dimanche 14 octobre 2018

لماذا لا نستلهم من تجارب البلدان الأجنبية الناجحة في الحقل التربوي؟ ترجمة مواطن العالم د. محمد كشكار



تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 19 أفريل 2012.

مقتطفات مقتضبة جدا من الاستنتاجات التربوية المفيدة المستوحاة من تجارب تربوية عالمية ناجحة ومتعددة:
1. المكانة الأولى للصين في امتحان "بيزا" (البرنامج العالمي لمتابعة مكتسبات التلاميذ في فهم نص مكتوب وفي الرياضيات والعلوم):
يبدو أن ثلاث حجج كبيرة قد فقدت وزنها، حجج تفسر الفشل المدرسي في البلدان الغربية: ضعف الميزانية المخصصة من الدولة، والفوارق بين الطبقات الاجتماعية، والثقافات التي لا تولي أهمية للتربية. ثلاثة عوامل مهمة لكن لا تكفي وحدها لتفسير النتائج المدرسية:
- بين 1970 و1994، و في عديد البلدان الغربية زادت ميزانية التعليم ضعفين أو ثلاثة أضعاف، ورغم هذا المجهود المادي الملحوظ لم تتحسسن النتائج إذا لم نقل أنها في تراجع. في أمريكا مثلا حيث تصل تكلفة تعليم تلميذ واحد أعلى نسبها، نجد هذا البلد في آخر ترتيب الدول المتقدمة في التعليم الثانوي. حسب تقدير أحد المختصين لا تدخل اعتبارات الميزانية إلا بنسبة 10 بالمائة في تغيير النتائج المدرسية.
- أكدت دراسات بريطانية أن خطر الفشل المدرسي يظل أكثر ارتفاعا عند التلاميذ الفقراء. وهذا ما أكدته أيضا الدراسات الأمريكية بقولها أن 60 بالمائة من النتائج المدرسية تتوقف على عوامل خارجية عن المدرسة مع العلم أن استراليا تحصلت على الرتبة التاسعة المشرّفة في امتحان "بيزا" رغم الفوارق الكبيرة في الدخل بين أجرائها وأما الصين فقد فازت بالمرتبة الأولى رغم أنها تُعدّ من أكبر المجتمعات غير المتكافئة طبقيا.
- يلعب المستوى الثقافي للأسرة - دون أدنى شك - دورا تربويا هاما. يتابع الأولياء الآسيويون نتائج أبنائهم أكثر من نظرائهم الأوروبيين ويساهمون بذلك في إنجاح مدارسهم. لذلك تتصدر منصة التتويج التربوي دول كسنغفورة وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية.
2. ما هي إذن مفاتيح النجاح؟
لا يوجد نموذج واحد، لكن تتراءى لنا أربع مسارات للخروج من المأزق: اللامركزية التي تتمثل في إعطاء أكثر استقلالية للمؤسسات التربوية مع المحافظة على الاختيارات الكبرى في وحدة البرامج على المستوى الوطني، والاعتناء أكثر بالتلاميذ المتعثرين في دراستهم، وتنويع المؤسسات التربوية و انتداب مدرسين من ذوي الكفاءات العالية:
- يُعَدُّ النظام التربوي البولوني من أكثر الأنظمة التربوية لامركزية في العالم. تتكفل البلديات بتمويل المدارس بعد أن تأخذ منحة نسبية من الدولة حسب عدد التلاميذ المرسمين في ترابها. يتمتع رؤساء المؤسسات التربوية بكفاءة وحرية في انتداب المدرّسين مباشرة وفي التصرف في الميزانية المخصصة لكل مدرسة. لذلك تجد بولونيا مكانها ومكانتها في الترتيبات العالمية.
- تراجعت أفضل المدارس الصينية عن هَوَسِها ووَلَعِها بـ"النوابغ" و"العباقرة" وشرعت في تدعيم التلامذة المتعثرين، وهذا ما لم تفعله بريطانيا مما أثر على نتائجها المدرسية العامة.
- سمحت الحكومة البريطانية، منذ توني بلير، بتأسيس "مدارس حرة" (ليس بالمعنى المتداول عندنا في تونس) ووضعتهم تحت تصرف الأولياء والمنظمات الخيرية والجمعيات لكن التمويل بقي من اختصاص الدولة. بدأ العدد بـ 203 في ماي 2010 وبلغ اليوم (2012) 1635 "مدرسة حرة".
- بعض البلدان، كفنلندا أو كوريا الجنوبية، لا تنتدب من الأساتذة إلا الأوائل وترفع أجورهم على هذا الأساس. بريطانيا توفر منحا في الاختصاصات التي تشكو من نقص. أمريكا تجرّب التمييز بين المدرّسين ودفع الأجر حسب الاستحقاق وكفاءة المدرّس وهذا ما تعارضه دومًا نقابة المدرّسين.
3. كيف نجح الفنلنديون؟
- إجبارية التعليم من سن السابعة إلى سن السادسة عشرة.
- يتردد التلميذ الفنلندي على المدرسة من الاثنين إلى الخميس، لكنه يُنهي يومه في أكثر الأحيان على الساعة الثانية بعد الزوال مما يترك له كثيرا من الوقت لممارسة الرياضة وأنشطة ترفيهية أخرى.
- نصف التلاميذ الذين هم في سن الخامسة عشرة، يختارون شعبة تقنية. لذلك لا يقبل المعهد الثانوي العام إلا التلاميذ الذين هم في سن 16 - 19 والراغبين حقا في دراسة المواد النظرية.
- يَعُدُّ التلاميذ بأنفسهم برنامج توقيت دراسة المواد الاختيارية.
- يَنْصَبُّ تركيز المدرسة الفنلندية على تدريس اللغات والرياضيات لأن هذين المادتين الأساسيتين يكوّنان الأدوات الذهنية والفكرية الضرورية لفهم بقية المواد الأخرى.
- التلامذة ليسوا مُجبَرين على حضور الدروس لكي يُسمح لهم باجتياز الامتحان ويستطيعون أيضا اجتياز امتحان السنة الموالية قبل وقته المحدد من قِبل الإدارة.
- يستطيع تلميذ المهني أو التقني الالتحاق بالتعليم العالي العام بعد اجتياز أربع امتحانات كتابية إجبارية.
- لو يُوجد هناك شيء يجب أن يقال في تحليل نجاح التعليم الفنلندي، فهو الأهمية التي تَحْضَي بها المطالعة والقراءة لدى المدرّسين والسلط العليا.
4. كيف نجح المَجَريّون؟
- يُخصَّصُ خُمُسُ كل حصة تربوية لحل المشاكل العلمية جماعيا. يجب على التلاميذ إذن، أن يتعاضدوا ويتناقشوا فيما بينهم بالحجة والدليل ويتواصلوا ويعينوا الضعفاء من زملائهم. وهذا النشاط الجماعي يُكسِبُهم مفردات لغوية ثرية ودُربة على المحاجّة، كفاءات مكتسَبة تمنحهم بدورها ثقة بالنفس وتسمح لهم بأخذ الكلمة في أي وسط فكري، فيدركون أن فقرهم وأصلهم الاجتماعي ولون بشرتهم، صفات لا تعني أنهم ليسوا موهوبين. يقول المدرّسون المجريون أنهم يُلقون دروسهم بطريقة تجعل التلميذ يتطلع مشتاقا للتعلّم:
- شهادة تلميذ: "عندما أعمل داخل مجموعة، لا أحس بالرهبة، لأنني أعرف أنني لا أعمل من أجل الحصول على عدد". "عندما يكون بجانبنا مَن نسأله العون، لا نحس أبدا بالخوف".
- شهادة مديرة: "النتائج المدرسية تنطق بنفسها وعلى نفسها: لا يوجد غياب غير مبرّر ولا رسوب وتلامذتنا كلهم ينجحون في مناظرات المنطق (
la logique)".
- شهادة مدرّس: " الغريب أن التلامذة استغنوا عن خدماتي وأصبحوا لا يحتاجون إليّ لأنهم اكتسبوا القدرة على بناء معرفتهم بأنفسهم (Ajout du Dr M. K : c’est le socio-constructivisme de Piaget et Vigotsky). لقد تحسّن الحافز المعرفي لدى التلاميذ بصفة ملحوظة، خاصة عند المشوّشين من التلامذة المتعثرين في دراستهم. لم أعد اليوم في حاجة للجري ومحاولة تجميع "وحوشي الصغيرة" بعد فترة الاستراحة، على العكس أجدهم ينتظرونني في القاعة بكل صمت واحترام. كل واحد منهم ينتظر دوره في أخذ الكلمة. أشعر أنني أعيش في كوكب آخر! لقد أنتجَت هذه الطريقة تغييرات مثيرة للإعجاب في وقت قصير نسبيا". "هذه الطريقة تساعد أيضا على تطوير الثقة بالنفس لدى التلاميذ، تعالج وتقلّل من ظاهرة العنف المدرسي لديهم. قديمًا، وفي قسم تقليدي يجمع عددا كبيرا من التلامذة المحرومين، أربعة أو خمسة فقط يسمعونني بآذان صاغية: هم فقط مَن يفقه ما أقول أما 40 إلى 50 في المائة من تلامذة القسم فلا يستطيعون ولا يقدرون على متابعة الدرس، دائما نفس التلامذة النجباء هم الذين يرفعون أصابعهم، والأستاذ يعتقد أنه حقق نجاحا باهرا، وبِاتِّباعِ الطريقة البيداغوجية المبتكرة، أصبح على أكثر تقدير 1 أو 2 في المائة فقط من التلاميذ ممّن لا يتابعون الدرس وهذه نسبة قليلة جدا".
إمضائي
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
Aimer, c`est agir. Victor Hugo

Source: Journal français: Courrier international, n° 1118, du 5 au 11 avril 2012, page 14-21, ensemble d’articles, intitulé : Education, les recettes qui marchent ailleurs
Haut du formulaire

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire