على كل واجبٍ غيره، وتهون حقوقنا أمام واجباتنا.
-         بعد الثورة، اختلطت الأمور وتداخلت المسئوليات وغابت التراتُبية الإدارية - لا أعنِي البيروقراطية التسلطية - الضرورية لتسيير المؤسسات وأصبح شعار "ديڤاج" يُرفع من قِبل "اللِّمايَسْوَاشْ" في وجه "اللِّيَسْوَى" أكثر مما يُرفَعُ في وجه "اللِّمايَسْوَاشْ" دون رويةٍ ولا تَثبُّتٍ. وإذا بلغ الشيءُ حدَّه انقلبَ إلى ضِدِّه، وتحضرني هنا الحادثة الأليمة والمؤسفة التي وقعت في أحد معاهد الأحواز الجنوبية للعاصمة: مديرٌ محترمٌ وضميرُه حيٌّ مات كمدًا بسكتة قلبية بعد تَعرُّضِه لصاروخ "ديڤاج"، صاروخ فتاك من صنع تلامذته.

الإمضاء
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، يوم الخميس 22 نوفمبر 2012، صادف يوم إضراب أساتذة التعليم الإعدادي والثانوي (وليس يوم إضراب مديرين الإعداديات والمعاهد).




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire